+A
A-

رواد مجلس الكويتي يطمحون لصحافة وطنية تنبض بهموم المواطنين

تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الالكترونية الربحية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الاشارة للمصدر.

 

شهدت ندوة “تاريخ قانون الصحافة في البحرين”، التي استضافها مجلس محمد الكويتي مساء الإثنين 21 أكتوبر الجاري، مناقشات ومداخلات طرح فيها رواد المجلس مجموعة من الآراء والانطباعات بشأن أداء الصحافة المحلية، تركزت على الطموح لصحافة وطنية تنبض بهموم المواطنين وتقترب من حياتهم اليومية وتبحث القضايا المهمة المطروحة على الساحة.

دوران: إعلامي وإصلاحي

وفي مقدمة الترحيب بالضيوف والشخصيات بحضور الرئيس التنفيذي لصحيفة “البلاد” أحمد البحر والأمين العام لجمعية المنبر التقدمي الكاتب الصحافي خليل يوسف وعدد من المهتمين، قدم الكويتي مستهلًا قصيرًا بشأن موضوع الندوة الذي يتناول تاريخ الصحافة في البحرين وقانون الصحافة رقم 47 لسنة 2002 الذي مر عليه زمن طويل وما زال قيد المداولات والمراجعات، لكنه قدم المتحدثين وهما رئيس تحرير صحيفة “البلاد” مؤنس المردي وعضو مجلس الشورى علي العرادي لإلقاء الضوء على الموضوع؛ باعتبارهما أهل اختصاص لإفادة الحضور، مؤكدًا أهمية القانون لكي تقوم الصحافة بدورها الإصلاحي وليس فقط الإعلامي، وبالتالي، فإنها في الجانب الإصلاحي لابد أن تطرح الرأي الصريح وحرية الكلمة.

من جانبه، تناول المردي نبذة تاريخية بشأن قوانين الصحافة في البحرين باعتبارها من أوائل الدول العربية عموما والخليجية خصوصا في مجال الصحافة منذ صدور أول صحيفة بحرينية في مارس 1939، وهي صحيفة البحرين على يد الأديب الراحل عبدالله الزايد الذي يعد الأب الروحي للصحافة البحرينية، وتبعها إصدار العديد من الصحف والمجلات ذات الاهتمامات المتنوعة.

إعلان تنظيم الصحافة

وأضاف أن البحرين، ومنذ ذلك الوقت، أدركت دور الصحافة والطباعة وحرصت على أن يكون عملها منظمًا وقانونيًا، وعرفت منذ ثلاثينات القرن الماضي التشريعات المنظمة للعمل الصحافي بما يمكن اعتباره التأسيس الأول للتشريعات الصحفية تزامنًا مع دخول المطبعة إلى البحرين، وقد سُمي آنذاك بـ “إعلان تنظيم الصحافة”، وهذا يؤكد أن البحرين رائدة منذ ذلك الوقت، وتطور هذا الإعلان باستمرار مواكبة التطورات والتحولات، ففي كل مرحلة من مراحل الصحافة البحرينية حتى اليوم شهدت التشريعات المنظمة تطورًا كبيرًا منذ صدور أول قانون في 15 فبراير 1930، الذي تم استبداله بقانون آخر للصحافة في 24 نوفمبر 1954، واستمر الوضع على هذا النحو حتى صدور قانون النشر والمطبوعات في العام 1965، ليعيد تنظيم العمل الصحافي، واستمر العمل فيه حتى صدور قانون شامل ينظم العمل الإعلامي بشكل كامل وهو المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 1979 بشأن المطبوعات والنشر.

وصولًا إلى قانون 47 لسنة 2002، مهد المردي بالإشارة إلى أنه مع تولي عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، مقاليد الحكم سنة 1999 وانطلاق مشروع جلالته الإصلاحي، شهد المجال الصحافي تطورات مهمة استوجبت إدخال تعديلات على التشريعات، وصدر المرسوم بقانون رقم 47 لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر، ومع ما شهده الحقل الإعلامي من تطورات بفضل التطور التكنولوجي، ما أثر في مجال الإعلام وعلوم الاتصال وهو الأمر الذي حتم ضرورة وجود تشريع عصري لتنظيم الصحافة والإعلام على وجه العموم، يواكب التطورات والتغيرات في فنون العمل الصحافي.

