+A
A-

الفيلم الناجح (جوكر): 10 من 10

قبل الشروع والحديث عن الفيلم يجب ان نعرف بأن أول من جسّد شخصية جوكر كان في ستينات القرن الماضي وهو سيزار روميرو بطابع كوميدي هرج، عام 1989 جسده المخضرم المعتزل، جاك نيكلسون، تحت إدارة تيم بيرتون، لكنه كان متصنعاً إلى أبعد الحدود، عام 2008 تحول الأسترالي الراحل، هيث ليجر، إلى جوكر تحت إدارة المبدع نولان، في أداء أسطوري منحه أوسكار أفضل ممثل مساعد، لكنه مات مدمناً على مضادات اكتئاب، قبل عرض الفيلم بستة أشهر، بسبب الحالة النفسية التي أصابته من الدور! وفي رأي الشخصي اخفق جاريد ليتو في شخصية جوكر وذلك في احداث فيلم “فرقة الانتحار” 2016، وقدم المبدع مارك هاميل صوت جوكر في أفلام الأنيميشن الناجحة، واليوم نحن مع الرائع فيلسوف هوليوود الرائع خواكين فينيكس في هذا الفيلم المثير للجدل والذي يعرض حاليا بنجاح في السينمات البحرينية والعالم وتصدر سباق الافلام الامريكية بقوة.


وقدم فينيكس أداء ممتازا يقوده للاوسكار بقوة رغما من عشاق افلام مارفل حيث قدم الشخصية بعد ان استعد لها نفسيا وجسمانيا، وفقد الكثير من وزنه وتدخل شخصيا في العديد من العمليات واختراع الضحكة الخاصة به وسرها مع احداث الفيلم الرائع الجدير بالمشاهدة مرة ومرتين، خصوصا بعد فوزه مؤخرا بجائزة الأسد الذهبي (أفضل فيلم) في مهرجان فينيسيا السينمائي بدورته الأخيرة، وهو يستحق الترشح كأفضل فيلم، كما يستحق “فينيكس أوسكار” على أدائه الرهيب.


امتاز سيناريو فيلم Joker بالإيقاع المتزن الذي لم يتسارع للدرجة التي تفقده المنطق وتخلق فجوات في بنائه ودون التباطؤ للدرجة التي توقعه في شرك الرتابة، استطاع بذلك جذب انتباه وتركيز المتلقي من المشهد الافتتاحي وحتى الخاتمة دون الإحساس بالملل بأي فصل من فصول الفيلم.


الاحداث تدور حول الشخصية النفسية للجوكر، وكيف يتحول من شخص عادي او مريض نفسيا يحاول الشفاء الى امير الظلام والجريمة في جاثام، المهرج بيني يعشق مشاهدة مذيع برنامج حواري ليلي بأسم موراي فرانكلين والذي يقدمه بامتياز النجم الكبير (روبرت دينيرو)، وكرهه لمدير والدته السابق ووالد باتمان توماس وين من بطولة النجم (بريت كولين) الذي رشح نفسه لمنصب الحاكم، وله علاقة بجارته السمراء صوفي التي تقدمه النجمة (زازي بيتز)، يقنعه زميل له في العمل بحمل مسدس للدفاع عن النفس بسبب تفشي الاجرام في جاثام، ويستخدمه في لحظة غضب، بعد أن يتعرض للتنمر والضرب من قبل ثلاثة رجال أعمال أثناء وجوده في قطار الأنفاق بسبب مرضه وضحكه الحزين. وبمجرد توقفه عن تناول الأدوية يبدأ الجانب المظلم من شخصيته في الظهور، وتسيطر شخصية جوكر على بقايا آرثر المسكين!


كانت واضحاً من البداية أن فيلم الجوكر يختلف كلياً عن أفلام الكوميكس والأبطال الخارقين التي تزايدت معدلات إنتاجها بالسنوات الأخيرة، متمرداً على المقومات الفنية المعتادة بهذا النمط من الأفلام، حيث برع فينيكس كذلك في عكس مشاعر شخصيته المتضاربة والمتخبطة سواء مشاعر القهر والحزن المختنق بها من البداية أو مشاعر الكراهية والنقم التي تتنامى بداخله تدريجياً هذا بالإضافة إلى مشاعر الأمل في بلوغ الحلم التي كانت تتملكه من آن لآخر، هذا كله من خلال شخص في الأصل يعاني من درجة من درجات الاضطراب العقلي، الأروع أن كان يتم الانتقال بين كل هذا بهدوء واتزان شديدين.