+A
A-

الضعيف ظالم

في ليلةِ سمر يملؤها الضحك والفكاهة وإذا بالعم شقص “بضم الشين وسكون الصاد” يكسر صمته المعتاد بمقولة “الضعيف ظالم”. قبل هذا الجملة كنا نظن أن المعالج العقلي العصبي في رأس العم شقص على وشك التخبط وأنه يحتاج الى معالج جديد ولكن بعد هذه المقولة تيقنا من ذلك. سألته عن مقصده فأجابني مبتسماً “لقد رأيت من الدنيا ما رأيت وقرأت التاريخ حتى استطعتُ أن أفهم قواعد وسنن الله في الأرض و إحداها أن الضعيف ظالم” واصل حديثه بعد أن أرتشف رشفة من قهوته “ إن الطبيعة البشرية عجيبة وفيها من الأنانية ما فيها فالإنسان الذي يطالب بحقوقه ويسعى خلفها لتحقيقها في العادة ينسى واجبته نحو غيره ويظلم ويتجبر بعد أن يؤتى القوة والبأس. فمن أمثلة ذلك وعندما قامت الثورة البلشفية في روسيا من أجل نشر العدل والمساوة بين الطبقة الكادحة أو ما يطلقون عليها الطبقة البروليتاروا مع الطبقة الممتازة في أي مجتمع والتي أطلقوا عليها الطبقة البرجوازية، وبعد نجاح تلك الثورة طغت واستكبرت الطبقة البروليتارية على الطبقة البرجوازية فأصبحت الطبقة البروليتارية طبقة بروجوازية وأصبحت الطبقة البرجوازية هي الطبقة البروليتارية. ولو نظرنا الى الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر ميلادي لوجدنا أن أسباب الثورة هي الفقر والجوع والجهل وبعد انتصار الثورة كان عدد القتلى خلال العشر سنوات التي تلت تلك الثورة يساوي عدد القتلى خلال المائة السابقة من قيام الثورة ضد الإمبراطورية الفرنسية. وما عُرف منذ عهد قريب عن ماو تسي تونغ أنه أبن فلاح وعائلته فقيرة أستطاع أن يصل الى حكم الصين وقتل سبعين مليون نفس خلال أقل من ثلاثة عقود. إذاً الضعيف يصير ظالماً إن ملك القوة والبأس” ثم صمت العم شقص.

رغم إستغرابي الشديد للمعالج العقلي العصبي في رأس العم شقص لكن سؤالاً أنطلق من عقلي وسأل به لساني العم شقص “حسناً، إن كان كما ذكرت فماذا إن كان الضعيف متدينا يخاف الله” أجابني العم شقص على الفور “ أكره أن أخيب ظنك يا إبن أخي ولكن حتى من أدعى التدين وحب الرب هم أكثر الناس إسرافاً بالظلم والقتل فعندما تنصرت الإمبراطورية الرومانية تفشى القتل ضد اليهود بسبب إعتقاد النصارى أن اليهود هم السبب في قتل وصلب ربهم المسيح. ولم أجد عبر التاريخ من أقام العدل والمساوة بإسم الدين إلا القليل و أولهم الرسول العظيم عليه السلام و أصحابه الكرماء وغير ذلك فلن الصلاة”.

صمتنا مرة أخرى ولكن سؤال أخر قفز من لساني “ وماذا عن الضعفاء الحكماء يا عم؟” قال العم شقص “ إن أكثر الحكماء ضُعفاء والحكيم يعرف أن سعادته في المأكل والمشرب الكافي والعائلة السعيدة فهو لا يبحث عن قوة ولا عن بأس. على العموم، إن أغلب الحكماء سيئ الإدارة وهم أعلم الناس بنفسهم وبقدراته ومن حكمتهم أن لا يفضحوا نفسهم”.

“ سؤال أخير ياعم، إذا ما الحل؟” أجابني العم شقص “ الله أعلم، فطبيعة البشر تغلب تطبعها وحب الذات صفة غالبة فيها. ولذا يجب أن يستوعب الجميع قاعدة أن الضعيف ظالم”.

 

بقلم سلطان السجان