قانون مستنير للصحافة

وبعد استعراض بنود القوانين والتشريعات منذ الثلاثينات حتى القانون الجديد الذي لم يقر حتى الآن، قال المردي “لا أعلم إلى أين وصل الأمر بالقانون الجديد الذي سيتكلم عنه عضو مجلس الشورى علي العرادي، إلا أن القراءة التي قدمتها لكم بشأن تطور قانون الصحافة في البحرين تشير إلى أننا متقدمون في التشريعات، وما وصلت إليه الصحافة البحرينية اليوم لم يكن مقتصرًا على 17 عامًا منذ صدور القانون الجديد، لكن له جذور تاريخية تحققت بفضل رواد الصحافة الأوائل”.

بدوره، تناول عضو مجلس الشورى علي العرادي الحديث عن مكانة البحرين كمنارة للثقافة والمعرفة في منظومة مجلس التعاون الخليجي، ليشير إلى أن العهد الزاهر لجلالة الملك لم يقتصر فقط على إعادة الحياة السياسية، بل تجاوز ذلك إلى آفاق أرحب ومن ضمنها الطموح لأن يكون في البحرين قانون صحافة مستنير كما أشار جلالته في محافل عدة.

وأوضح أنه وقبل أن يصدر قانون 47، شكلت لجنة لكي تضع المبادئ العامة تضمنت في عضويتها كلا من: وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، إبراهيم بشمي، غسان الشهابي، عيسى الشايجي وسوسن الشاعر، وكانت مهمتها وضع المبادئ التي تنظم العمل الصحافي وتوازن بين إعطاء الحريات من جهة، وأن يمارس الصحافي والإعلامي عمله دون أن يتعدى على حقوق الآخرين، ووضعت اللجنة مجموعة من المبادئ التوجيهية وهي قرابة 12 مبدأ، كما وضعت مجموعة من الضمانات ومنها ألا يتم حبس الصحافي وأن تكون العقوبة مقتصرة على الغرامة المالية، إلا أنه بعد صدور القانون، شعر مجموعة من الصحافيين آنذاك أن هذا القانون لا يتواءم مع المشروع الإصلاحي، ولهذا رفعت اللجنة تقريرها إلى ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، كما وجه رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، بتشكيل لجنة لوضع مبادئ لتعديل قانون الصحافة، وشكلت اللجنة بعد صدور القانون، فالقانون صدر في 23 أكتوبر 2002 ونشر في الجريدة الرسمية.

وأعطى العرادي لمحة سريعة عن بنود قانون “47” الذي يضم 96 مادة في 4 أبواب، وكونه صدر وفق مفردة “تنظيم” فإن ذلك يعني تنظيم الصحافة والطباعة والنشر، كما استعرض أبواب القانون ومنها الباب الأول الذي شمل التعريفات عموما والباب الثاني الذي تناول الإعلام والثالث الذي تناول الطباعة والنشر والباب الرابع الذي تناول الأحكام العامة.

دور السلطة الرابعة

وفي الوقت المخصص للحضور، تحدث الباحث الاقتصادي عادل اليحيى عن لجوء المواطن إلى وسائل التواصل الاجتماعي، آملا من الصحافة المحلية أن تهتم بنشر الموضوعات التي تهم المواطن البحريني في الأمور المعيشية المختلفة، فهي “السلطة الرابعة”، ولابد أن تكون ذات “حرية أكبر”، موضحا: ومع الأسف الشديد، هناك القليل من يقرأ الصحافة فاتجه للتواصل الاجتماعي كـ “تويتر” و “الواتس أب”، وهناك قضايا كغلاء المعيشة والبطالة والعمالة الوافدة، فحبذا أن تكون الصحافة البحرينية أكثر حرية لنقل هموم الناس.

