+A
A-

المعراج: اكتشاف أكبر حقل نفطي سينعكس إيجابًا على اقتصاد البحرين

كشف محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج عن أن اكتشاف أكبر حقل نفطي في تاريخ البحرين منذ 1932 سينعكس إيجابيًّا على الاقتصاد الوطني، مشيرًا إلى أن “المركزي” قد أبلغ الجهات الدولية المعنية من بينها وكالات التصنيف الائتماني وصندوق النقد الدولي والبنوك بخبر الاكتشاف، معربًا عن أمله أن تستوعب الوكالات والأجهزة الأخرى التي “نتعامل معها أن تستوعب عمق هذا النبأ”.

وأوضح المعراج للصحافيين على هامش افتتاح مؤتمر أيوفي السنوي الدولي السادس عشر للهيئات الشرعية في فندق الدبلومات أمس “أننا سنرى كيف سيتم استثمار خبر اكتشاف أكبر حقل نفطي للبحرين واقتصادها وما يتعلق بالمعاملات الاقتصادية والمالية، مؤكدًا استعدادية القطاع المصرفي لمواكبة أي نهضة اقتصادية أو أي احتياجات تمويلية ضمن الإمكانيات المتاحة، مؤكدًا أن الاكتشاف سيكون مجالا جديدًا وكبيرًا وسيوفر فرصًا كبيرة للقطاع المالي. وفيما يتعلق بتوقعاته لتأثير الاكتشاف على تقليل تكلفة الديون مستقبلا، أكد المعراج أنه لا يستطيع الجزم بأي شيء حاليًّا.

ولفت المعراج إلى أن يكون للصناعة الإسلامية دور وتطور لمواكبة العصر في التكنولوجيا المالية “فينتك” مشيرًا إلى أن “المركزي” سيعلن في غضون أسبوع عن تطورات جديدة في البنوك الرقمية، دون أي إيضاحات أخرى بهذا الخصوص.

وأكد المعراج في كلمته أن مؤتمرات الأيوفي تشكل جزءًا مهمًّا من التركة التي أنشأتها صناعة التمويل الإسلامي، وبلا شك أن المؤتمر يعتبر من الفعاليات المميزة دوليًّا، حيث إنه يوفر فرصًا لقادة الصناعة والعلماء الأفاضل من جميع أنحاء العالم للالتقاء لمناقشة القضايا الشرعية والفنية المعاصرة المتعلقة بالتمويل الإسلامي.

وأوضح “لقد قطعنا شوطًا طويلاً خلال الأعوام الأربعين الماضية في تطوير التمويل الإسلامي، حيث أصبحت هذه الصناعة ذات صيت في بعض الدول ولكن لا تزال ثانوية في دول أخرى وإن كانت تنمو بسرعة. ولا يزال أمامنا الكثير من الجوانب التي تتطلب تكاتفنا وتعاوننا الجماعي للرقي بهذه الصناعة. وأود أن أركز على مجالين وهما الرقي بأخلاقيات المهنة وتطوير الموارد البشرية”.

وأضاف “نعلم جميعًا أن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام بُعث ليكمل مكارم الأخلاق. فالديانة التي لا تسمح للبائع إخفاء عيوب بضاعته لا يمكن أن تشجع أو تتسامح مع من يبالغ في فرض الرسوم والأسعار أو يمارس التسويق السلبي أو يضلل في نشره للمعلومات أو يستخدم الحيل القانونية ليبرر تفسيره للمعاملة العادلة. وعليه، أريد أن أشدّد اليوم على الحاجة لقيام مجالس الإدارات والإدارات التنفيذية للبنوك الإسلامية للنظر صراحةً في البعد الأخلاقي لقراراتهم بالإضافة إلى البعد القانوني والبعد الرقابي. وهذا بلا شك ينطبق على صناعة التمويل التقليدي أيضًا”.

