+A
A-

اهتمام بحريني واسع بذوي “التوحد” في يومهم العالمي

الثاني من أبريل، ذكرى مناسبة تحتفل فيها دول العالم بالتوعية باضطرابات التوحد، والبحرين تشارك في هذا الاحتفال، في الوقت الذي تضاعف فيه المملكة جهودها لرعاية المصابين بالمرض، من خلال تعزيز الشراكة المجتمعية بين مختلف الجهات الرسمية والأهلية والخاصة، وذلك ضمن اهتمام استراتيجي أوسع تشهده البحرين في قطاعات الطفولة والصحة والتعليم وحقوق الإنسان، وغيرها من دعائم التنمية المستدامة، وهو اهتمام يعكس التزامها بتنفيذ الاتفاقات والمواثيق الدولية ذات العلاقة.

وتتيح المناسبة الدولية فرصةً لتسليط الضوء على جهود البحرين الهادفة لتوفير البيئة المناسبة لإعادة تأهيل مرضى التوحد، وتسهيل دمجهم في المجتمع، في ظل الدعم الملموس من قبل عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، للجهود الرامية للارتقاء بوضع الطفل والأسرة، وخاصةً من ذوي الإعاقة، الأمر الذي أسهم في تعدد أوجه الدعم لهذه الفئات، وتعزيز جهود الشراكة بين قطاعات المجتمع للهدف ذاته.

ويأتي شعار الاحتفال العالمي لهذا العام بعنوان “التقنيات المساعدة والمشاركة الفعالة”، للتعريف بأهمية وصول فئة مرضى التوحد إلى أحدث التقنيات، التي تتيح لهم قدرةً أكبر على ممارسة حقوق الإنسان الأساسية، وإزالة الحواجز التي تقف أمام تواصلهم مع الآخرين، وتسهيل اندماجهم ومشاركتهم الإيجابية في المجتمعات التي يعيشون فيها.

اهتمام متواصل ومشروعات نوعية

ويؤكد وكيل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية صباح الدوسري أن حكومة البحرين حريصة على تقديم شتى أوجه الدعم الفني والمالي لمصابي التوحد وذوي الإعاقة، وتحرص كذلك على تطوير التعاون الإيجابي مع الجهود الأهلية المميزة التي تشهدها المملكة لرعاية مصابي طيف التوحد، مشيرًا إلى أن عدد المستفيدين من المراكز التأهيلية بلغ 243 حالة، في حين بلغ عدد المستفيدين من مخصص الإعاقة الشهري لفئة ذوي التوحد 636 حالة، وذلك حتى شهر مارس الماضي.

وضمن سعي البحرين المستمر لاستدامة المؤسسات المتخصصة في خدمة ذوي الإعاقة، تترقب هذه الفئة استكمال بناء مجمع الإعاقة الشامل، حيث يعتبر المجمع أضخم مؤسسة من نوعها في المملكة، بمساحة قدرها 29 ألف متر مربع، وطاقة استيعابية تقدر بحوالي 1450مستفيدًا، ويهدف إلى توفير التأهيل المتكامل لذوي الإعاقة، والعناية الصحية والنفسية لهم، وتقديم الإرشاد الأسري لهذه الفئة وذويهم، إضافة إلى تعزيز الجهود لدمجهم بصورة أكثر إيجابية في المجتمع.

ويتوقع الدوسري افتتاح المجمع في الربع الأخير من العام الجاري، ليكون نموذجًا راقيًا وشاملاً لخدمة مصابي طيف التوحد، في جميع أوجه الرعاية والتأهيل، لافتًا إلى أن النجاح الذي تم في هذا المجال، لم يكن ليتحقق لولا الدعم اللامحدود من قبل جلالة الملك، الذي وجه بتنفيذ المشروع، وأمر جلالته بمنحه الأرض اللازمة لإنشائه وفقًا لأحدث المواصفات.

ويضم المجمع 9 مراكز متخصصة، وهي: مركز التوحد للتدخل المبكر، ومدرسة التوحد، ومركز رعاية وتأهيل متلازمة داون، ومركز رعاية وتأهيل ذوي الإعاقة المتعددة الذهنية والسمعية، بالإضافة إلى مركز لمصادر التعلم والتدريب، ومركز رعاية وتأهيل الشلل الدماغي، والمبنى الإداري، والنادي الصحي، ومعرض لمنتوجات ذوي الإعاقة.

