+A
A-

“دراسات” ينظم غدا قراءة فكرية لـ “عقدان مزهران”

بمشاركة مجموعة من الشخصيات السياسية والفكرية البحرينية والعربية، يقيم مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة قراءة فكرية في كتاب “عقدان مزهران” الذي أصدره المركز منتصف فبراير الماضي، ويتحدث عن الإنجازات التي تحققت في عهد عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة خلال العقدين الماضيين.

ويشارك في الندوة كل من رئيس الوزراء الأسبق ونائب رئيس مجلس الأعيان في الأردن سمير الرفاعي بقراءة معمقة لفصل عبقرية الدبلوماسية في البحرين، فيما سيسلط رئيس جامعة الأزهر في جمهورية مصر العربية محمد الحرصاوي الضوء على دور جلالة الملك في تعزيز قيم المواطنة، وتقدم عضو مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية هادي اليامي ورقة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، فيما تستعرض رئيسة مجلس النواب فوزية زينل بورقة عملها إنجازات المرأة في البحرين من كسب الحقوق إلى عدالة الشراكة، وتتحدث الأمين العامة للمجلس الأعلى للمرأة هالة الأنصاري عن نهضة البحرين بين “ضوئي” العهد والإنجاز، ويشارك في الندوة عدد كبير من الشخصيات البحرينية الوازنة في شتى المجالات.

وأوضح رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات” الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة أن الندوة ستسلط الضوء على ما تضمنه الكتاب من استعراض للرؤية الحكيمة والمستنيرة لجلالة الملك، وجهود جلالته الرائدة والعظيمة، في تحقيق نهضة شاملة على المستويات كافة، وما أثمرت عنه تلك الجهود السامية من نقلة نوعية متميزة وغير مسبوقة، في مختلف أوجه الحياة في مملكة البحرين، إذ أصبحت المملكة نموذجًا يحتذى في التطوير والنماء والإصلاح والحريات، مضيفا أن “الكتاب يرصد مسيرة إنجازات العاهل المفدى على مدى عقدين كاملين، والتي أفضت إلى ترسيخ دولة القانون والمؤسسات في ظل ملكية دستورية عصرية”.

وأكد الشيخ عبدالله بن أحمد أن الكتاب يتتبع بالرصد والتحليل المشروع الإصلاحي الشامل والمتجدد، بقيادة جلالة الملك، الذي شكل ولا يزال نقلة نوعية في تاريخ مملكة البحرين بما اشتمل عليه من قيم رفيعة ومبادئ ثابتة، للانتقال بمملكة البحرين إلى مصاف الدول المتقدمة، مشددًا على أن النجاحات والمكتسبات التي تحققت على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها لا يمكن حصرها، فالبحرين تعيش في ظل العهد الزاهر لجلالته حاضرًا مزدهرًا، وترتكز على أسس دستورية وقانونية متينة، أهلتها لتخطو خطوات متسارعة في طريق النهضة والبناء.

وبين رئيس مجلس الأمناء أن الكتاب يتضمن مجموعة من الفصول التي ترصد أبرز المحطات التاريخية في البحرين، بداية من حكم آل خليفة الكرام، وصولًا إلى عهد جلالة الملك، إلى جانب استعراض الإنجازات والمبادرات التي يقودها جلالته في المجالات السياسية والدبلوماسية والأمنية والعسكرية، وفي رعاية وشراكة المرأة البحرينية، حتى تبوأت أعلى المناصب، كما يشتمل الكتاب على أرقام وإحصاءات توضح مدى الإنجاز الذي تحقق في المجالات الاقتصادية والصحية والتعليمية والثقافية والسياحية وغيرها، وكذلك ما تشهده البحرين من تطور مستمر في مجال الحريات العامة، وحرية الصحافة والإعلام، ورعاية جلالته للإبداع الفني والأدبي والعلمي والإنساني، وغيرها من المجالات.