وأشار المعراج إلى أنه “ربما يمكن للمرء أن يعتقد أن الامتثال الشرعي والرقابي من قبل البنوك الإسلامية يكفي لتحقيق الاستقامة والديمومة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا العناء في الرقي بالمبادئ إلى الأعلى أخلاقيًّا؟ وأريد أن أقول إن الامتثال يعكس المطابقة لنص القانون ولكن ماذا عن روح القانون؟ فمن خلال الممارسات الأخلاقية الراقية يمكننا التطابق والامتثال مع روح القانون وجوهره. ويمكنني تجسيد أي قطاع مالي أو تجاري أو صناعي بدون أخلاق كأنه جسدّ بلا روح وذو فائدة محدودة لا يمكن أن تدوم”.

وبين “لقد بذل مراقبو البنوك الكثير من الجهود لتطوير القطاع المالي الإسلامي ولكن يتعيّن على مجالس الإدارات والإدارات التنفيذية والهيئات الشرعية الرقابية في التمويل الإسلامي مسك زمام الأمور للرقي بأخلاقيات المهنة والتركيز عليها في المرحلة المقبلة من أجل دعم هذه الصناعة والرقي بمكانتها”.

وواصل “الموضوع الثاني هو تطوير الموارد البشرية والذي لا أزال أرى فيه فجوة كبيرة لم تُولها القيادات الحالية العناية المطلوبة. لقد ذكرت هذا الأمر في كثير من كلماتي السابقة وسأكرّر ذلك لكم اليوم لقناعتي بأنه لا تنميه ونمو مستدام بدون موارد بشرية مؤهلة. والذي نلمسه في المصرف المركزي بأن البنوك الإسلامية لا تستثمر بما فيه الكفاية في تطوير الموارد البشرية. ويتضح ذلك ليس بالأرقام فقط وإنما في جودة الخدمات المقدمة من قبل البنوك الإسلامية. نحن بحاجة إلى تحول فكري وجذري في هذا الأمر إذا كنا نريد الوصول إلى العالمية في صناعة التمويل الإسلامي، فهذا النوع من التطوير هو استثمار وليس مجرد مصاريف، وعليه يجب أن يحتل التدريب الأولويات القصوى لمجالس الإدارات والإدارات التنفيذية. وأرى أن ما يقوم به صندوق الوقف في المملكة في هذا المجال قدير بالاحترام والتقدير ولعله من المناسب قيام البنوك الإسلامية بزيادة دعمها له لتحقيق المزيد من الإنجازات.

وجمع المؤتمر كوكبة رفيعة المستوى من حوالي 40 عالمًا وخبيرًا يسلطون الضوء، خلال سبع جلسات، على أبرز العقبات والتحديات التي تواجهها الصناعة المالية الإسلامية، إلى جانب استعراض مجموعة من الموضوعات الفنية من المنظور الشرعي، سعيًا للخروج بجملة من التوصيات والنتائج التي سيكون لها أثر ملموس في مسيرة العمل المصرفي والمالي الإسلامي.

 

الصيرفة الإسلامية تنمو بخطى وثابة

بدوره، أكد رئيس مجلس أمناء هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة، أن الصيرفة الإسلامية بخير وتنمو بخطى وثابة، (...) وتقارير مؤسسة بلومبرغ والمؤسسات الأخرى ترى أن نمو الصناعة المصرفية الإسلامية سيكون بوتيرة أكبر بكثير من نمو الصناعة التقليدية والسبب في ذلك أن نمو جانب المطلوبات للمؤسسات في الميزانية الإسلامية للأموال المودعة التي تدار بحسب متطلبات الشريعة الإسلامية هي أكثر بكثير من نمو المطلوبات الباقية، فالتحدي الآن يبقى في جانب الموجودات والمطلوب منها أن تكون الموجودات للمؤسسات المالية بتصاعد يمكن أن يقترب من مستوى المطلوبات.