وشهد العام الماضي إضافة مدرستين جديدتين لبرنامج دمج الطلبة من مصابي التوحد، ليرتفع عدد المدارس المؤهلة لخدمة ذوي الإعاقة إلى 81 مدرسة للبنين والبنات مجهزة بالوسائل المساندة للدراسة، وكذلك خصصت وزارة التربية والتعليم ثلاث حافلات لنقل الطلبة من ذوي الإعاقات الذهنية، من إجمالي 12 حافلة مخصصة لذوي الإعاقة.

شراكة مجتمعية فريدة

إلى ذلك، تكاملت جهود الشراكة المجتمعية على مدار أعوام سابقة، بإنشاء ودعم العديد من مراكز التأهيل، ولاسيما التابعة للقطاعين الأهلي والخاص، وفي هذا السياق، يؤكد زكريا هاشم رئيس جمعية التوحديين البحرينية، على أن هناك طفرة ملموسة، في الاهتمام بالمصابين بطيف التوحد في البحرين، في ظل بيئة داعمة للعمل الأهلي والتطوعي، مشيرًا إلى أن هناك مسؤولية تقع على الجمعيات الأهلية، لزيادة فاعليتها، بهدف التعرف على احتياجات ذوي التوحد، ومن ثم نقلها إلى جهات الدعم المختلفة، في ظل ازدياد الوعي المجتمعي بهذا الشأن.

وتعتمد المملكة مبدأ الشراكة المجتمعية كاستراتيجية لاستدامة الخطط والمشروعات، المتعلقة برعاية ذوي الإعاقة وذوي التوحد، انطلاقاً من الرؤية الاقتصادية 2030، وتنفيذًا لبرامج عمل الحكومة، حيث شهد العام 2008 تشكيل لجنة “برنامج الشراكة المجتمعية” في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، بهدف تنظيم برامج الشراكة ضمن الأطر القانونية والتشريعية.

وتشرف وزارة العمل والتنمية الاجتماعية على عمل عدد من المراكز الأهلية، وتدعم تكاليف الرسوم في أربعة مراكز تأهيلية، بالإضافة إلى دراسة خطة مستقبلية لتوسعة قاعدة المستفيدين، وذلك بهدف توفير البيئة المناسبة لإعادة تأهيل ورعاية المصابين وتسهيل دمجهم في المجتمع.

وخاطب هاشم ذوي المصابين بالتوحد بقوله إن الأسرة المدرسة الأولى التي يجب أن تظل نموذجًا لفئات المجتمع كافةً، في احتضان ورعاية المصاب بالتوحد، مشددًا على أهمية التوعية والتثقيف باعتبارهما أساس الرعاية التي يقدمها المجتمع، من أجل تعزيز فرص الحياة اللائقة لهم، خاصةً أن كل حالة من المصابين بالتوحد تتطلب خطة علاج ورعايةً منفصلين.

مبادرات وإنجازات متواصلة

ولقد حققت البحرين إنجازات مهمة على صعيد رعاية الطفولة وفئات ذوي الإعاقة، بواسطة حزمة من التدابير والمبادرات، ومن ذلك إصدار قانون الطفل في العام 2012، وتشكيل اللجنة الوطنية للطفولة في عام 2013، وإصدار قانون الأسرة في العام 2017، ونجاح الاستراتيجية الوطنية للطفولة 2013-2017 التي تم تمديدها لخمس سنوات أخرى، بالإضافة إلى زيادة الميزانيات المخصصة للجنة الوطنية للطفولة. وشهد العام 2006 صدور القانون رقم (74) بشأن رعاية وتأهيل وتشغيل المعاقين، حيث وضع تعريفًا جامعًا لأسباب الإعاقة بأنها الجسدية أو الحسية أو الذهنية أو نتيجة مرض أو حادث أو سبب خلقي أو عامل وراثي، وللمرة الأولى نص القانون على إنشاء اللجنة العليا لرعاية شؤون المعاقين، بهدف تعزيز رعاية المعاقين وتأهيلهم وتشغيلهم.تنفيذ التعهدات الدوليةوتفخر مملكة البحرين بكونها سباقة في الالتزام المبكر بالتعهدات الدولية لصون حقوق الطفل، حيث بادرت بالمصادقة على اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة في نوفمبر عام 1989، وصدر بهذا الشأن المرسوم بقانون رقم (16) لسنة 1991 بشأن انضمام المملكة إلى الاتفاقية.