+A
A-

الاحتيال في العالم الافتراضي

الاحتيال الإلكتروني جريمة تماثل التمويه، والحيلة، والخداع والتغرير أو إبطال الحقوق وإسقاط الواجبات، تحدث مع شخص أو جماعة، وهو نوعان مادي ومعنوي، ويكون إلكترونيا متعدد الأوجه أو ماليًا كما يحدث بين فرد ساذج أو يكون إنسانًا عاديًا يقتصه آخر شرير صائد ومخادع.

ويُعرف أهل القانون الاحتيال على أنه استيلاء على شيء مملوك أو غيره بطريقة، احتيالية. أما علماء اللغة فعرفوه بالدهاء والحذق والقدرة على دقة التصرف فالمحتال لابد أن يكون حاذقًا وماهرًا في استدراج المراد سلب ماله أو معلوماته. وتقريرنا يتمحور حول الاحتيال الإلكتروني وهو عملية خداع تستغل خدمات الشبكة العنكبوتية (الانترنت) مثل البريد الإلكتروني وصفحات التواصل الاجتماعي ومنتديات الشبكة مواقع الوب، للإيقاع بضحايها؛ بهدف الحصول على المال أو المعلومات الشخصية بصورة غير مشروعة، تضر بالضحايا.

نرى أن مفهوم الاحتيال غير جديد بل متوغل في التاريخ إذ عرَفه ابن خلدون، لكنه ازداد وضوحًا وانتشارًا بعد العولمة، إذ صار العالم قرية تتداخل مصالح أهلها. وأول ما يلفتنا، خداع البريد الإلكتروني، وفيه ينتحل مرسل الرسالة بأنه تابع لإحدى الشركات ويطلب بيانات المرسل إليه.

وهناك احتيال آخر وهو تزوير صفحات الويب: فعندما يفتح المستخدم المخدوع صفحة الويب ليدخل بياناته في الصفحة المزورة تسرق معلوماته مباشرة. هذا إضافة إلى خداع المعاملات المالية، وفيه يتلقى المخدوع رسالة بتحويل ثروة طائلة إلى حسابه شريطة أن يقوم المستخدم المخدوع أولًا بالقيام ببعض الترتيبات لاستلام هذه الأموال، تتضمن إرسال مبلغ من المال إلى الطرف الأول لسبب ما (من أجل معاملات تحويل الأموال مثلًا)، وبهذا يكون المستخدم قد وقع ضحية الاحتيال وخسر نقوده. وقد يحدث الخداع عبر التطبيقات كما حدث معي عبر تطبيق “الواتساب” إذ دخل أحد الهنود يزعم أنه من شركة فيفا وأخبرني أني قد ربحت جائزة كبرى، وكان يريد أخذ بياناتي لكني تغاضيت عن الرد؛ لأني قرأت تحذيرًا من شركة فيفا بشأن ذلك، ولم تكن تلك المرة الوحيدة بل أردفتها محاولة احتيال من رقم آخر وتجاهلت ذلك. ونرى خداع الإعلانات وهي عمليات تسويق دعائية مجانية للمواقع مقابل “لا شيء” مادي يحصل عليه المستخدم المخدوع، بالمقابل، تربح الشركات عند كل نقر على إعلان من إعلاناتها.

وبالنظر لخداع العروض الخدمية، فتطلب هذه الخدعة من المستخدم إرسال مبلغ مالي معين قد يصل إلى بضع مئات من الدولارات لقاء المواد اللازمة لبدء عمله أو لإرسالها إليه، فيدفع المستخدم دون أن يحصل على المواد/‏ المعلومات التي دفع ثمنها. وفي خدع تسويق الخداع: يقوم المستخدمون بالتسويق لهذه الخدع (كما في النوع السابق) وتأكيد صحتها ومصداقيتها (سواءً كانوا عالمين أو جاهلين بحقيقتها)، مما يؤدي إلى وقوع المزيد من الضحايا فيها. وإذا كان الاحتيال يقوم على استدراج الطرف الآخر لتسليم أمواله أو معلوماته الخاصة بذرائع شتى يستعملها المحتال لإقناع الضحية، فإن الأخطر من الاحتيال الفردي الاحتيال الذي تمارسه عمالقة الشبكة، مثل الشركات التي تقف وراء محركات البحث أو أنظمة التشغيل مثل google، صاحب نظام التشغيل اندرويد المجاني المفتوح المصادر المصمم للأجهزة ذات شاشات اللمس كالهواتف الذكية والحواسيب اللوحية، فهي تقدم خدمات مجانية لرواد الشبكة ومشغلي الهواتف، ولكنها عندما كشفت عن طريقة عملها، تبين أنها تمارس عملية إحصائية عالية التعقيد، تدرس فيها بيانات المستخدمين لخدماتها بصورة إحصائية، وتخزن المعلومات عنهم، في “سيرفرات” ضخمة، فعلى سبيل المثال تحزن كل عملية بحث قام بها المستخدم، ومن خلال تلك الكلمات تكشف طبيعة اهتماماته وتوجهاته ومزاجه ورغباته، وممكن على سبيل المثال أن تبيع تلك المعلومات إلى شركات التجارية، لتستهدفه بالدعاية، وفي جمعها وتخزينها لكل نشاط المستخدم على مدار الساعة، ومن المفترض أن تكون على دراية باسمك، وعنوانك، ووسائل اتصالك، وهوايتك المفضلة، وأغنيتك المحببة، وأكلتك المفضلة، وأسماء أفراد عائلتك وأصدقائك، توجهاتك السياسة والاقتصادية والاجتماعية، وكل شاردة وواردة مهما كانت دقتها وخصوصيتها.