ولفت الشيخ إبراهيم إلى أن التحدي أمام المؤسسات المالية المصرفية للالتزام بمعايير الأيوفي، التي تتجاوز معايير نظام بازل 3، خصوصًا أن معايير الأيوفي تتعامل مع الأصول الحقيقية وليس الأصول المالية فقط. وألقى الشيخ إبراهيم بن خليفة كلمته بصفته المتحدث الرئيس في مؤتمر الأيوفي، مؤكدًا أن المؤتمر يستمد أهميته، إضافة إلى ما تقدم، من القضايا المهمة التي يناقشها ولعل من أبرزها إصدارات الصكوك ومستجداتها، مثل صكوك الشريحة الأولى من رأس المال وفق معايير بازل، وذلك من حيث أهميتها للمصارف الإسلامية، والهياكل الملائمة لهذا النوع من الصكوك، إضافة إلى مسألة التأصيل الشرعي للعديد من الجوانب ذات العلاقة بالصكوك.

وأضاف أن المؤتمر يستعرض الصكوك الهجينة التي تجمع بين صيغتي المضاربة والمداينة، وذلك من حيث الحكم والضوابط والبدائل الممكنة، والحوكمة الشرعية لإصدارات الصكوك من حيث مسؤولية الهيئة الشرعية التي تعتمدها والعديد من المسائل المرتبطة بها.

وذكر “لعل من المواضيع المتجددة التي يتطرق إليها المؤتمر موضوع العلة في الأموال الربوية بين القديم والحديث، وتحديدًا مدى سريان علة الربا في النقود الرقمية المشفرة أو ما يعرف بالـ Cryptocurrency، مثل البيتكوين Bitcoin وغيرها. وأن المجال مفتوح اليوم لمناقشة هذا التطور المهم في الواقع النقدي من المنظور الشرعي، وبيان موقف الشريعة من التعامل بهذا النوع من العملات التي أفرزها التقدم التكنولوجي والمعلوماتي الهائل في يومنا الحاضر”.

وأكد الشيخ إبراهيم أن “أيوفي” حققت الكثير، بفضل الله، ثم بفضل الجهود المخلصة لمجالسها ولجانها، وإدارتها وفريق عملها، والجهات الداعمة، وما زالت تسعى جاهدة لتحقيق المزيد إن شاء الله. وإن ما يميزها، ويعطيها مكانتها وتفردها، حقيقة أنها أكثر من مجرد مؤسسة أو كيان مؤسسي.

واستعرض بإيجاز بعضًا من جوانب التقدم الذي حققته “أيوفي في مجالات عدة، واستهل ذلك من أحد أبرز مجالات ذلك ألا وهو اعتماد معاييرها:

أولاً- الاعتماد الإلزامي: ويتمثل باعتماد الجهات الرقابية والإشرافية السيادية لمعايير أيوفي بصفة إلزامية، على مستوى المؤسسات المالية والمصرفية الإسلامية الخاضعة لنطاق عمل تلك الجهات في دولها. ومثال تلك الدول: البحرين وعمان وباكستان والسودان وسوريا وليبيا وأفغانستان وغيرها. كما أن بعض تلك الجهات تعتمد معايير أيوفي تلبيةً لمتطلبات الصناعة المالية والمصرفية المحلية.

ثانيًا- التطبيق الطوعي: حيث تبادر المؤسسسات المالية وغير المالية الإسلامية إلى تطبيق معايير أيوفي من تلقاء نفسها، لضمان تحقيق الالتزام الشرعي في عملياتها وأنشطتها، بدون وجود إلزام رقابي أو إشرافي.

ثالثًا- التطبيق التعاقدي: وذلك بأن تنص شركات ومكاتب الإستشارات الشرعية على التزام معايير “أيوفي” في عقود التكليف التي تبرمها مع عملائها من المؤسسات.

