+A
A-

أكبر جعفري .. من عامل لخبير إنتاجية

أول الملتحقين بكلية الخليج الصناعية

بحرنة الوظائف بـ “ألبا” كانت انفراجة للشركة

تنمية الموارد البشرية ترفع الإنتاجية

الهندسة الصناعية تساهم في تخفيض الكلفة

المسؤول يجب أن يكون متواضعًا وعادلا

ألبا” خرجت خبراء بحرينيين هم الأفضل عالميا

ثروات بالعالم تقدر بـ 320 تريليون دولار

 

خبير إدارة إنتاجية، ويمتلك خبرة 30 عامًا في هذا المجال، فعلى الرغم من أنه بدأ حياته المهنية كعامل بسيط، فقد تتدرج في المناصب حتى وصل مديرا في شركة ألمنيوم البحرين” ألبا”، ثم مستشارًا لوزارة التنمية والصناعة، وذلك قبل أن يؤسس شركته الخاصة في مجال تحسين الإنتاجية. إنه الدكتور أكبر جعفري ..مؤسس “جفكون لتحسين الإنتاجية” ومديرها التنفيذي، وأول عربي يحصل على وسام الأكاديمية العالمية للعلوم الإنتاجية.

تمكن جعفري من تقديم استشارات لنحو 663 مؤسسة عامة وخاصة في البحرين وخارجها، والدول الأوروبية وأميركا الشمالية.

“البلاد” كان لها الحوار التالي معه:

البداية المهنية

ويقول جعفري “تدرجت في المناصب الوظيفية من عامل بسيط في “ألبا” إلى فني ثم إلى مهندس صناعي وبعد ذلك إلى مدير ثم مستشار لوزارة التنمية والصناعة.

ثم أسست شركة استشارات هي “جفكون لتحسين الإنتاجية” التي أكملت 30 عامًا منذ تأسيسها، وجميع العاملين فيها من البحرينيين الذين توظفوا كخريجين وتدربوا فيها ليصبحوا خبراء عالمين، يقدمون استشاراتهم محليًا وبدول الغرب وأميركا، كما أن الشركة أصبحت من الشركات الرائدة بمجال الإنتاجية ليس محليًا فقط، وذلك يعود للخبراء البحرينيين.

كنت ضمن أول دفعة التحقت بكلية الخليج الصناعية ودرست الهندسة الكهربائية. وبعد افتتاح مصهر “ألبا” للألمنيوم في العام 1974، تم ابتعاثنا لبريطانيا لاستكمال الدراسة، وبعد انتهائي من دراسة الهندسة الكهربائية تخصصت في الهندسة الصناعية بإنجلترا في العام 1975، وتخرجت 1979.

عملت بشركة “ألبا” في مجالات الهندسة الصناعية، والاقتصاد والهندسة والإدارة، كانت فترة ممتعة جدا وفيها تحديات كثيرة للمهنة وبالنسبة لشركة “ألبا”، حيث كانت كلفة الإنتاج عالية جدًا، وكان تخصص الهندسة الصناعية من التخصصات التي تساهم في تخفيض الكلفة.

مرت “ألبا” بمرحلة حرجة في فترة ما بسبب الكلفة العالية، لكن منذ فترة الثمانينات وما بعدها حدثت انفراجة نتيجة لبحرنة الوظائف.

البحرنة عنصر مدر للأرباح

وجدت من الأدلة العلمية وتجربتي الشخصية أن بحرنة الوظائف عنصر مدر للأرباح، إذ إن العامل بحاجة لرفع أدائه وإنتاجيته والإنتاجية تحتاج التدريب والاستقرار الوظيفي، وهاتان الصفتان أو العنصران تتوفران في العنصر الوطني؛ نظرًا لأن العنصر الأجنبي يأتي فترة زمنية محددة. وفي أحيان كثيرة من تجاربنا أن الأجانب في أول 3 سنوات من توظيفهم تكون إنتاجيتهم متدنية وبعد 3 سنوات يصل إلى المستوى المطلوب، وتعد هذه فترة حرجة، إذ قد يتم الاستغناء عنه أو قد يترك العمل فيحدث اختلال في موازنات الأداء والإنتاجية ولذلك “ألبا” قررت بحرنة الوظائف.

