+A
A-

مشوار شراء شقة.. الدلالون يتحكمون بالسوق

اشتكى مواطنون يرغبون بشراء شقق وبيوت تمليك، خصوصًا أولئك المستفيدين من برامج وزارة الإسكان، من السماسرة والدلالين والوسطاء الذين يتلاعبون في السوق العقاري ويتحكمون بالأسعار.

وأوضحوا في حديث مع “البلاد” أن الدلالة أصبحت مهنة من لا مهنة له، فمعظم هؤلاء ليس لهم علاقة بالموضوع، وكل الفكرة أن لديهم مجموعة عقارات يروجون لها ويحاولون اصطياد الزبائن وخداعهم، بل ويتعدى ذلك إلى خداع أصحاب هذه العقارات.

ودعوا مؤسسة التنظيم العقاري الجديدة إلى تنظيم هذه المهنة ووضع شروط ومتطلبات للعاملين فيها، مع إلزامهم بعدم التلاعب بالناس واستغلالهم وذلك بقوة القانون. ويقول حمد سلمان، الذي يريد شراء شقة يستقر بها هو وعائلته أن الدلالين “لعبوا” به وحاولوا خداعه أكثر من مرة، فضلا عن أنهم أضاعوا عليه الكثير من الوقت خصوصًا عند ضرب مواعيد معهم ليروه بعض الشقق المتوافرة لديهم، لكنه يفاجئ بأنها بغير المواصفات التي يريدها رغم أنه أبلغهم بذلك مسبقًا.

وأكد أن هؤلاء الذين اعتبرهم دخلاء على المهنة، يتلاعبون بالأسعار ويتحكمون فيها، فالمالك يضع عمارته أو بيته لديهم ويطلب سعرًا محددًا، فيقومون هم بالإعلان والترويج عن العقار بأسعار أعلى في محاولة لكسب فرق السعر.

وتابع “كدت أقع في مصيدة أحدهم الشهر الماضي، حيث عرض لي شقة بـ 72 ألف دينار في منطقة الرفاع، وأقنعني بأن هذا السعر مناسب جدًّا ويتماشى مع أسعار السوق، وبالفعل تم الاتفاق وعند اجتماعي مع صاحب العقار، وخلال الحديث كشف لي بأنه يريد البيع بـ 65 ألفًا، ما يعني أن الدلال يريد أخذ 7 آلاف دينار فوق حصته المتعارف عليها والبالغة 1 % من البائع و1 % من المشتري”.

وأضاف سلمان “قلت للمالك هو طلب مني 72 ألفا، فكان جوابه: ليس لي علاقة بما جرى بينكما فأنا اتفقت مع الدلال على 65 ألفا، وهو يبيع بحسب شطارته، على حد تعبيره”.

وأكد أنه استطاع إرجاع مبلغ “العربون” البالغ ألف دينار بشق الأنفس وبعد شجار وتهديد بالذهاب إلى الشرطة وفتح قضية بالموضوع.

إلا أن لمحمد عزام قصة أخرى، حيث يروي بأن أحد الدلالين حاول خداعه بمساحة الشقة، فقد أكد له بأن مساحتها 168 مترًا، وبناء عليه تم الاتفاق ودفع المقدم الذي أخذ مقابلة وصلا رسميًّا.

وتابع “حضرت اليوم الثاني إلى المكتب لكتابة العقد بحضور المالك، وعند تدقيقي بالأوراق وبمخطط الشقة أتضح أن مساحتها 161 مترًا فقط، (...) غضبت واعتبرت ذلك محاولة لخداعي فيما حاول الدلال إقناعي بأن 7 أمتار ليست بالمساحة الكبيرة ولا تؤثر بالشكل العام للشقة”.

من جهته، يقول أبو أوس – كما أحب أن نطلق عليه – بأن له 3 شهور في دوامة شراء شقة، حيث يعتمد على الإعلانات التي يعرضها الدلالون في وسائل التواصل الاجتماعي لكن المشكلة تكمن في أن التفاصيل المذكورة في الإعلان في واد والحقيقة على أرض الواقع في واد آخر.

وبين أنه يقرأ مواصفات الشقة بالإعلان فيجدها مناسبة من حيث الموقع والمساحة والسعر، والأهم من ذلك التفاصيل (التقسيم) الداخلية، ولكن عند رؤيتها يجدها مختلفة اختلافًا كبيرًا، مؤكدًا أنها حالة تكررت معه عشرات المرات.

ودعا أبو أوس الدلالين إلى ضرورة الدقة والمصداقية بالإعلان لأنهم بذلك يضيعوا عليه الوقت والجهد.