ولفت الشيخ إبراهيم إلى أن مستقبل الصناعة المصرفية والإسلامية رهن بمجموعة عوامل أهمها معيرة الممارسات الشرعية والمحاسبية، (...) المعايير الدولية الخاصة بالمالية الإسلامية توفر المؤشر المرجعي للسوق الدولية وتقدم دليلاً إرشاديًّا تشغيليًّا لمدى الالتزام بمبادئ الشريعة وأحكامها، كما أنها تسهم في تمكين الصناعة المالية الإسلامية في عملية تطوير المنتجات والخدمات، وتساعد على رفع مستوى الكفاءة التشغيلية، وتعزز عوامل الثقة في هذه الصناعة على الصعيد الفردي- أي المستهلك والمستثمر- وعلى الصعيد المؤسسي من خلال تعميق ثقة السوق بمنتجات الصناعة خاصة، وبالصناعة برمتها عمومًا.

وبيّن أن نجاح أيوفي لا يقتصر على جانب تطوير المعايير الشرعية والفنية، وإنما يتعداه إلى تحقيق الانتشار الواسع لهذه المعايير. وإن مما يبث الفرح بالنفس أن نرى هذه المعايير تفتح آفاقًا جديدة في لغات أخرى إضافة إلى العربية والإنجليزية. وبعد ظهور الترجمتين الروسية والفرنسية، توشك اليوم الطبعة الأوردية أن تبصر النور، وبها ستكون معايير أيوفي متاحة بلغات يبلغ تعداد الناطقين بها حوالي 1.7 بليون نسمة.

وأكد أن من مظاهر التقدم الحاصل في أعمال أيوفي وأنشطتها قرب اكتمال المرحلة الأولى من مشروع إعادة تطوير برنامج المراقب والمدقق الشرعي المعتمد، وذلك بعد قرار تقسيم هذه الشهادة إلى برنامجين متخصصين، أحدهما للمستشارين الشرعيين وثانيهما للمدققين الشرعيين. وقد اكتملت بحمد الله خطط المنهج الدراسي لكلتا الشهادتين. وهما تعتبران، إلى جانب شهادة المحاسب الإسلامي المعتمد، نموذجًا متقدمًا للشهادات المهنية في مجال المالية الإسلامية على الصعيد العالمي.

وأكد أن المعايير الصادرة عن أيوفي، بشتى أشكالها، تنطوي على أبعاد أخرى إلى جانب البعد المالي، ولعل أهمها السعي إلى تحقيق مقاصد الشريعة، والارتقاء بواقع الصناعة المالية الإسلامية، ومراعاة الجوانب الاجتماعية مثل تنمية المجتمعات وتعزيز روح الريادة في الاقتصاد، من خلال تشجيع الاقتصاد الإنتاجي الحقيقي، والابتعاد بالمعاملات عن الطابع الصوري، وتوسيع المشاركة في العملية الاقتصادية وتوزيع مخرجاتها على أوسع شرائح المجتمع، وتوظيف الموارد المعطلة، وصولاً إلى القضاء على الظواهر الاقتصادية السلبية، وفي مقدمتها البؤس والفقر والحرمان.

 

“البحرين الإسلامي” راعيا ذهبيا

إلى ذلك، أعلن بنك البحرين الإسلامي “BisB” رعايته الذهبية للمؤتمر السنوي السادس عشر لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية للهيئات الشرعية، الذي يقام في الفترة من 8 إلى 9 أبريل 2018، في فندق الدبلومات بالمنامة، تحت رعاية مصرف البحرين المركزي وبتنظيم من هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.

وأشاد مدير عام الخدمات المصرفية للشركات ببنك البحرين الإسلامي وسام باقر بالدور المهم الذي تقوم به هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في تنظيم مثل هذا المؤتمر الذي يؤثر بشكل إيجابي على تطوير القطاع المصرفي الإسلامي وينفع العاملين فيه.