وقال الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة إن إصدار الكتاب أتى ضمن مساعي مركز البحرين للدراسات لتوثيق المنجزات الوطنية التي تحققت في عهد صاحب الجلالة الملك؛ ليقدم منظورًا فكريًا متكاملًا يرصد ويوثق الفكر القيادي الإستراتيجي لجلالته، وآثاره الغامرة التي تبدت في مكانة مملكة البحرين بين مختلف دول العالم.

ويقدم الكتاب الذي شارك في تأليفه مجموعة من المفكرين البحرينيين والعرب نموذجا خاصا متفردا في قيادة مملكة البحرين كمنارة متقدمة في الخليج العربي تؤدي أدوارا تتجاوز مفاهيم الحجم والكثافة السكانية؛ لتصبح ذات أثر بالغ الأهمية في تحولات المنطقة.

يسلط الكتاب الضوء على بعض من جوانب شخصية لصاحب الجلالة الملك، بتميزها وتفردها، وسجاياها العميقة والسمحة التي حباها الله لمملكة البحرين لتقود ركابها في فترة حرجة من التاريخ، وتضع خلاصة وجدوى فكرها الإنساني والقيادي في خدمة البلاد وأهلها و مقيميها، وتستثمر قرونًا من التجربة المميزة لحكم آل خليفة الكرام في النهوض بالبحرين ووضعها على طريق مستقبل مزدهر زاهر.

ويتوزع الكتاب في 10 فصول واكبت رحلة مملكة البحرين لعشرين عامًا في ظل قيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، مستهلًا فصوله من التأسيس التاريخي لحكم آل خليفة تمتد لـ 3 قرون استندت فيها على شرعية الإنجاز، ولم يكن هذا الإنجاز ليأتي دون استشراف العائلة المالكة لتطلعات البحرينيين وطموحاتهم، فحكم آل خليفة ارتكز دائمًا على علاقة عميقة ومتينة من الولاء والانتماء؛ “تأكيدًا على أنه من خلال التاريخ يتشكل وينغرس الوعي بجهود الآباء والأجداد المؤسسين، لهذا الوطن”.

وجاء في هذا الفصل “أن من نعم الله سبحانه على البحرين دوام استمرار حكم آل خليفة، ما يؤصل المعاني ويجعل من الحكم تاريخًا ناصعًا وحاضرًا خلاقًا وغدًا مأمونًا، وما التجارب الإنسانية التي شهدها العالم في آخر ألف سنة إلا برهانًا ساطعا على أن استقرار المُلك يشكل بوابة العبور للدعّة والراحة والطمأنينة والإنجاز”.

ويتطرق هذا الفصل إلى أن النفط الذي كان نعمةً على العرب مرة ونقمة على بعض العرب الذين لم يحسنوا توظيفه في التنمية، وإن مملكة البحرين قد ميزتها فرصة منحها الله سبحانه وتعالى وحكم آل خليفة الرشيد لها وهي أن التعليم كان في البحرين أولًا ثم كان النفط تاليًا.

ويتتبع الكتاب بالتفصيل الخطوات التي اتخذتها القيادة الملهمة ومدى تمكنها من التصدي لتحديات التاريخ، وتجذرها في ضمير المجتمع البحريني إبان أزمة 2011، التي تغذيها بين الفينة والأخرى أهواء ومصالح فئات غير مسؤولة، وأن جلالة الملك بحنكته ورؤيته الثاقبة، وثقته في الله، وبشعبه وفي منجزاته، أن يخرج بمجتمعها أكثر وحدة وتراصًا وتماسكًا، لتتجنب البحرين أن تكون موطنًا للفوضى والفتنة، كما أرادت بعض الجهات التي تقف دائمًا في الزاوية الضيقة.

ويظهر الكتاب كيف تحولت مملكة البحرين بعد هذه التجربة إلى شوكة في حلق أعداء الأمة العربية وفوتت الفرصة عليهم في تحويلها إلى أداة لتحقيق أهدافهم.