وفي معرض رده على هذه النقطة، أشار المردي إلى أن الصحافة تطرح بالتأكيد قضايا تهم المواطن، وضرب مثلًا على هذا الصعيد، وهو اهتمام صحيفة “البلاد” ببرنامج مزايا للسكن الاجتماعي وتبني الصحيفة الموضوع، إلى أن صدرت توجيهات سمو ولي العهد بإعادة دراسة البرنامج، وكذلك في قضية “الفيزا المرنة”، فقد تناولت “البلاد” الموضوع بالبحث مع المسؤولين والمتخصصين وكذلك في المقالات والتقارير، ولكن متى يحدث التأثير والنتائج، فهذا ليس في يد الصحيفة، أما بالنسبة لوسائل التواصل الاجتماعي فلا تستطيع الصحف أن تنشر ما يمكن وصفه “فضفضة” الناس في وسائل التواصل بأسلوب لا يمكن نشره في الصحف، فعلى سبيل المثال، تعرض بعض أعضاء مجلس النواب لحملة استهداف في وسائل التواصل الاجتماعي بالهجوم والتشهير وهو “استهداف لشخوص”، لكن ذلك غير ممكن في الصحافة؛ كونها تعمل في إطار معين وبأسلوب محترم.

وعن جزئية طرحها الكويتي بشأن أهمية قانون الصحافة، أشار المردي إلى أن: القانون الجديد لم يتطرق إلى “المجلس الأعلى للصحافة”، ولا أعلم لماذا؟ وأنا من المتفائلين بوجود مجلس أعلى للصحافة؛ لأنه سينظم عملية إصدار للصحافة والإذاعة ومحطات التلفزيون والمواقع الإلكترونية، وهذا المجلس ليس “بدعة” بل موجود في العديد من دول العالم، فنحن لا نرى في القانون الجديد إلا “فلوس وغرامات”، فيما نحن نحتاج إلى قانون مستنير يواكب التطور في البلد وليس قانون عقوبات.

لابد من مراجعة وتجديد

وطرح كل من الشيخ جاسم الذوادي وضيف المجلس “بو بشار” تساؤلات عن مسؤولية الصحافة وأمانتها ولماذا تأخر القانون، إضافة إلى عدم وجود صحف معارضة، وفي هذه الصدد، أشار العرادي إلى أن: قانون “47” مضى عليه 17 عامًا ولابد من تجديده، وهناك في تصوري، وبعد مرور هذه المدة، لابد أن يكون للسلطة التشريعية دور في إعادة مراجعة القانون وكذلك هناك دور لمنظمات المجتمع المدني؛ ليكون لهم الإسهام في التعديل، أما عن الصحف المعارضة، فتجربتها غير ناجحة في الكثير من الدول، وهناك دول أخرى ليست فيها صحف معارضة، والمعارضة الحقيقية أن تطرح كل فئات المجتمع وتعبر عن رأيها في صحافتها، فضلًا عن أن صحف المعارضة تصدر في الدول التي تعمل فيها أحزاب له صحفها، وهناك دول فيها أحزاب وليس لديها صحف. وتحدث علي الفضلي في مداخلته عن سبب تأخر صدور القانون بأن: الدولة ليست جادة، ولو كانت كذلك لوفرت الظروف لتهيئة الرأي العام كما حدث مع موضوع القيمة المضافة ورفع سعر البنزين، ويفترض هنا في الصحافة المحلية أن تقرأ خارج السطور، وما زلت أطالب بمجلس تخطيط كما هو مجلس الصحافة الذي أشار إليه المردي، ولو كانت الدولة جادة لوضعت أسس مجلس التخطيط، حتى رؤية 2030 لم تتحدث عن دور الصحافة. وأشاد محمد الحوسني في مداخلته إلى ما تطرحه صحيفة “البلاد” التي تتميز عن سائر الصحف بموضوعاتها، متسائلًا عن دور أعضاء مجلسي الشورى والنواب في تحريك قانون الصحافة، لاسيما أن الصحافة هي التي “تسوق للنواب” وتقف معهم في معظم الأحوال.

