+A
A-

الحمدان يتحدث عن “الكوميديا في المسرح” بأسرة الأدباء

أقامت أسرة الأدباء والكتاب وضمن برنامجها الاسبوعي يوم أمس الأول ندوة بعنوان “الكوميديا في المسرح” تحدث فيها الناقد والمخرج يوسف الحمدان وسط حضور عدد من المهتمين والفنانين. الحمدان شخص في الندوة الحالة الكوميدية في المسرح البحريني وطرح عدة تساؤلات كما توقف عند أبرز التجارب الكوميدية في المسرح البحريني، وفيما يلي أبرز ما جاء في الندوة.. يقول الحمدان:

إن تشخيص الحال الكوميدية في المسرح البحريني، يقتضي منا أولا أن نطرح على أنفسنا هذه الأسئلة: هل يوجد مشروع مسرحي كوميدي في المسرح البحريني؟ وإذا كانت هناك نواة لهذا المشروع، فلماذا لم تتشكل لتصبح مشروعا مسرحيا كوميديا، له فضاؤه الفني المتناغم بدءا من ناسج العرض وانتهاء بالمتفرج؟ ثم هل يجدر بنا أن نعتبر الكوميديا في حالتنا المسرحية في البحرين عموما، نوعا فنيا موازيا للأنواع الأخرى في حراكنا المسرحي حتى يستحق أن يكون مشروعا مسرحيا جديرا بالاهتمام؟ أم نوعا طارئا وآنيا؟

فلو ألقينا النظر قليلا، على هذه الحال المسرحية، سنصل إلى أن الكوميديا في المسرح البحريني لم تكن مشروعا في الأساس، هيأت له فرقة أو جماعة، أو مؤسسة مسرحية، والدليل هو أن فرقنا المسرحية كلها وليس بعضها أو أغلبها، لم تمنح الكوميديا، مقارنة بالأنواع الأخرى في المسرح، كبير اهتمامها أو بعضه، إلا فيما ندر، ربما كانت الاسكتشات المسرحية أو التمثيلية الأربعينية والخمسينية في البحرين، نواة لحراك كوميدي مسرحي، نظرا لعبورها الاجتماعي الساخر على بعض القضايا التي تلامس هموم المواطن ومعاناته.

وفي هذه السانحة لا يمكن أن نبخس الفنان الكبير محمد عواد أحد أهم رواد الحركة المسرحية في البحرين، نبخسه حقه الريادي في هذا الشأن، عندما قام بتأليف وإخراج مسرحية فرقة أوال الأولى (كرسي عتيق) وأعقبها بالثانية (مالان وانكسر)، هاتين المسرحيتين اللتين اتكأتا على حس كوميدي شعبي ناجم عن اعتجان في مختبر الارتجال العفوي الأولي في مدرسة الأندية، تمكن من أن يبلور شكل الكوميديا وفضائها الأول في المسرح البحريني، وأن يخلق بموازاتها جمهورا للمسرح الكوميدي الساخر.

ويضيف الحمدان:

ولكن ماذا بعد هاتين التجربتين؟ هل تحقق المشروع الذي يحلم بتجلياته الفنان محمد عواد وبعض أقرانه وزملائه؟ أم توزعت نواته حتى تداخلت في تجارب مسرحية أخرى للفرقة، بالرغم من أهميتها الفنية والفكرية، إلا أنها لم تجاور في أهميتها المشروع الذي ينبغي أن تبنى على لبناته لبنات أكثر نضجا ورسوخا في فسح الكوميديا الاجتماعية الساخرة لفترة ليست بقصيرة طبعا.

بالرغم من كم الأعمال المسرحية الكوميدية التي قدمها المسرح البحريني، بدءا من السبعينيات وحتى يومنا هذا، إلا أنها لم تتمكن من أن تحظى بحيز تراكمي يدفع القارئ للتجربة برصد تحولاتها وتطوراتها وأنواع رؤاها ومقترحاتها الفنية والفكرية على المسرح والمتفرج معا، باستثناء تجربتين جديرتين بالوقوف والاهتمام، تتمثلان في التجربة النصية في الكوميديا للكاتب المسرحي عقيل سوار والكاتب والروائي والسيناريست أمين صالح.

