+A
A-

“التصريح المرن”... بين سمعة البحرين وإصلاح السوق

- المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أكبر الخاسرين

 جدّد تجار وعاملون في قطاعات اقتصادية مختلفة في السوق المحلية اعتراضهم وشكواهم على نظام تصريح العمل المرن، مؤكدين أنه وبعد مضي أكثر من عامين على تطبيقه ثبت “بالوجه الشرعي” أنه أضرّ بهم وبأعمالهم وبالسوق بشكل عام.
 وأوضحوا أن النظام ترك “الحبل على الغارب” في سوق صغيرة لا تحتمل العشوائية، حيث هرب عمالهم الذين بذلوا عليهم جهدًا ومالاً ووقتًا لتدريبهم، وباتوا لا يعلمون ماذا يصنعون.
 وأشاروا لـ “البلاد” ومعظمهم من التجار وأصحاب الأعمال المتوسطة والصغيرة نسبيًّا، أن حجم أعمالهم لا يحتمل تغيير وفقدان العمالة بشكل دوري، على عكس الشركات الكبرى والقوية.
 وطالبوا هيئة تنظيم سوق العمل بإعادة النظر بالنظام؛ لحمايتهم وحماية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تعد العمود الفقري لاقتصاد المملكة.
وبدأ تطبيق النظام في 24 يوليو 2017.
وقال محمود مراد وهو صاحب مؤسسة مقاولات صغيرة، إن السوق أصبحت مشوّهة أكثر من السابق، حيث باتت العمالة الأجنبية تتحرك وتنافس البحرينيين، بل وتخرجهم من السوق.
 وأشار إلى أن قيام الآسيويين بأعمال المقاولات بأسعار زهيدة كونهم يعملون وحدهم بحرية ومن دون كلفة أخرجته هو ومن على شاكلته من السوق.
 وتابع “لا نستطيع منافستهم، فهم كونوا سوقًا خاصة بهم، يجمعون أنفسهم ويشكلون فريقًا يضم عارفين بالأعمال الإنشائية والعقارية ويبدأون العمل بأسعار تنافسية وزهيدة جدًّا”.
 من جهته، أكد سعيد توفيق، وهو صاحب مؤسسة ديكور داخلي، أنه ليس ضد التسهيل على الأجانب وإعطائهم الحرية والاحترام ولكن ليس على حساب أبناء الوطن.
 وأوضح أن صديق له كان يعمل في نفس المهنة ولديه نحو 10 عمال، لكنه أوقف عمله وأغلق المؤسسة لظروف خاصة به، فقام عماله بالاستفادة من التصريح المرن وتابعوا عملهم كأنه لم يحدث شيء ولكن بشكل فردي حيث يتواصلوا مع الزبائن عن طريق التلفون.
 واعتبر توفيق أن النظام جاء في مصلحة العمالة الأجنبية على حساب الاقتصاد البحريني، (...) صحيح أن هذه الأنظمة تدعم موقف البحرين بالمحافل الدولية ولكنها تضر الوضع الداخلي.
 من جهته، قال المخلص محمد عارف إن الكثير من العمال راجعوه عند إطلاق النظام للاستفسار عن الطريقة، مقدرًا عددهم بالعشرات يرغبون في تعديل أوضاعهم حتى يتسنى لهم العمل بحرية.
وبين أن الهيئة لا تسمح بتدخل أحد حتى وإن كان صاحب العمل الأول (الكفيل) في الحصول على التصريح، حيث يستطيع العامل الذهاب وحده إلى مكاتب الهيئة في صناعية سترة والاستفادة من النظام حيث عليه أن يدفع رسمًا إجماليًّا قدره 449 دينارًا، تتضمن تصريح العمل لمدة سنتين، إلى جانب رسوم الرعاية الصحية البالغة 144 دينارًا لسنتين، و90 دينارًا تدفع لمرة واحدة لتأمين تذكرة السفر يتم إرجاعها في حال رغب العامل في العودة إلى بلاده، و15 دينارًا رسومًا مخفضة لتمديد الإقامة تدفع مرة واحدة فقط، كما يتطلب من العامل دفع مبلغ شهري قدره 30 دينارًا كرسوم عمل.
 وأكد أن “معظم هؤلاء تخلى عنهم بائعو التأشيرات، (...) جلبوهم إلى البحرين ووعدوهم بتأمين أعمال لهم لكنهم تركوهم في الشارع”. وأوضح سليم أن “تأخير تطبيق النظام أوقع الشك في قلوب بعض العمالة السائبة، حيث بات بعضهم يعتقد بأن القصة برمتها غير صحيحة وأن الهيئة أطلقت هذا المشروع للقبض عليهم”.
إلى ذلك، قال العامل الهندي كرشنان روستوم إنه استطاع، تسوية وضعه القانوني والعمل تحت الضوء دون خوف، بعد أن بقي مخالفًا ويعمل بالخفاء لمدة جاوزت الـ3 سنوات.
 وأوضح أنه كالكثير من زملائه عدّل وضعه وبدأ يعمل بحرية، شاكرًا البحرين على هذه المعاملة الحسنة.
وأكد العامل البنغالي سيف الإسلام علي أنه كان يعمل في كراج سيارات، إلا أنه وبعد انتهاء مدة إقامته (سنتين) قال له صاحب العمل بأنه لم يعد بحاجته وأعطاه شهرًا لتعديل وضعه، فذهب إلى مكاتب الهيئة بسترة وعدّل وضعه حيث حصل على إقامة بنظام العمل المرن.
 وبين أنه استطاع الحصول بعد ذلك على عمل في أحد الكراجات على إقامته وكفالته الخاصة، (...) الأمر جميل ولدي حرية مطلقة، لكن المبلغ كان مرتفعًا.
 ويوجد في البحرين نحو 48 ألف عامل مخالف (أرقام غير رسمية)، يعملون ويسترزقون، بعضهم خالف قوانين الإقامة وتصاريح العمل متعمدًا، فيما وقع كثير منهم ضحية بعض الجشعين الذين تكسبوا على ظهورهم من خلال بيعهم التأشيرات ومن ثم التخلي عنهم.
وجد بعض هؤلاء، ممن تنطبق عليهم الشروط، في تصريح العمل المرن فرصة لتعديل أوضاعهم والعمل بحرية بشكل فردي، والتنقل بحرية أيضًا بين المؤسسات والشركات بحثًا عن الأفضل.