كانت المؤشرات ممتازة لـ “ألبا” في العام 1984 - 1985 وانخفضت الكلفة بشكل ملفت للنظر، كما انخفضت حوادث السلامة لمستويات قياسية، واستمر سير العمليات والإنتاج دون انقطاع لأعلى من أي وقت، ووصلت البحرنة إلى 93 %، وشكل هذا تحديًا لنا كمجموعة من البحرينيين.

دعم الإنتاجية واقتصاد العمليات

يرى جعفري أن “ألبا” لجأت لبحرنة وظائفها لدعم الإنتاجية واقتصاد العمليات، وليس من أجل البحرنة بحد ذاتها، (...) وجدنا أن البحرنة عملية مربحة جدًا ويجب الاستثمار فيها؛ من أجل استقرار العملية الإنتاجية ودعم العناصر الوطنية للديمومة في طرح وتقديم عناصر الإنتاج بالمجتمع.

ويشير إلى أن الشركات الكبيرة العاملة في البحرين بسبب وعيهم الإنتاجي والاقتصادي تركز على البحرنة، لكن بعض الشركات الأقل تكنولوجيًا وتعقيدًا بإدارتها، فإنها تقاوم وتعرقل البحرنة، إلا أن ذلك ليس بصالحهم، إذ تفتقر إلى الحنكة الإدارية.

ويؤكد أن الأشخاص الذين يعتقدون أن البحرنة تؤدي إلى انخفاض الإنتاجية وعرقلة الربحية، بأنهم غير مدركين لمجريات العملية الإنتاجية. ومن الجانب الآخر، فإن البحرنة ليست بالعملية السهلة؛ نظرًا لمقاومتها من الأجانب في بادئ الأمر.

كانت الكلفة المرتفعة في “ألبا” متمركزة بالعمالة الأجنبية (الأوروبية الغربية)، لذا كان تركيزنا على البحرنة في هذه الفئة كأولوية، إلا أنه كانت هنالك محاولات يومية لعرقلة البحرنة في الشركة، لكن مع تصميم الإدارة على البحرنة، فقد مكننا من تحقيق النجاح.

فنحن نعتز بأن “ألبا” تمكنت من تخريج خبراء بحرينيين يعتبرون من أفضل الخبراء العالميين ليس فقط في المنطقة، وإنما على مستوى أوروبا الغربية، ويتم الاستعانة بهم في المصاهر عالميًا، إذ ساهموا في إنشاء مصهر في آيسلندا، كما كانوا من الرواد الذين ساهموا في تشغيل مصهر دبي، ومصهر صحّار في سلطنة عمان، وحاليًا يساهمون في المصاهر في منطقتي الجبيل وينبع بالسعودية.

تكثيف التدريب بالبحرين

يرى جعفري ضرورة تكثيف التدريب التطبيقي في البحرين، خصوصًا أنه شهد نكبة خلال آخر الـ 15 إلى 20 عامًا الماضية؛ نظرًا لإغلاق الكثير من الشركات مراكز تدريبها، إذ بدأت تحصل على الموارد البشرية من مخرجات الجامعات والمعاهد الموجودة، لكن هذا لا يسد الحاجة تمامًا؛ لأننا نريد التدريب التطبيقي المكمل للدراسات العليا.

ويؤكد أن الدول التي تمتلك مراكز للعلوم التطبيقية والتدريب التطبيقي تمكنت من القضاء على الفقر والمشاكل الاقتصادية، مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا والسويد والنرويج وفنلندا وإيرلندا، خصوصًا أن هذه الدول استثمرت بشكل مكثف في التدريب والتعليم التطبيقي، وهو ما نحن بحاجة اليه لإحيائه، إذ كانت البحرين تمتلك مراكز للتدريب التطبيقي في الستينات والسبعينات بشركة نفط البحرين “بابكو” و”ألبا” وبعض الشركات الأخرى، ويرى ضرورة أن يتوازى التدريب والتعليم التطبيقي ويتزامن مع التعليم العالي.

