+A
A-

الأندية الرياضية الصحية.. رقابة غائبة ومدربون بلا كفاءة

تنتشر الأندية الصحية الرياضية في مملكة البحرين بكثرة، سواء تلك الموجودة في الفنادق أو الأندية الخاصة باللياقة البدنية والتخسيس والرشاقة وبناء الأجسام (gym) والتي بدأت تستقطب أعدادًا كبيرة من كلا الجنسين وخاصة الشباب، حتى أصبح الذهاب للنادي بمثابة “الموضة”، فيما يمارس الغالبية الرياضة بهدف تعزيز الصحة العامة أو تخفيف الوزن أو زيادة معدل اللياقة البدنية والحصول على القوام المتناسق وتحسين المزاج العام والصحة النفسية، مما أدى إلى تزايد أعداد الأندية الصحية بكثرة سعيًا وراء الربح المادي دون وجود رقابة حقيقية على أدائها وخدماتها.

في معظم الأندية والصالات الرياضية الصحية، يستقبلك عامل أو موظف آسيوي مهمته تحصيل الاشتراكات وتسجيل أسماء المشتركين دون إشراف فني من مدربين متخصصين، أو معرفة حقيقية بتقنيات هذه المعدات والأسلوب الأمثل للتعامل معها، كما أن هناك بعض الأندية تقدم المنشطات للشباب والمراهقين!

والخطورة تكمن في أن هذه المراكز والأندية لا تبيع سلعًا تجارية ولكنها تتعامل مع جسم الإنسان وصحته، وخلال الفترة الأخيرة شهدنا حالات كثيرة للموت المفاجئ أثناء ممارسة الرياضة كان آخرها وفاة الزميل الصحفي الرياضي جعفر الملا أثناء ممارسة الرياضة في أحد الأندية الصحية، تبعه وفاة حسن شملوه بنفس النادي الصحي، وهو ما يفتح المجال أمام العديد من التساؤلات حول مدى تطبيق تلك الأندية للاشتراطات الصحية والرياضية والمهنية منعًا لحدوث مثل تلك الحالات.

أندية بلا رقابة

تبدأ مشكلة تلك الأندية في انعدام الرقابة، فمعظم المؤسسات في الدولة تخضع لرقابة الوزارات والهيئات المرتبطة بها، فعلى سبيل المثال وزارة التربية والتعليم تشرف على المدارس العامة والخاصة ومجلس التعليم العالي يشرف على الجامعات، ووزارة الصحة تشرف على المستشفيات العامة والخاصة، ووزارة الشباب والرياضة تشرف على الأندية والمراكز الشبابية، ولكن من يشرف على تلك الأندية الصحية؟

من يرغب في إنشاء ناد صحي فإنه يبدأ باستخراج سجل تجاري من وزارة الصناعة والتجارة ومن ثم يطبق بعض الاشتراطات الأولية الخاصة بالوزارة ذاتها ووزارة الصحة والبلديات والدفاع المدني و...إلخ، في مراحل الإنشاء الأولى للمشروع، وفي المراحل التالية لعملية التشغيل فإن الرقابة غائبة تمامًا عما يدور في تلك الأندية من تجاوزات ومخالفات في ظل غياب الرقيب المباشر على تلك الأندية، حيث إن هناك تداخلاً كبيرًا في عمل تلك الأندية ما بين وزارة الصحة ووزارة الشباب والرياضة ووزارة الصناعة والتجارة، وهو ما يستوجب التنسيق بين الجهات الثلاث لتنظيم عمل الأندية الصحية لتكون تابعة لإحدى تلك الوزارات بشكل مباشر ووضع أنظمة ولوائح وضوابط تنظم عملها.

بدون شهادات صحية

تستقبل الأندية الصحية كل من هبّ ودبّ من المشتركين من كلا الجنسين، وتقدم حسومات وعروضًا شهرية ونصف سنوية وسنوية مغرية تأتي غالبًا على حساب الجودة ومستوى الخدمة لاستقطاب أكبر عدد من الزبائن ودون وضع اشتراطات صحية محددة لقبول المشتركين تفاديًا لوقوع أي مشكلة في المستقبل قد تؤدي إلى الوفاة.

