+A
A-

رسالة الأمير خليفة بن سلمان... سلام شامل ينعم به العالم

تمثل مبادرة رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة في إقامة احتفالية بمقر الأمم المتحدة في فيينا بمناسبة اليوم العالمي للضمير قبل أيام مضت، منطلقًا ولبنة لدعم جهود مسيرة العمل الجماعي الدولي لخدمة البشرية والإنسانية والأمن والسلام العالمي، وهي بذلك تأخذ صفة المسار لمنظومة عمل دولي؛ لإنهاء صور النزاعات والتوتر والصراع التي باتت تهدد استقرار الكثير من المجتمعات.

إحياء الضمير العالمي

إن مبادرة كهذه تحمل اسم مملكة البحرين صاغتها مبادرات وجهود سموه في سيرة طيبة تهدف إلى سلام شامل ينعم به العالم، ولم تكن تلك المبادرة بعيدة زمنيًا عن الحادث الإرهابي الآثم الذي شهدته كنائس وفنادق في سريلانكا تزامنت مع عيد الفصح؛ ليؤكد أهمية رؤية خليفة بن سلمان للسلام، الذي يطمح فيه كل إنسان للعيش في أمن واستقرار.

وتجددت دعوة سموه للمجتمع الدولي إثر تلك الحادثة الأليمة، إلى وقفة جادة بوجه الإرهاب الذي يطول دور العبادة والمساجد والكنائس، فهي لا تراعي حرمة الدين والدم والإنسانية، والحال، إن مبادرة سموه في عمقها تستهدف بث روح التسامح والمحبة والتعايش وإحياء الضمير العالمي.

مبادئ أساس لإستراتيجية دولية

رسالة سموه في اليوم العالمي للضمير حققت الأصداء التي تؤكد مكانة مملكة البحرين، وأعجبني كثيرًا التصريح الصحافي لسفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة عبدالله بن عبدالملك آل الشيخ، الذي قال فيه إن رسالة سموه تؤكد ما تحظى به مملكة البحرين من مكانة مرموقة على المستوى الدولي على الرؤية الحكيمة الثاقبة لملك البحرين صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وجهود رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة في خدمة المجتمع الدولي، وإرساء الأمن والسلام من جهة، والتنمية وبناء قدرات الشعوب من جهة أخرى في أنحاء العالم، فرسالة سموه تعتبر وثيقة سلام تاريخية نحو إرساء دعائم السلام والأمن والرخاء وإزالة العنف والإرهاب والفوضى في العالم، إذ حملت الرسالة مبادئ أساس لإستراتيجية دولية قادرة على إزالة العنف والإرهاب والفوضى وإحلال السلام والرخاء ونشر السلام والتسامح والتعايش، مؤكدة أهمية دعم كل الجهود على مستوياتها كافة في نشر ثقافة السلام والاستقرار وقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح في جميع أنحاء العالم، ومد جسور التواصل والتلاقي بين شعوب العالم.

العمل مع المجتمع الدولي

هناك العديد من الجوانب والدعائم والمنطلقات التي شملتها هذه الوثيقة التاريخية تجاه السلام العالمي، فأن تتصدر بلادنا الغالية بفكر مستنير لقائد كخليفة بن سلمان مكانة متقدمة لقضايا السلام والتنمية والاستقرار العالمي، فهذا يعني أن مواقف البحرين كانت ولا تزال ساعية للحيلولة دون بروز مسببات زعزعة الاستقرار العالمي، وبالتالي العمل مع المجتمع الدولي؛ من أجل ترسيخ دعائم الاستقرار وفق منهج فاعل يناهض العنف والصراعات وانتشار النزاعات الفوضى. من الضرورة بمكان، لتقديم دلالات واضحة على اهتمام خليفة بن سلمان بالسلام العالمي، أن نستعرض ما يؤكده سموه دائمًا في مختلف المحافل واللقاءات عن دور مملكة البحرين في الوقوف إلى جانب القضايا العادلة على خارطة العالم، سواء أكان ذلك في العالم العربي والإسلامي، أم على صعيد المواقف الدولية، وهي مواقف تحظى باحترام وتقدير كبيرين؛ بفضل سياساتها المتوازنة ودفاعها عن الحق، وانتصارها للقضايا العربية والإسلامية، فالنهج السعودي في التعامل مع الأحداث والمستجدات أثبت على الدوام فاعلية، وهو موضع تقدير واحترام من الجميع.

