+A
A-

“شاهدتهم ولا تعرفهم”.. كتاب فريد من تأليف عبدالله المدني

بعد أن أتحف المكتبة العربية بعشرين كتاباً خلال العقدين الماضيين، يهدي الكاتب والباحث البحريني عبدالله المدني قراءه هذا العام كتاباً فريداً في موضوعه، بعيداً من تخصصه الأكاديمي في الشؤون الآسيوية، وغير ذي صلة باهتماماته المعروفة في التأريخ الاجتماعي. وقد اعترف المؤلف بذلك في مقدمته حين قال: «هذا كتاب مختلف تماماً عن كل مؤلفاتي السابقة، لذا فإن السؤال الذي سوف يطرح بكل تأكيد هو ما الذي جعل أكاديمياً متخصصاً في العلاقات الدولية يشغل نفسه بإصدار كتاب عن فناني السينما؟».

وقد أجاب المدني عن السؤال بنفسه بقوله: «الإجابة البسيطة عن هذا السؤال هو أنني شخص متذوق للفن السابع منذ سنوات الطفولة والصبا (....) ما كان يؤرقنا حقاً هو أن الكثير من الممثلين والممثلات الذين كنا نراهم على الشاشة في أدوار هامشية أو مساحات ثانوية محدودة، لا نعرف أسماءهم ولا نعرف سيرهم، رغم أن بعضهم كانوا بمثابة فاكهة الأعمال السينمائية وبهجتها. فمن يا ترى يستطيع أن يقول خلاف هذا الكلام عند الحديث مثلاً عن البواب والسفرجي الأشهر في السينما المصرية الفنان النوبي محمد كامل، أو عن الخواجة الأشهر إدمون تويما، أو عن صبي الشاشة الأبلة صفا الجميل، أو عن الفنان الأقصر طولاً والأخف وزناً والأكثر مشاكسة حسن كامل...».

نعم، كتاب المدني الجديد هو محاولة لرصد تلك الشخصيات السينمائية الفذة التي لطالما أمتعت الجماهير بأدوارها الدرامية والفكاهية والطربية من خلال الفيلم والمسرح والمسلسل التلفزيوني، لكنها لم تـُعط حقها من الاهتمام الكافي، بل رحل الكثيرون منهم من دون أدنى احتفاء أو تقدير. هنا، يتناول المدني نشأتهم وسيرهم العلمية والمهنية، وكيفية اقتحامهم المجال الفني، ثم ينتقل لتسليط الضوء على أعمالهم السينمائية والمسرحية والتلفزيونية والأدوار المختلفة التي تقمصها كل منهم، مفصلاً تاريخ العمل والمشاركين فيه، وفي أحايين كثيرة يستطرد فيتناول شيئاً من قصة العمل ويسمي المخرجين بأسمائهم

إن هؤلاء الذين يـُطلق عليهم «نجوم الظل» وأحياناً «الكومبارس» وأحياناً أخرى «النجوم المهمشون» يأتي المدني اليوم ليخرجهم من الظل ويسلط عليهم الأضواء من خلال إصداره الجديد الموسوم «شاهدتهم ولا تعرفهم»، وهو كتاب من القطع الكبير، يزيد عدد صفحاته على 450 صفحة ويحتوي على سيرة 161 فناناً من فناني الأربعينات وصولاً إلى الألفية الجديدة.

يقول الروائي البحريني أحمد جمعة الذي قدم للكتاب: «هؤلاء الفنانون من أمثال عبدالغني النجدي ومحمود فرج ومحمد شوقي وعبدالسلام محمد وزكريا موافي وإدمون تويما وسيف نصر واسكندر فهمي وعبدالعظيم كامل وإلياس مؤدب وعمر الجيزاوي وغيرهم من قافلة المبدعين الذين جسدوا أدواراً خالدة ببساطة وعفوية قل نظيرها، كان لا بد من استحضار وجوههم وسيرهم تقديراً لمعاناتهم وعطائهم وإبداعاتهم المحفورة في ذاكرتنا إلى اليوم. فهم الوجوه التي غابت وما نـُسيتْ. رحلتْ وما مـُحيت. وها هو الصديق الدكتور عبدالله المدني بكتابة سير هؤلاء العمالقة الكبار الذين أدوا الأدوار الصغيرة يعيد لهم الحياة في مؤلف أعتقد بأنه فريد من نوعه، حيث أحيا ذكراهم ونفض عنهم بإتقان غبار الزمن ونبش في دهاليز الماضي عن حكاياتهم وإبداعاتهم ومسيرتهم في دنيا الفن، ليسلط الضوء على حقبة ذهبية عشناها جميعاً، وها نحن نعود إليها من خلال هذا الكتاب الممتع».