ويتتبع “عقدان مزهران” توجه جلالة الملك، منذ أن كان وليًا للعهد من خلال فكره الإستراتيجي في كتابه الذي حمل عنوان “الضوء الأول”، إلى القوات المسلحة للعمل على تحديثها والارتقاء بأدائها العملياتي والتميز بجهوزيتها؛ لتصبح خلال فترة وجيزة جزءًا من تحالفات عربية ودولية في مواجهة الإرهاب والمطامع الإقليمية، وكيف استطاعت أن تستوعب وتصقل أفضل ما لدى الشباب البحريني من طاقات لخدمة بلادهم وأمتهم، مع الالتزام الكامل برسالة السلام التي تحملها قيادة مملكة البحرين وشعبها للعالم بأسره.

أما الفصل الثالث فقد حمل عنوان “المشروع الإصلاحي ومسيرة التنمية الشاملة”، وتحدث عن بشائر العهد الزاهر لجلالة الملك منذ اللحظة الأولى لتولي جلالته مقاليد الحكم العام 1999، إذ تم التطرق إلى ميثاق العمل الوطني، وإجراء الانتخابات النيابية والبلدية.

فيما تناول الفصل الرابع الذي جاء تحت عنوان “العدالة والإصلاح القانوني” حرص جلالة الملك على وضع دعائم سيادة القانون والعدالة؛ إيمانًا من جلالته بأن ذلك هو السبيل إلى تعزيز الاستقرار والازدهار، وذلك عبر استعراض المراسيم الملكية التي أصدرها جلالته، واستهدفت إيجاد وبناء مؤسسات تعنى بتحقيق العدالة الناجزة والإصلاح القانوني والحقوقي؛ ذلك أن المشروع الإصلاحي الشامل والمتجدد، بقيادة جلالة الملك، شكل ولا يزال نقلة نوعية في تاريخ مملكة البحرين بما اشتمل عليه من قيم رفيعة ومبادئ ثابتة، للانتقال بمملكة البحرين إلى مصاف الدول المتقدمة.

ونجد بين صفحات كتاب “عقدان مزهران” أن المشروع الإصلاحي قد ربط الماضي بالحاضر من أجل صياغة مستقبل واعد للمجتمع البحريني، فأي تجربة يجب أن يقاس نجاحها من منطلق البيئة التي تعمل فيها سواء الداخلية أو الإقليمية أو حتى الدولية، ومن ثم فإن مملكة البحرين أثبتت قدرتها على تنفيذ عملية تحديث تنبع من بيئتها الداخلية وتتلاءم في الوقت ذاته مع المعايير العالمية بشأن عملية التحديث والإصلاح والمؤشرات على ذلك عديدة وتكفي الإشارة إلى مؤشرين على سبيل المثال لا الحصر الأول: مشاركة المرأة البحرينية في عملية التحديث، والثاني: دور منظمات المجتمع المدني وهما مؤشران لم تخل منهما أي تقارير دولية تناولت مؤشرات التحول الديمقراطي في دول العالم.

وفي إطار سعيه لوضع المجتمع البحريني على طريق المستقبل، وتنميته بصورة جوهرية تتجاوز الشكليات وتمضي إلى العمق فقد أظهر الفصل الذي يتحدث عن دور المرأة أن جلالة الملك عمل على إفساح الدور للمرأة؛ من أجل أن توطد مشاركتها في مسيرة البحرين ورفعته ومنعته، فشهدت سنوات حكمه أجواء إيجابية غير مسبوقة للمرأة البحرينية، وتمكنت واحدة من سيدات البحرين وبناته المخلصات من تولي رئاسة مجلس النواب في المملكة، وانتدبت سيدة أخرى لتمثيل المملكة سفيرة لدى الولايات المتحدة الأميركية، وأخرى في منصب دبلوماسي دولي، ناهيك عن مئات البحرينيات اللواتي يشغلن مناصب قيادية في مختلف القطاعات، وهو الأمر الذي يدلل على الرؤية بعيدة المدى لجلالته وتعامله مع تحديات المجتمع البحريني وظروفه في وسط منطقة تمور بالأحداث والأزمات، ما أدى إلى تفعيل دور المرأة من خلال التركيز على نوعية التأهيل التي يحظى بها الإنسان البحريني.