الشباب.. معرفة هائلة و”كفاءة” محدودة

يأمل جعفري في عودة معهد البحرين للتدريب إلى هدفه الأساس الذي تم تأسيسه من أجله (ضيفنا كان ضمن اللجنة التنفيذية لتأسيس المعهد وعضوًا في المجلس الأعلى للتدريب المهني في الثمانينات)، ألا وهو نشر ثقافة التدريب المهني على هيئة نظام التدريب المهني في شركة النفط التي خرجت عناصر متميزة أصبحوا رؤساء شركات وبنوك ووزراء، لذا فإنه يتمنى عودة هذه المراكز بتكنولوجيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والبرمجيات الارتباطية، ومناهج متطورة.

ويعتقد أننا بحاجة لتكنولوجيات تطبيقية، وليست نظرية في الصفوف، خصوصًا أن لدينا عددا كبيرا من الشباب البحرينيين من الجنسين لديهم كم هائل من المعرفة، إلا أن الكفاءة لديهم محدودة، وهذه الكفاءة هي التي تترجم المعرفة إلى سلعة أو خدمة قابلة للاستهلاك، وهي الحلقة المفقودة.

تنمية الموارد البشرية

يرى جعفري أن عملية تنمية الموارد البشرية مربحة جدًا، وتساهم في استقرار سير العمليات وتصاعد الإنتاجية.

ويعتقد أن الإدارة بشكلها الراهن أصبحت حاليًا منتهية الصلاحية، فالإدارة بمبادئها المبنية على أدوات التحكم والسيطرة مستندة إلى الخوف والضعف كانت مناسبة إلى منتصف القرن الماضي، أما الإدارة حاليًا، فيجب تحويلها إلى القيادة؛ لأن الكثير من الموظفين يمتلكون مهارات أفضل من رؤسائهم، وهو المطلوب، فالرؤساء دورهم قياديًا وليس فنيًا، مؤكدا ضرورة احترام الجانب الإنساني، إذ مهما طبقت الأدوات الإدارية الصارمة، فإنه لا ينتج عنها النتائج المرجوة وبالذات في هذه الحقبة، حيث إن الموظفين يمتلكون مهارات عديدة ويمتازون بالذكاء ورقي الإحساس.

ويرى أن المديرين الذين يتشبثون بأدوات إدارية عقيمة ومنتهية الصلاحية يضرون بمخرجات مؤسساتهم، حيث إن التخويف والتضييق والمضايقة لا تؤدي إلى أي نتيجة مرجوة.

والخلاصة “عندما يكون المسؤول على مستوى المنصب أو أعلى منه تجده متواضعًا وعادلا ومنتجًا، وعندما يكون المنصب أكبر من المسؤول تجده مغرورًا وظالمًا وغافلاً”.

ويرى ضرورة أن يحترم المديرون الكفاءات بالمؤسسة، والتي تساهم في نجاحهم ونجاح المؤسسة، وبالتالي يصبح الجميع ناجحًا.

وتطرق جعفري بالنسبة لاتهام البحريني بأنه غير مؤهل للقيام ببعض الأعمال خصوصًا الأعمال التي على مستوى عالٍ بالإدارة أو في الشؤون الفنية بأنه ليس هنالك دليل علمي واحد لتقديمه بهذا المجال، إذ إن أي فرد يتم تهيئة البيئة المناسبة وتوظيف الأساليب الإدارية المتطورة له، فإنه سيتميز بلا أدنى شك. تمكن البحريني في الشركات الكبيرة مثل “جيبك” و”ألبا” و”بناغاز” وعشرات الشركات الأخرى، وخارج البحرين من يثبت أنه مؤهل ولديه الكفاءة اللازمة.

إدارة مكامن الثروة الاقتصادية

وعن التوقعات للنمو الاقتصادي محليًا في العام 2019، يرى محدثنا أن التوقعات بأننا سنواجه نموًا مركبًا من 3 عناصر أولها زيادة الإنتاجية (النمو التقليدي) والعنصر الثاني جني الثمار الاقتصادية من الاقتصاد الذكي الذي نحن بصدده الآن، وقد دخلنا هذه المرحلة بشهادة منتدى دافوس 2017 والعنصر الثالث الاكتشافات النفطية الجديدة التي ستعطي دفعة قوية جدا وبمدة طويلة وهذه الدفعة ستقدم لنا توسعات في الاقتصاد الإبداعي وزيادة استغلال الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد، ومن الصعب التكهن بأرقام محددة وبالذات في المرحلة الصعبة لكثير من الدول؛ لأن هناك ركودا اقتصاديا وأزمات اقتصادية. وبالنسبة للبحرين وبسبب هذه العناصر هنالك تفاؤل كبير مبني على عناصر مادية ملموسة، وأعتقد أن النمو سيتخطى حاجز الـ 5 ٪   خلال السنوات الثلاثة المقبة، لكن لا أستطيع أن أتكهن ماذا بعد ذلك.