ووصف أبو أوس سوق العقارات العادية (البيوت والشقق التي تناسب الناس العاديين) بـ “الفوضى” محملا الجهات المعنية المسؤولية الكاملة حيث عليها، بحسب رأيه، ضبط المسألة ووضع شروطًا لمن يريد العمل بالدلالة على رأسها المصداقية.

عن ذلك، يقول رئيس جمعية العقاريين البحرينية ناصر الأهلي “للأسف أصبحت الوساطة (الدلالة) مهنة من لا مهنة له، خصوصًا في السنوات الأخيرة، وبعض هؤلاء يضر بالسوق العقاري وبسمعة القطاع”.

وأكد أن الجمعية ومنذ تأسيسها في العام 2000 تسعى لتنظيم هذه المهنة والحد من التجاوزات التي يرتكبها البعض والتي تضر بالناس، والتي ركزت على المصداقية ووضع قواعد واتفاقات، ودعت الجميع الالتزام بها.

وعاد الأهلي ليشير بأن هؤلاء قلة ولكن – للأسف – أضروا بسمعة القطاع.

وبيّن أنه يستبشر خيرًا الآن بعد ولادة مؤسسة التنظيم العقاري والتي بدأت العمل منذ شهرين تقريبًا، لتنظيم السوق ووضع الأمور في نصابها، فالمسألة دائما ما كانت بحاجة إلى جهة رقابية وتنفيذية قوية، (...) لكن مشاكل عمرها 50 عامًا لا يمكن حلها بشهور، فهي تحتاج لبعض الوقت.

وقال إن المؤسسة تسعى حاليا لترخيص جميع العاملين في هذا المجال، بحيث تكون هي المرجع الرئيسي فضلا عن أنها ستلزم المكاتب بتوثيق العقود لديها وإبلاغها بتفاصيل البيع والشراء الأمر الذي سيحد من التلاعب على مختلف أنواعه خصوصًا بالأسعار.

وحمّل الأهلي وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة نشر الإعلانات جزءًا من المسؤولية، فلا ضوابط ولا رقابة ولا مسؤولية، أضف إلى ذلك السهولة والمرونة في الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المتابعين.

ودعا الأهلي العاملين في مهنة الوساطة للمحافظة على سمعتهم لأنها رأس المال الباقي وأن يخافوا الله في الناس.

وزادت البرامج التي طرحتها وزارة الإسكان خلال السنوات القليلة الماضية من عدد الباحثين عن شقق وبيوت للتمليك لسهولة الحصول على التمويل.

ومن أهم البرامج الإسكانية الناجحة، السكن الاجتماعي (مزايا) الذي يمول المشتري نحو 80 ألفًا، وكلك قرض الشراء الذي قد يصل إلى 60 ألفًا بحسب الراتب.

من جهته، قال فهد محمود الذي يعمل لدى أحد المكاتب العقارية إن المشكلة تكمن في السمعة، فبعض الدلالين وهم قليلون أضروا بسمعة المهنة، داعيًا إلى عدم التعميم.

وحول دخول العديد من الأسماء في عملية البيع وبالتالي كل واحد يريد نسبته أكد أنها مسألة طبيعية فهذا سوق وهناك عرض وطلب والكل يريد العمل وبالتالي الاستفادة وللمشتري القرار، فلا أحد يجبره على الموافقة.

أما بخصوص رفع السعر أكثر مما يطلب المالك للاستفادة من الفرق بين أنها مسألة أيضا خاضعة لظروف السوق، فالتجارة شطارة على حد تعبيره، (...) لما لا ما دام هناك مشتري يريد الدفع؟.

من جهته، وافق أحد المستثمرين والملاك، مفضلا عدم ذكر اسمه، على ما جاء به سابقوه بخصوص السمعة، لكنه عاد ليؤكد أهمية عدم التعميم، فهناك الكثير من المكاتب والوسطاء الذين يعملون بنظام وقانون ولديهم المصداقية والأمانة.

وأشار إلى أن تلك المكاتب تزيل عن كاهل الملاك الكثير من العبء، حيث من الصعب عليهم متابعة الأمور، مشيرا إلى أهمية هذه المكاتب في الترويج والبيع.

وتابع “المشترون أيضًا لديهم أمزجة مختلفة وبعضهم تجده صعبًا ويريد خفض السعر بنسبة كبيرة، فضلا عن أن بعضهم لديه طلبات تعجيزية ولا يمكن تلبيتها”.