شريك فاعل في القضايا العادلة

إن رسالة سموه تنطلق من أسس حضارية؛ ذلك أن الاحتفال بذكرى مرور 70 عامًا على إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يعد مناسبة لتسليط الضوء على أهمية الالتزام بالمبادئ النبيلة التي أقرها ذلك الإعلان، والتي شكلت وثيقة تاريخية مهمة وإنجازا عظيما في تاريخ البشرية، فتحقيق السلام العالمي والإقليمي ضرورة ينبغي أن نبذل من أجلها كل الجهود، وإن العمل من أجل السلام وترسيخه على كل المستويات هو نهج واضح سارت عليه مملكة البحرين، ومازالت، في توجهاتها وعلاقاتها مع دول العالم، فالبحرين وقيادتها ماضية في التمسك بقيم الإنسانية والتعايش السلمي بين مختلف الثقافات والعقائد والأصول، ما بوأها مكانتها بين الأمم لأن تصبح شريكا فاعلا في خدمة قضايا العالم العادلة والمساهمة في نشر الأمن والسلام والاستقرار في كل أرجاء المعمورة.

جوهر فكر خليفة بن سلمان على هذا الصعيد لا يمكن اختصاره في مقال واحد؛ لأن هناك حاجة ملحة كما يشخص سموه لإدراك المرحلة التي نحياها، والتي تشهد أحداثا ومتغيرات متشابكة، ودعوة دول العالم إلى التعاون والتكاتف؛ من أجل صون الأمن والاستقرار وحماية السلم الدولي، من خلال التحرك الجماعي لحل الصراعات وإزالة التهديدات من مختلف مناطق العالم، فلا يمكن الحديث عن السلام في بعض الجوانب وإغفاله في جوانب أخرى، وعلينا جميعًا أن ندرك أن مصير دول العالم بات في وقتنا الحاضر مشتركًا، ولا يمكن أن نسمح لأي من كان أن يعبث به، وأن يعرض العالم بأسره لمخاطر وتهديدات لم تعد خافية على أحد.

التمسك بإعلاء قيم وثقافة السلام

المرحلة الراهنة، كما يشدد سموه، تتطلب جمع الكلمة والعمل من أجل استقرار دائم، وأن تعمل كل الدول، بما فيها دول مجلس التعاون، على التعاطي مع كل مرحلة بما تتطلبه، والنأي بدوله عن أية أخطار وتحديات تهدد دول المنطقة في أمنها واستقرارها، وتوظيف الإمكانات والطاقات كافة نحو التطوير والبناء والتنمية، فنحن نمر بوقت دقيق يستوجب المزيد من التشاور والتنسيق، وأن يكثف قادة دول المجلس من لقاءاتهم في ظل العمل الخليجي لمشترك، وإيجاد صيغ جديدة للعمل تتوافق مع متطلبات المرحلة الحالية التي تشوبها تطورات وظروف دقيقة وبما يسهم في تحقيق أهدافنا في الأمن والاستقرار والنمو، والتعاون مع كل الدول للتمسك بإعلاء قيم وثقافة السلام وحل النزاعات والنهوض بجيل يحمل الأفكار الرافضة لمهددات الاستقرار، والداعمة لتحقيق مصالح مجتمع عالمي تسوده المحبة.

نختتم بعبارة جميلة وردت في تقرير نشرته صحيفة “الجمهورية” المصرية قالت فيه إن سموه بإطلاق اليوم الدولي للضمير في فيينا، برعاية رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، يكون ليس فقط من أحيا مفهوم “الضمير العالمي”، ولكن أيضًا طور من المفهوم ونقله من محدودية التأثير؛ ليكون خطابًا عالميًا عابر للقارات، غير محدود بالحدود الجغرافية.

 

عادل عيسى المرزوق