ويوكد أن التوجه في النمو الاقتصادي سليم وواقعي، وقد بدأنا في الاقتصاد الإبداعي الذي يعتمد على إدارة مكامن الثروة الذهنية أساسًا والمبنية على تمكين الإنسان للارتقاء والوصول إلى مصادر دقيقة وذات قيمة عالية جدًا، إلا أنها غالبًا غير ملموسة، مثل الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الشبكيات والأجهزة الحديثة في علم الطب وأجهزة التواصل والاقتصاد التشاركي، وهذه جميعها تؤدي إلى الارتقاء بإنتاجية الاقتصاد. وأصبح الاقتصاد التشاركي حتمي الآن، وعلينا تقبله ولدينا قنوات للتواصل وتوصيل المعلومات في الحكومة والقيادة وفي غالبية الأحيان يتم تصحيح المسار عندما يكون ضروريًا أو يتم الارتقاء بعناصر أخرى تحتاج دفعة أقوى. ويجب علينا الاستمرار في هذا الاتجاه وتحويل هذه الثقافة إلى الأجيال القادمة؛ لأن هناك مكتسبات دقيقة وعميقة وهذه المكتسبات قد تواجه تهديدات في أي دولة.

ويرى أن الثروات موجودة في العالم ككل وليس في البحرين تحديدًا، وتقدر بـ 320 تريليون دولار، 50 % من هذا المبلغ في يد 1 % من البشر، وهؤلاء الـ 1 % من البشر يعيشون في خارج الحاضر إما بسبب التفكير في حسرة الماضي أو قلق المستقبل.

كما قدر الثروات الموجودة في العالم ككل وغير المستقلة بـ 5 كوادرايليون دولار (يساوي مليون مليار) في باطن الأرض والسماء وغيرها، إلا أن ما يتم تداوله في يد البشرية يساوي 6.4 % مما هو موجود ولم يتم استغلاله، متسائلا “لماذا اللهث وراء المال؟”، ويرى أن أكثر من يشعر بالقلق هم الناس الذين يكنزون هذه الخيرات، وهذا الكنز دليل على الخوف والقلق غير المبرر وهو خوف وقلق وهمي.

تنويع مصادر الدخل

اختتم جعفري حديثه بالقول إن “البحرين متجهة إلى التخلي عن النفط كعامل رئيس في الدخل الحكومي والميزانية، والنفط حاليًا ليس عاملا رئيسا في الاقتصاد إذ يشكل نحو 16 % من اعتماد الاقتصاد ولكنه يشكل 80 % من دخل الحكومة، حيث إن الحكومة تعمل بشكل مكثف لتنويع مصادر دخلها، وهنالك تفاؤل كبير بهذا الاتجاه”.

 

أكبر جعفري في سطور

أكبر جعفري خبير الإدارة الإنتاجية والمدير التنفيذي لمؤسسة جفكون لتحسين الإنتاجية:

ولد في منطقة “بوصرة” بالقرب من سوق المنامة القديم، ثم انتقل مع عائلته إلى منطقة المخارقة، وبعد ذلك انتقل إلى منطقة الرفاع منذ 36 عامًا. وهو متزوج وأب لابنين.

درس الهندسة الكهربائية والإلكترونيات، وواصل دراسته في تخصص الهندسة الصناعية، ثم درس الإدارة، والإدارة والاقتصاد، وتخرج في معهد لندن للاقتصاد وعلوم السياسة (LSE) في جامعة لندن حيث حصل على شهادة الدكتوراه.

تمكن دكتور جعفري من تقديم استشارات لحوالي 663 مؤسسة عامة وخاصة في البحرين وخارجها، والدول الأوروبية وأميركا الشمالية.

أول عربي يحصل على وسام الأكاديمية العالمية للعلوم الإنتاجية.