“النواب” يطالب بإلغاء النظام... فورا

وافق 30 نائبا في جلسة الثالث من أبريل الماضي، على إحالة مقترحات إلى الحكومة تتضمن وقف العمل بقرار تصريح العمل المرن بعد مناقشة المجلس سياسة الحكومة بشأن النظام الصادر بالقرار رقم 108 لسنة 2017، والذي استعرض فيه النواب البعد القانوني لتطبيقه، وتبعات ذلك على سوق العمل البحرينية، وأكد النواب في مناقشاتهم إلى عدم وجود سند قانوني لتطبيق النظام.
وتقدم النائب يوسف زينل باقتراح إلغاء نظام تصريح العامل المرن، كما تقدم النائب علي الزايد بـ 6 مقترحات، هي: وقف العمل المرن فورا، وإعادة دراسة سوق العمل، وضع اتفاقية بين العامل وصاحب العمل موثقة من وزارة العدل لحفظ حقوقهم، وإصدار براءة ذمة من جهات الاختصاص عند مغادرة العامل البلاد لحفظ حقوق الآخرين، وعدم السماح  للعامل لانتقال قبل مضي عامين، ووضع مبلغ 500 دينار تأمينا لحفظ حقوق وتغطية المطالبات.
كما تقدم النائب عادل العسومي باقتراح لوقف نظام التصريح المرن، حتى تتم دراسته بشكل عام وعدم إعطاء التصريح للعمال الهاربين وعدم إرسال رسائل للعمال تفيد بإمكان انتقالهم للعمل بالتصريح المرن.
في حين تقدم كل من النواب: سيد فلاح هاشم ومحمود البحراني وأحمد الدمستاني بمقترح وقف العمل بنظام التصريح المرن حالا، وتشكيل لجنة لدراسة استمراريته، كما طالب النائب محمد العباسي بوقف تصريح العمل المرن وتعويض التجار المتضررين منه.
ووصف النائب عبدالنبي سلمان قرارات هيئة تنظيم سوق العمل  بالمقلوبة، وأن عجز الجهات المعنية عن محاربة مافيات “الفري فيزا” خلق تصريح العمل المرن حتى أصبح الهم هو كيف تجمع أموالا على حساب المصالح الأمنية والاجتماعية في البلد.