+A
A-

هل تتأثر دول الخليج بالحرب التجارية العالمية ؟

تصاعدت في الأيام الأخيرة حدّة التوترات في العلاقات التجارية بين أميركا والصين التي ظهرت في العام الماضي، بعد الفشل في التوصل إلى اتفاق وإعلان الرئيس ترامب فرض المزيد من الرسوم الجمركية على الواردات الصينية ابتداءً من مايو الجاري، التي ردت عليها الصين بالمثل.
وقد يكون لهذه الحرب التجارية تأثير سلبي ليس فقط على الأطراف المعنيّة، بل من الممكن كذلك أن يصل تأثيرها إلى عدة دول في أنحاء العالم.
وبعد أن احتدم الصراع بشأن الحرب التجارية قال كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك الكويت الوطني لـ”مباشر”: “إنه بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة بشكل عام، لن يكون هناك في نظري آثار مباشرة ومهمة للحرب التجارية على المنطقة”.
وأوضح الدكتور سعادة شامي، أن المنطقة لا تعتبر معنيّة بشكل مباشر بهذه النزاعات الحالية. إن دول الخليج منطقة مستوردة بالأساس، تعتمد غالباً على صادرات النفط.
وأضاف أنه ولذلك لا توجد أسباب لقيام دول أخرى بفرض رسوم جمركية على الصادرات ولا يوجد أي سبب يدفع المنطقة لفرض رسوم جمركية على وارداتها.
4 عوامل رئيسة
وأشار إلى أن دول الخليج ستتأثر بعض الشيء بالتأثيرات المرتدّة لتلك النزاعات من خلال بعض القنوات وهي تتلخص في النقاط الأربع التالية:
أولاً، إذا تضرّر النمو العالمي، سينخفض الطلب على النفط كما ستنخفض أسعارها، مما قد يدفع بعض الدول المنتجة للنفط إلى خفض إنتاجها. علاوة على ذلك، تعد الصين ودول آسيوية أخرى من الدول المستوردة الرئيسية للنفط، والأكثر تضرراً من النزاعات التجارية، مما سيفرض ضغوطاً على أسعار النفط.
ثانياً، ستؤدي الزيادة في الرسوم إلى ارتفاع الأسعار في معظم الدول ذات الشراكة التجارية، وبالأخص أميركا. وبالنظر إلى أن دول الخليج تستورد العديد من السلع، إضافة إلى ارتباط عملاتها بالدولار، فسينعكس ذلك على مستوى التضخم في دول الخليج، مما سيتطلب مجموعة من السياسات التقييدية ذات التأثير السلبي والمعاكس للنمو.
ثالثاً، إذا ارتفع التضخم في أميركا بسبب الرسوم الجمركية المرتفعة، وإن كان بشكل معتدل في ظل المؤشرات الاقتصادية القوية الأخرى، سيضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع سعر الفائدة، مما سيدفع دول المنطقة إلى رفع معدل فائدتها نظراً للحاجة إلى إبقاء ربط سعر الصرف بالدولار الأميركي في غياب أي رقابة أو قيود على رأس المال.
رابعاً، قد يؤدي عدم اليقين والمخاطر الناجمة عن النزاعات التجارية إلى خروج رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة إلى الأسواق المتقدمة الأكثر أماناً واستقراراً. حيث من الممكن أن تنخفض وتيرة تدفقات رؤوس الأموال إلى منطقة الخليج، وخاصة في ظل هذه الظروف التي تشهد بعض التوترات.
وعلى ذات الصعيد ومنذ أيام نوه صندوق النقد الدولي من أن طول أمد الحرب الاقتصادية الحالية سوف يؤثر على الجميع ومن المتوقع تأثر الأسواق العالمية بموجات من ارتفاع الأسعار والتضخم مما يؤثر على أسعار الفائدة الدولية وبالتبعية معدلات النمو للاقتصاديات المرتبطة.
“شجار صغير”
ومنذ ساعات وخلال مغادرته ولاية واشنطن قاصداً زيارة لولاية “لويزيانا” أطلق الرئيس الأميركي رسائل طمأنة قائلاً إن الحرب التجارية المتصاعدة حدّتها بين بلاده والصين ما هي سوى “شجار صغير”، مؤكداً أنّه ما زال بإمكان البلدين التوصّل إلى اتّفاق يضع حدّاً لها.
ومن المثير أن الرئيس الأميركي لا يكف عن الإشادة بالرسوم الجمركية الإضافية التي فرضتها إدارته على صادرات صينية وردّت عليها بكين بخطوة مماثلة، مؤكداً أنّ هذه الرسوم تملأ خزينة الدولة، على الرّغم من أنّ من يدفع هذه الزيادة هم في النهاية المستوردون والمستهلكون الأميركيون.
تاريخ الحرب
وتسعى الولايات المتحدة من خلال تلك الحرب التجارية لتضييق الخناق على العملاق الصيني ليس في الولايات المتحدة فقط ولكن عبر شركائها التجاريين على مستوى العالم وهو ما يزعج الصين أكثر في حربها الاقتصادية.
وبدأ الرئيس الأميركي ترامب في مارس 2018 الحرب بفرض رسوم جمركية على واردات بلاده من الصلب والألمنيوم وكتب “ترامب” في تغريدة على حسابه بموقع “تويتر” أن الولايات المتحدة تخسر مليارات الدولارات في علاقاتها التجارية مع الدول الأخرى وأن الحروب التجارية جيدة ومن السهل على أميركا الفوز بها، وبالتبعية قامت الصين بفرض إجراءات مضادة.
وقامت واشنطن في فترات متلاحقه بفرض رسوم جمركية بما يعادل 10 % رفعت أخيراً إلى 25 % على بضائع صينية بما يوازي 200 مليار دولار، وألمح ترامب إلى وصولها إلى 325 مليار دولار وتشمل الرسوم نحو ألف صنف من البضائع لاسيما مكونات إلكترونية وأدوات وآليات وبعدما توعدت الصين بالرد بالمثل على أي إجراء أميركي، أعلنت وزارة التجارة الصينية فوراً عن “رد ضروري”.
وفرضت بكين بشكل متزامن رسوماً جمركية بنسبة 25 بالمائة على 110 مليارات دولار من البضائع الأميركية المستوردة، وتتهم الولايات المتحدة الصين بالانخراط في ممارسات تجارية غير عادلة وانتهاك حقوق الملكية الفكرية خاصة من العملاق الصينى هواوي الذي أصبح رمزاً للتنين في عصر الاقتصاد الرقمي.
وامتدت رقعة الحرب إلى تهديد أميركي بفرض رسوم جمركية على واردات سلع أوروبية وكندية وفي المقابل سوف تفرض رسوم حمائية من الدول المتضررة والصين توسعت حروبها مع أوروبا في قطاع الطاقة الشمسية وقطاع تكنولوجيا المعلومات وكل ما سبق يعني تأثير على الاقتصاد العالمي ككل تراجعت أسواق تداول الأسهم العالمية وسط تخوف متزايد من اندلاع حرب تجارية بين أكبر دول العالم.