ويلقي الكتاب الضوء على تعزيز أجواء التسامح والانفتاح في المجتمع البحريني، بحيث أصبحت المواطنة البحرينية أساسًا يتسامى على التفرقة التي تقوم على أساس الدين أو المذهب أو الأصول العرقية، فمملكة البحرين كما شاء لها التاريخ، كانت نقطة جاذبة للاجتماع الإنساني وستبقى كذلك، ويرعى جلالته ويتابع بعناية هذه المسألة نحو صيانة هذه الميزة البحرينية التي وجدت أقصى درجات تجسدها في فترة حكمه وقيادته للبلاد؛ لك أن التوافق اللافت الذي عبرت عنه قصة ميثاق العمل الوطني، كان توافقا بين إرادتين، إرادة قيادة سياسية حكيمة ترنو بطموح للمستقبل، حدوده السماء، مع إرادة الناس، جميع الناس، يحدوهم الحب والإخلاص، لوطنهم وقائدهم المخلص.

كما يركز الكتاب على إستراتيجية جلالة الملك في التنمية الإنسانية الشاملة التي جعلت التعليم في مقدمة الاهتمامات الملكية، وارتقت بالمنجزات البحرينية في هذا المجال، والتي أظهرتها وعظمت أدوارها إستراتيجية أخرى لتمكين الشباب، فتمكنت البحرين خلال فترة حكم جلالته من التقدم بصورة ملموسة على جميع مؤشرات التنمية والرفاه التي تصدرها المنظمات الدولية المرموقة، وأن تتجاوز دولًا حبيت بكثير من الإمكانات والثروات؛ ليعكس ذلك جانبًا من حكمة صاحب الجلالة التي يمكن تلمسها الباحثون والمراقبون سواء من داخل المنطقة العربية أو خارجها.

ويستعرض الكتاب الدور الذي حازته البحرين على المستوى العربي والدولي من خلال تدشين الملك لمنهج جديد في الدبلوماسية يقوم على مبادئ العلاقات المتوازنة والفعل الإيجابي تجاه التحديات الإقليمية والدولية، ويدفع بمملكة البحرين لتكون رائدة في مجال الاعتدال مع التزام عميق بمبادئ الحرص على السلام والتنمية في حقبة التحريض والاستعداء الإقليمي والدولي القائمة.

وتشكل الدبلوماسية البحرينية علامة فارقة وظاهرة تستحق الدراسة على مستوى العلاقات الدولية حاليًا، فالمملكة التي تبقى محدودة الإمكانات بالمفهوم المادي استطاعت أن توظف رصيدها المعنوي وطاقاتها الإنسانية تجاه دور بالغ الأهمية والحساسية في الإقليم تحت قيادة جلالة الملك الذي يقف في مقدمة زعماء المنطقة برؤية سابقة لعصرها تجاه الانحياز للإنسان وحقه في بيئة دافعة وحاضنة تحول دون استنفاد قدراته والاستيلاء على فرصه في صراعات مجانية لأنظمة مأزومة، ولذلك تحولت المنامة خلال 20 عاما مضت إلى أحد العواصم التي يقصدها زعماء العالم وقادته؛ من أجل الاطلاع على رأيها وتوجهاتها والاستماع إلى تقديراتها والاستفادة من خبراتها في شؤون المنطقة.

“عقدان مزهران” الذي يقع في أكثر من 500 صفحة معززة بصور ويضمها غلاف أنيق مميز يوثق مختلف مراحل الإنجاز في البحرين، يعتبر مرجعًا متكاملًا عن مملكة البحرين في ظل قيادة صاحب الجلالة الملك، برصده لمختلف التحولات والتطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي شهدها البحرين، وسيسهم تداوله محليا وعربيا في إلقاء مزيد من الإضاءات على الكتاب وعلى موضوعه الذي يسعى لتقديم العرفان لحكمة استثنائية لقائد مخلص وملهم، لتبقى مملكة البحرين متماسكة وقوية ومستعدة لخوض غمار المستقبل بأمان ورفاهية لجميع أبنائها.