نصوص سوار كانت فتحا كوميديا جديدا في حراكنا المسرحي عبر فرقة أوال المسرحية، وخاصة مسرحية البراحة وسوق المقاصيص وبنت النوخذة، التي أعادت الروح الكوميدية إلى حراكنا المسرحي بعد انصراف وانقطاع عنها تجاوز العقد تقريبا، كما حفزت الحس الكوميدي الشعبي الذي انغمر به فنانو السبعينيات الذين عايش وشارك أغلبهم في التجارب الكوميدية الأولى التي قدمها مسرح أوال، من بينها مسرحيتي (كرسي عتيق) و(ما لان وانكسر)، ومن بين هؤلاء الفنانين، المخرج عبدالله يوسف وابراهيم البنكي، ابراهيم الغانم، المرحوم جاسم شريدة، سامي القوز، المرحوم محمد البهدهي، جاسم الصائغ، أحمد عيسى، محمود الملا، ابراهيم بحر، عبدالله وليد، إلى جانب الماكيير القدير عزيز مندي.

أما نصوص الكاتب أمين صالح الكوميدية، فقد أخذت بعدا مغايرا تماما لنصوص سوار.

في هاتين التجربتين لصالح، يتشكل فريق آخر من الشباب يقتحم حقل الكوميديا، من بينهم الفنانين حسن محمد، مصطفى رشيد، أمين الصائغ، أحمد مجلي، علي الغرير، خليل الرميثي، أحمد مبارك، هاني الدلال، وسامي رشدان وحسن العصفور، بل إن بعضهم انفرد بتجارب كوميدية لم يكتب له بعدها الاستمرار في الحفر في مجالها، من أمثال الفنان والمخرج مصطفى رشيد في مسرحيته المتميزة (كوكتيل) وهاني الدلال في مسرحيته (اوراق).

وهناك نماذج لها حضورها الكوميدي المميز واللافت، من أمثال الفنانة الشعبية القديرة سلوى بخيت والفنانة سعاد علي والفنان الشعبي الممثل والمخرج ناصر القلاف، والفنان المخرج أحمد الصائغ، والفنان سعد البوعينين، والفنان عبدالله ملك الذي أخرج سوق المقاصيص لعقيل سوار، ولكن وكما أسلفت فإن غياب المشروع هو ما يجعل أوراقنا الكوميدية في المسرح مبعثرة.

ويتابع الحمدان:

في البحرين الآن، تجربة مسرحية كاريكاتيرية مهمة، متى ما تم استثمارها جيدا والبناء عليها، وهي تجربة مسرح البيادر في عرضيه (بلاليط) التي حاز فيها الفنان الشعبي الشاب المتدفق عادل جوهر جائزة أفضل ممثل دور أول في مهرجان الفرق المسرحية الاهلية الخليجية الذي أقيم العام الماضي بصلالة سلطنة عمان، و(ديايه لو طارت) والتي أيضا قام بدور محورها الأساس الفنان نفسه.

هذان العرضان ممكن أن يكونا مشروعا مسرحيا كوميديا مهما في البحرين والخليج العربي، إذا استوعب فريق العرض أفق ما يتبناه من رؤية لهذا المسرح، وإذا ما كرس جمال الصقر والمخرج لمسرحية بلاليط (أحمد جاسم)، خاصة، جل اهتمامهما بهذا التوجه.

العروض المناسباتية، استطاعت أن تخلق نجوم شباك، ولكنها لم تستطع أن تخلق مشروعا مسرحيا كوميديا، يتكئ وينطلق من رؤية عميقة في المسرح والحياة.

المشكلة الأكبر، أن من يتبنى مشروع الكوميديا في مسرحنا الآن هو المنتج التجاري الذي يعتاش على آلام البشر ويسطح طموحاتهم وأحلامهم، بتسذيجه للقضايا الاجتماعية والسياسية عبر الضحك على من يؤدي الدور.

إن طبيعة العروض التي يقدمها في الغالب المسرح التجاري، لا تختلف عن سمات المهزلة، وهناك فرق بين المهزلة والملهاة أو الكوميديا، ولنا في هذه السانحة أن نتوقف عند مهرجان الريف المسرحي التاسع للأعمال الكوميدية الذي أقيم في أغسطس عام 2017، وهو بلا شك يعتبر أول مهرجان مسرحي يحتفي بالكوميديا وجمهورها في مملكة البحرين.