بين الورقي والإلكتروني

وفي تعليق على ما طرحه بعض الضيوف بشأن تقدم وسائل التواصل الاجتماعي على الصحف، أشار المردي إلى أن: للصحافة الورقية قراءها بالطبع، ولكن المطلوب تغيير المضمون لمواكبة التطور الجديد، فعلى سبيل المثال، حين ظهر “التلفزيون” فإنه لم يلغ دور “السينما”، وما تقرأونه في المنصات الإلكترونية يعتمد بنسبة 70 إلى 80 % على أخبار الصحافة، فالصحافة الورقية أعلى من ناحية المصداقية. وعن الفرق بين قانون الصحافة وقانون العقوبات، كما طرح الحضور، أوضح العرادي باختصار أن: هناك معاملات مختلفة، وقانون الصحافة يشير إلى عقوبات تضمنها “قانون العقوبات”، فلا عقوبة بلا نص، وقانون العقوبات يشرح الفعل الجرمي والعقوبة لهذا الفعل العلاقة السببية وغيرها، أما بالنسبة للتساؤل المتعلق بدوري كنائب سابق في تحريك قانون 47، أقول إن الدورة التشريعية تمتد لـ 4 سنوات، ويمر القانون منذ اقتراحه بمراحل عدة معروفة، وكونك عضوًا في السلطة التشريعية فأنت تتعامل مع مجموعة كبيرة من الوزراء والمستشارين القانونيين، ما يتطلب كثيرا من الوقت.

صحافة “لوّل”.. صحافة “الحين”

وقدم محمد شمس مداخلة عبر فيها عن استحسانه مستوى صحافة اليوم بقوله: اليوم الصحافة أحسن من لوّل.. في السابق، وهذا الكلام في الثلاثينات، كان هناك شخص اسمه جيفري آثر، وهو إنجليزي له مكتب في الجفير، كان يفحص كل فيلم وكل صحيفة تأتي إلى البحرين لمعرفة ما إذا كان فيها شيء ضد سياستهم، ونتذكر تاريخ عمل مطابع كان لها دورها في تطور الصحافة كمطابع الزيرة، الشرقية، النجاح وأوال.

وأكد الناشط الاجتماعي عبدالله الحمادي: من الضرورة أن تهتم الصحافة بنقل مشاكل المجتمع، فلي تجربتي في التواصل مع الصحافة حتى قبل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وطرحت العديد من المواضيع الحساسة، لكن أجد هناك حالة خوف من نشر تلك القضايا.

وقال: أتذكر أنني تواصلت مع إحدى الصحافيات لطرح موضوع معين، فكانت خائفة لدرجة أنني وقعت على ورقة أتحمل فيها المسؤولية الكاملة حال اعتراض أي جهة على الموضوع، فالصحف المحلية من الممكن أن تغطي المواضع المهمة، ولا نحتاج إلى صحافة معارضة بل إلى مواضيع تهم المواطنين، ومع وجود التواصل الاجتماعي نجد أن الصحف تتشابه ولا تغطي ما يعاني منه المجتمع وليس لها وجود في الشارع! مثلًا هناك محلات تجارية تغلق، فلماذا لم نجد أي تناول للموضوع أو مقابلات مع التجار؟

وردًا على المقارنة بين الصحف البحرينية والتطور الذي تشهده الصحف الخليجية وتفوقها على صحفنا، قال المردي: إن من حق القارئ ألا يحب صحافتنا، وهذه وجهة نظر نحترمها حين يرى أنها لا تحتوي على شيء وهذا حقك، ربما الصحافة الخليجية تبهرك بألوانها، لكن بالشفافية في الصحافة والحرية فنحن متقدمون عليهم.

وفي الجزئية المتعلقة بتقدم الصحافة الإلكترونية ووسائل التواصل على الصحافة الورقية، قال المردي: ليس هناك ثقة اليوم في موقع أو صحيفة إلكترونية إن لم يكن لديها مطبوعة ورقية، وأعطيكم مثالًا: في العام 2012، قررت مجلة نيوزويك إيقاف الطباعة الورقية، ومن ثم تعتمد على تاريخها وعلى موقعها، وعادت بعد 4 سنوات للطباعة؛ لأن الناس نسوها! وهنا نقول إن الصحافة الإلكترونية مثل “الثقب الأسود” من يبحث فيها يتوه، ولكن المصداقية ما زالت للصحافة الورقية.