+A
A-

المدرب طرّادة: شهادات الدورات المباعة حبر على ورق

لقد أصبحت الدورات التدريبية بشتى أنواعها وتطوير الذات من الأمور المهمة في حياة الأفراد، وليست نوعا من الكماليات الاستهلاكية غير الضرورية، ولذلك ظهرت الحاجة إلى مهنة المدرب.

ويعكس ازدهار العمل في مجال التدريب وعي المجتمع بثقافة التنمية البشرية، والذي سبقنا فيه الغرب بحقبة زمنية بعيدة، واليوم لا تكاد تدخل إلى مواقع التواصل الاجتماعي أو شبكة الإنترنت إلا وتشاهد إعلانا أو أكثر عن التدريب والتنمية البشرية، ففي حين يرى البعض أن الدورات التدريبية أمر في غاية الأهمية، يرى آخرون أنها بيع للوهم واستدراج للشباب الباحث عن خبرات، ووسيلة لملء الجيوب، ومهنة من لا مهنة له!

ولتسليط الضوء على هذه القضية والإجابة عن التساؤلات العالقة بشأن عالم التدريب والمدربين، التقينا القيادي التربوي ومدرب المدربين ومؤلف كتابَي “حكاية التدريب”، و”حكاية التدريس” محمود طرّادة، وأجرينا معه الحوار التالي:

 

التدريب كمهنة، ما قواعدها وأخلاقياتها؟

هناك 5 أخلاقيات أدرجناها في كتاب “حكاية التدريب”، دعونا المدربين إلى تبنيها كقيم، أهمها العطاء اللامحدود، وعدم احتكار المعرفة، والتواضع بكل الجوانب، والصدق في المعلومات، والوفاء بالوعود، واحترام عقول المتدربين ومهنة التدريب، والاهتمام بالذات وتطويرها، وعدم انشغال المدرب بغيره من زملاء مهنته.

 

هل يكفي حضور دورة تدريب مدربين للحصول على مسمى مدرب؟

دورة تدريب المدربين لا تكفي ليكون المتخرج منها مدربا، بل يجب ممارسة مهنة التدريب؛ للحصول على الخبرة اللازمة، فإذا ما زاول مهنة التدريب وأصبح متمكنا ذا كفاءة في المجال، فيطلق عليه مسمى مدرب، فمجال التدريب كما هو بحاجة إلى الموهبة يحتاج الخبرة بشكل أكبر.

لماذا يفضل الناس حضور الدورات التي تمنح شهادات معتمدة؟

يسأل المتدربون عادة إن كانوا سيحصلون بعد الدورة على شهادة معتمدة، ولكنهم على الأغلب لا يعرفون طريقة اعتمادية الشهادة، فالشهادة المعتمدة هي التي تؤكد وجود المعايير فيها معهد معتمد ومصدقة من وزارة العمل، وغيرها من الشهادات ليست ذات قيمة أو اعتماد إن لم تكن مصدقة من جهة رسمية معترف بها، وقد لا تعود بالنفع على من يحصل عليها.

 

كيف يمكن للمتدرب أن يُشخِّص المدرب الجيد والدورة التدريبية الجيدة؟

إن مقدار المحصلة المهارية التي يخرج بها المتدرب، ومقدار ما سيطبقه بنفسه في حياته واستمرارية تأثير هذا التدريب هي المعايير التي يمكن أن نميز بها كفاءة المدرب وجودة التدريب، وليس مقدار استمتاعه بالدورة وفنياتها والتأثير المؤقت لها، بل انعكاس هذه الدورة على حياته ومقدار التغيير التي تحدثه فيه.

أحيانا يكون حضور العديد من الدورات له ميزته على حياة الفرد، فيصبح بالتالي قادرا على التشخيص، وقد يتمكن من ذلك عن طريق سؤال عدد من المختصين عن شأن الدورة، وعن ماهية المادة العلمية بها وجودة التدريب.

 

لماذا أسعار بعض الدورات باهظة الثمن؟

ربما يعتقد بعض المدربين أن سعر الورشة دال على كفاءته أو رقيِّه في مجال التدريب، وهذا خطأ حاصل للأسف، إن سعر الدورة المرتفع يبعث للناس رسالة بأنها ذات جودة وعطاء كبير، في حين أنها قد لا تكون كذلك، بل يجب أن يقاس سعر الدورة بما تستحقه بحسب قيمتها العلمية ودرجة العطاء المبذول فيها، وما يصرف فيها من كماليات أخرى كمكان إقامتها وضيافته والأمور الكمالية المصاحبة، وإلا فإنها تكون إجحافا بحق المتدرب، وبخسا لماله.

فيجب أن يكون هناك وعي من جانب الناس في المورد الذي سينفقون به المال، ومقدار استحقاق الدورة من عدمها، وذلك مقارنتها بمثيلاتها من الدورات والخدمات المقدمة معها.

لماذا لا يوجد فئة مراقبة على مسألة بيع الشهادات والاعتمادات؟

هناك جهة مراقبة، وهي وزارة العمل وحماية المستهلك التي تتابع هذه المسألة إن حصلت على شكوى بهذا الخصوص، وفي الواقع أنا لست مع بيع شهادات الدورات إن كانت مجرد حبر على ورق غير معترف بها من وزارة العمل أو جهة رسمية.

لماذا لا توجد شروط معينة في المتدربين لدخول الدورات التدريبية، أو تقديم امتحانات نهاية الدورة لضمان اكتساب المتدرب المعرفة الكاملة؟

عادة لا يكون هناك شروط في التدريب الفردي، فلا تحتاج أغلب الدورات شروطا في المتدربين إن كانت ذات شأن عام، كثرة الذهاب إلى موارد العطاء والعلم يبني ويطور الإنسان، وهذه الدورات ليست نوعا من الترف، بل لها أهمية كبيرة في تحسين ذاته وتغييرها للأفضل، ولا داعي لتقييمه على مخرجاتها. أما إذا كانت الدورة تمنح أدواراً مجتمعية أو مسميات خاصة، كمرشد اجتماعي أو مرشد أو ممارس أو “كوتش” من دون معايير معينة، فهذا يشكل خطورة إن تمت ممارسة هذا الدور بشكل خاطئ، خصوصا إنْ كانت الشهادة المعطاة له من دون تقديم امتحان أو الحصول على تقييم في نهاية الدورة لضمان جودة التعلم.

 

لقاء الطالبة: زينب الشيخ