وحول زيادة السعر من قبل المكتب عن ذلك الذي حدده المالك أكد أن هذا تلاعب وخداع ليس فقط للمشتري بل للمالك أيضًا، (...) دائما ما أسأل وأتأكد من السعر المتفق عليه بين المشتري والدلال قبل توقيع العقود واستلام أي مبلغ.

مؤسسة التنظيم العقاري

وأُعلن في مطلع ديسمبر الماضي عن فوز الشركة الأيرلندية الدولية للتطوير (I.D.I) بعقد إدارة وتشغيل مؤسسة التنظيم العقاري الجديدة، ولمدة 3 سنوات، بدأت من مارس الماضي بقيمة 3.6 مليون دينار، بواقع 1.2 مليون سنويًّا.

وستقوم الشركة بموجب اتفاقية وقعت بهذا الخصوص بصياغة الأدوات القانونية اللازمة لتنفيذ قانون تنظيم القطاع العقاري، وإعداد معايير وترخيص الأنشطة العقارية، والهيكل التنظيمي للمؤسسة.

وتتضمن الاتفاقية 7 بنود رئيسة تشمل كل ما يتعلق بعمل وهيكلة وإدارة المؤسسة، وهي الجانب القانوني، والتنظيمي والاستراتيجي والمالي والتقني والتشغيلي والإعلامي.

وستقوم الشركة بصياغة 66 أداة قانونية لازمة لتنفيذ قانون قطاع التطوير العقاري بما في ذلك معايير ترخيص الأنشطة العقارية، وتنظيم عمل المهن المتعلقة بالتطوير العقاري.

ومن المعلوم أن إنشاء مؤسسة التنظيم العقاري جاء بناءً على القانون رقم 27 لسنة 2017 والمتعلق بتنظيم القطاع العقاري، حيث جاء في المادة الثالثة أنه تنشأ مؤسسة تسمى مؤسسة التنظيم العقاري تكون لها الشخصية الاعتبارية، وتلحق بجهاز المساحة والتسجيل العقاري، ويصدر مرسوم بتنظيم المؤسسة وتشكيل مجلس إدارتها وتحديد اختصاصاته وأداة تعيين الرئيس التنفيذي وتحديد اختصاصاته وكافة المسائل المتعلقة بالمؤسسة، على أن يكون من ضمن مجلس الإدارة ممثلين عن القطاع العقاري والمرخص لهم بموجب القانون.

والمؤسسة معنية بوضع الأنظمة وإصدار اللوائح التنفيذية والقرارات اللازمة لتنفيذ القانون، والمتعلقة بمنح وتجديد تراخيص أنشطة القطاع العقاري ومشاريع التطوير وتراخيص مزاولة الأعمال وفتح وإدارة حساب الضمان لمشروع التطوير العقاري واعتماد أمين حساب الضمان.

وتتولى كذلك اقتراح وتحصيل الرسوم المفروضة على تراخيص أنشطة القطاع العقاري والتطوير العقاري ومكاتب الوساطة والشركات العاملة في إدارة وصيانة العقارات ورسوم تجديدها.

 

الأمل بـ”التنظيم العقاري”

 

يبقى بيت العمر، كما يحب للبعض تسميته، حلم كل إنسان، خصوصًا متوسطي ومحدودي الدخل. فامتلاك شقة أو بيت مسألة تؤرق الكثيرين. ومع برامج وزارة الإسكان خصوصًا السكن الاجتماعي (مزايا) أو قرض الشراء فُتح الباب أمام شريحة كبيرة من البحرينيين لتحقيق الحلم، وما عليك سوى أن يكون لديك عمل وراتب ثابت كل آخر شهر.

مع تخيل إمكانية الشراء والتملك وبالتالي الاستقرار والشعور بالأمان، وكيف يمكن الوصول إلى ذلك، قد يسوقك حظك العاثر إلى سمسار “دلال عقارات” ينغص عليك عيشتك وينكد عليك هذا الحلم الجميل.

البعض من هؤلاء السماسرة، جاء على المهنة بالصدفة ووجدها جيدة لممارسة الخداع والكذب واستغفال الناس، لكننا لا نعمم.

يتحكمون بالأسعار ويستغلون صاحب الحاجة (المشتري) ويتلقفوه كالكرة فيما بينهم، ويستغفلوه لدفع “عمولة” لأكثر من واحد.

نستبشر خيرًا ببدء أعمال مؤسسة التنظيم العقاري، فهي المرجع للقطاع على مختلف تشعباته، وبالتأكيد لديها خطط طموحة لتنظيم السوق وكبح جماع الطامعين وإيقافهم عند حدهم، وحماية الوطن والمواطن.