ويفترض أن يكون هناك تشريع على الأندية بتطبيق نظام الفحص الطبي الشامل قبل قبول اشتراك أي شخص في النادي، فعندما يجتاز الزبون الاختبارات الصحية سواء في إحدى المستشفيات الحكومية أو الخاصة ويحصل على شهادة اللياقة الصحية الشاملة يقبل في النادي مباشرة، ودون الحصول على تلك الشهادة ينبغي أن لا يقبل أي مشترك، فالكثير من المشتركين ربما يعانون من أمراض في القلب أو الجهاز الدوري التنفسي ومشاكل صحية أخرى وهم لا يعلمون بها وهو ما قد يعرضهم إلى الوفاة نتيجة الجهد البدني الزائد بالإضافة إلى عدم سلامة القلب أو أي عضو آخر في جسم الإنسان.

مدربون بلا كفاءة

مثلما يحتاج المشترك في النادي الصحي إلى شهادة لياقة صحية، يجب أن يمتلك المدرب شهادة معتمدة من إحدى الجهات سواء الصحية أو الرياضية في علم التدريب أو اللياقة البدنية أو التغذية وكل شيء له علاقة بالرياضة والتخسيس من خلال برنامج تدريبي متكامل تشرف عليه وزارة الصحة ووزارة شؤون الرياضة يجتازه المدرب لكي يتمكن من مزاولة مهنة التدريب.

ما هو حاصل حاليًّا أن الأندية الصحية تتعاقد مع مدربين لا يتمتعون بالكفاءة والخبرة اللازمة، وربما أنهم يمارسون مهنة التدريب بصورة عشوائية وبخبرات معرفية متواضعة جدًّا، وهناك مدربون وجودهم من عدمه واحد ويقومون بمهام خدمية أكثر منها تدريبية، وهناك صالات وأندية لا يوجد بها مدربون نهائيًّا مما يفتح الباب على مصراعيه للزبون لمزاولة التدريبات الصحية من دون استشارة ومعرفة كاستخدام الأحمال التدريبية الثقيلة ومضاعفة الجهد البدني وممارسة الرياضة لفترة طويلة لا تتناسب مع قدرات الرياضي، علاوة على استخدام الأجهزة الرياضية بصورة خاطئة و..إلخ من الأخطاء التي يقع فيها المشترك نتيجة لعدم وجود المرشد وانعدام كفاءة المدرب أو غيابه تمامًا.

فالشخص ينبغي أن لا يمارس الرياضة وفقًا لمزاجه وأهوائه الشخصية وإنما يجب أن يخضع لبرنامج ونظام رياضي يتناسب مع قدراته وإمكانياته البدنية حتى لا يتعرض لأي مضاعفات صحية أو إصابات مختلفة.

الإسعافات الأولية

تعتبر الإسعافات الأولية من أهم وسائل الأمن والسلامة التي يجب أن تتوافر في الأندية والصالات الرياضية الصحية، وفي ظل انعدام الرقابة على تلك الأندية هل نتوقع بأن تكون جميع تلك الأندية ملتزمة بتوفير الإسعافات الأولية للتعامل مع أي حدث صحي طارئ للمشتركين!!

الإجابة، بالطبع لا، وهو ما يستدعي وضع سلسلة من الاشتراطات اللازمة مثل توفير الإسعافات الأولية حماية للمشتركين والتعامل السريع مع أي إصابات ناتجة عن ممارسة الرياضة أو أي حادث عرضي لا سمح الله.

توجيهات ناصر بن حمد

في إطار متابعة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة لحالات الوفاة في صالات التربية البدنية “جيم” الأخيرة، وجّه سموه اللجنة الأولمبية البحرينية بضرورة التعاون مع مختلف الجهات ذات العلاقة لتشكيل لجنة تقوم بدراسة حالات الوفاة والأسباب التي أدت إلى وفاة شابين في أسبوع واحد.

وقد جاءت تلك التوجيهات في وقتها المناسب لإصدار اشتراطات وتشريعات جديدة تتوافق مع المرحلة الحالية لتضمن الارتقاء بعمل الصالات الرياضية وتحافظ على سلامة مرتاديها.