تخفيض الرسوم على واردات الصلب التركية

أعلنت الولايات المتحدة خفض التعريفات الجمركية على واردات الصلب من تركيا والتي كانت رفعتها في أغسطس الماضي بالتزامن مع التوترات السياسية بين الدولتين.
وقال البيت الأبيض في بيان إن التعريفات الجمركية على واردات الولايات المتحدة من الصلب من تركيا خُفضت من مستوى 50 بالمئة إلى 25 بالمئة.
ولم يشير البيان إلى وضع التعريفات الجمركية على واردات واشنطن من الألومنيوم من تركيا حيث كانت ضاعفتها أيضاً عند 20 بالمئة.
وفي أغسطس الماضي كان ترامب قال في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” إنه أمر بمضاعفة التعريفات الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم من تركيا لانهيار قيمة الليرة أمام الدولار.
كما أشار ترامب وقتها إلى تأزم العلاقات الدبلوماسية مع تركيا وذلك بسبب مسجونين من الجنسيتين يرغبان في تبادلهما.
وردت تركيا على القرار الأمريكي آنذاك بتطبيق رسوم إضافية بنسبة 50 بالمئة على الأرز و120 بالمئة على السيارات و60 بالمئة على التبغ الذي تستورده من الولايات المتحدة.
كما تقدمت تركيا في ذلك الوقت بشكوى لمنظمة التجارة العالمية بسبب الرسوم التي أقرتها حكومة ترامب، مشيرة إلى أنها لا تتماشى مع أحكام الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة بمنظمة التجارة.