+A
A-

لماذا منح ترامب إعفاءات لشراء نفط إيران؟

دخلت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على إيران حيّز التنفيذ منذ الاثنين الماضي، وكان في مقدمتها منع طهران من بيع نفطها بالأسواق العالمية، لكن إدارة دونالد ترامب اعترفت بعدم قدرتها على خفض الصادرات النفطية الإيرانية إلى الصفر كما زعمت مبكرًا، بحسب تقرير لموقع “أويل برايس”.

ولكن التساؤل الذي بات مطروحًا في أروقة السياسة والاقتصاد العالمي هي لماذا منحت واشنطن استثناء لبعض الدول وسمحت لها باستيراد النفط الإيراني؟.

وشملت الإعفاءات ثمانية بلدان، منها الصين والهند وكوريا الجنوبية واليابان وتركيا.

وقال كبير محللي الطاقة لدى “إيكونوميست إنتليجنس” بيتر كيرنان في مذكرة، إن منح الولايات الأميركية تنازلات لنحو ثماني دول لمواصلة شراء النفط الإيراني، بشرط الخفض التدريجي لمشترياتها بعد ذلك، يعكس تراجع إدارة “ترامب” عن هدف كبح الصادرات الإيرانية تمامًا خلال المدى القصير على الأقل.

وإقناع البلدان بخفض وارداتها النفطية من إيران إلى الصفر كان أمرًا صعبًا، حتى لو كان لإدارة “ترامب” ما يكفي من النفوذ، يظل الأمر صعب التحقيق من الناحية الفنية، خاصة مع استمرار طهران في تخفيض أسعارها واستخدام عملات غير الدولار واستغلال الخام في صفقات مقايضة.

لكن الأهم من ذلك، هو أن سوق النفط أصبح أكثر حساسية تجاه مسألة خفض الإمدادات الإيرانية إلى الصفر، ورغم الهبوط الأخير في الأسعار (تراجعت بأكثر من 15 % خلال الشهر الماضي) فإن السوق لا يزال بحاجة إلى الإمدادات.

والولايات المتحدة و”أوبك” تزيدان الإمدادات بوتيرة سريعة، لكن من غير الواضح، ما إذا كان هذا النهج سيستمر أم لا، يمكن أن تشهد أمريكا تباطؤًا في الإنتاج خلال العام القادم، وبالنسبة لمنظمة البلدان المصدرة، فإنتاجها الإضافي يأتي على حساب الطاقة الاحتياطية.

ولا تزال مساحة المناورة المتوافرة أمام البيت الأبيض ضعيفة، ورغم وجود مخاوف من ضعف الطلب على النفط في عام 2019، فإن المصدر الرئيسي للقلق هو أن يؤدي الانقطاع المفاجئ للإمدادات الإيرانية إلى ارتفاع حاد في الأسعار، الأمر الذي ستنعكس آثاره على الاقتصادات المستهلكة للنفطة، بحسب “كيرنان”.

وقد تكون السعودية قادرة على تعويض جزء كبير من التراجع في الإمدادات الإيرانية، لكن ليس كلها، وذلك يعني أن السوق سيظل معرضًا بشدة لخطر اضطراب الإمدادات، لذلك كان على إدارة “ترامب” إظهار بعض المرونة، خاصة مع عدم استعداد كبار المشترين مثل الصن والهند لوقف عمليات الشراء من طهران تمامًا وفورًا. وتتوقع شركة استشارات الطاقة “وود ماكينزي” انخفاض صادرات إيران بمقدار 800 ألف برميل يوميًا مقارنة بمستويات شهر سبتمبر مع سريان مفعول العقوبات، ما يعني هبوط إجمالي الصادرات إلى مليون برميل يوميًّا. وقالت نائبة رئيس قسم أسواق النفط لدى “وود ماكينزي” “آن لويز هيتل”: نعتقد أن هناك نموًّا كافيًا في المعروض قادمًا من أماكن أخرى لتلبية الطلب في الشتاء المقبل وتجنب ارتفاع الأسعار.

ومن المفترض استقرار خام “برنت” قرب 78 دولارًا للبرميل، لكن هذا الافتراض هش للغاية، فقد كانت الطاقة الإنتاجية الاحتياطية لدى “أوبك” بين 4 ملايين و5 ملايين برميل يوميًا قبل عامين، أما الآن تصل إلى 700 ألف برميل فقط، وهذا يعني أن السوق سيكون عرضة للخطر أمام الطلب القوي في الشتاء البارد أو مع حدوث أي اضطراب في الإمدادات.

وإذا نجحت إدارة “ترامب” في خفض الصادرات الإيرانية إلى الصفر، لارتفعت الأسعار بشكل كبير، لكن ذلك كان سينعكس بمشكلة سياسية في الداخل الأميركي.