وكشف تقرير لصحيفة وول ستريت أن الطرف الثالث يفحص ويحلل صندوق الوارد من مستخدمي خدمة البريد الإلكتروني التابعة لها “جيميل”، وردت جوجل على هذا الاتهام عبر نشر منشور أكدت فيه الشركة التزامها باختبار تطبيقات الطرف الثالث التي يمكنها الوصول إلى بيانات مستخدمي جيميل الحساسة. وفي سياق الحديث عن عمالقة الشبكة وما يمارسونه من جمع وتخزين للمعلومات الشخصية للمستعملين، وما يمكن أن يترتب على ذلك من سوء استعمال، يضر بالأمن الشخصي والقومي والوطني، ممكن الالتفات إلى “مايكروسوفت” التي تمارس عمليات المتابعة والمراقبة، فيكفيها أنها صاحبة نظام التشغيل ويندوز الذي يتقاسم مع اندرويد سوق الأجهزة الذكية.

ومن عمالقة الشبكة، أيضا، فيسبوك الذي لفت انتباه العالم إليه، في فضيحة حصول شركة “كامبريدج أناليتيكا” على معلومات عن 50 مليون مستخدم لـ “فيسبوك” دون علمهم، وقامت تلك الشركة بدورها باستخدام هذه البيانات لصالح حملة الرئيس الأميركي في انتخابات 2016. فظهرت حركة “حذف فيسبوك” على نحو مطرد على الإنترنت، وعلى الأثر فقد فيسبوك أكثر من 50 مليار دولار من قيمته السوقية خلال أسبوع، نقلًا عن موقع شبكة “CNN” الأميركية. وقال مارك زوكربيرغ في بيان له عبر فيسبوك إنه يتحمل مسؤولية اختراق بيانات المستخدمين، مؤكدا القيام بكل ما يلزم لتجنب مثل هذه الأخطاء في المستقبل وحماية المستخدم. وأضاف مارك أنه سيتم التحقيق من جميع التطبيقات المتصلة مع فيسبوك، والمطالبة بمراجعة حسابات أي تطبيق وإن كان لها صلة بالحادثة، مؤكدا أنه سيتم تقييد وصول مطوري التطبيقات لبيانات المستخدمين؛ لمنع حوادث من هذا النوع في المستقبل.

وأعلن مدير فيسبوك عن خاصية جديدة تتيح للمستخدم رؤية من يحاول الوصول إلى بياناته الشخصية ومنعه من ذلك.

وبناء على ذلك، فإن لاستعمال الانترنت تبعات كبيرة خارج حسابات الفرد، وللحد من الخسائر الشخصية في استعمال خدمات الشبكة كالفيسبوك، يجمع الخبراء على وجود سبيل وحيد للبقاء بعيدا عن “المشاكل” على صعيد الخصوصية الشخصية، يتمثل في عدم نشر أي شيء غير مناسب أو مثير للجدل، وأعدوا تقريرا أفردوا فيه 10 معلومات يتوجب حذفها من على فيسبوك لتفادي فضول الكثيرين، وهي: تاريخ ميلادك، رقم الهاتف، من لا تعرفهم من قائمة أصدقائك، مديرك، صور أطفالك، مدارس أطفالك، موقعك، تفاصيل خطة عطلتك، حالتك العاطفية، معلومات تخص بطاقتك الائتمانية... فهل ستكون شبكة العنكبوت يومًا آمنة؟

 

تقرير الطالبة: فاديا شاكر
جامعة البحرين