+A
A-

“التجارة” + “سوق العمل”... منشار “نازل واكل طالع واكل”

تجديد السجلات ورسوم “الغرفة” تثقل كاهل أصحاب الأعمال

تجار: “موت وخراب بيوت” وكلفة التشغيل تضاعفت

الديري: على الجهات المعنية التعامل مع المسألة بمرونة

 

يختصر عنوان هذا التقرير حال صغار التجار، وأصحاب الأعمال الصغيرة ومتناهية الصغر في البحرين، الذين تكالبت عليهم الظروف وأخرجت الكثيرين منهم من السوق. والمتهم هنا ارتفاع كلفة التشغيل بشكل كبير؛ بسبب زيادة الرسوم، وفواتير الكهرباء، وثمن التأشيرة وجلب العمال، إضافة إلى الهدوء الذي أصاب الأسواق.

لخص أحدهم حاله مع السجل التجاري التابع لوزارة الصناعة والتجارة وهيئة سوق العمل بالمثل الشعبي القائل “موت وخراب بيوت”، مضيفا أن كلفة تجديد سجله أصبحت مرتفعة بعد سريان التعليمات الجديدة والقاضية بدفع 50 دينارا يضاف لها 100 دينار عن كل نشاط.

وتابع “وددت تجديد سجلي، ولكن المبلغ جاء كبيرا، إذ وصل إلى 450 دينارا، فقررت إلغاء نشاطين، لكن ذلك لم يحدث بسهولة، إذ عليك بالبداية دفع كل المتراكمات بما فيها الرسوم التي تتقاضها غرفة الصناعة والتجارة البالغة 10 دنانير عن كل سجل”. وأضاف “دفعت كل شيء، وفوجئت عند إلغاء السجل بضرورة دفع 20 دينارا عن كل نشاط تود إلغاءه”. وتساءل “لماذا يجب الدفع وأنا أريد الإلغاء، ألا يكفي الخسارة التي دفعتني إلى إلغاء الأنشطة؟”.

وزاد “أضف على ذلك كله التعب و(التحجّج) عند تجديد السجل، الصور غير واضحة، نريد اتفاقية مع البلديات تؤكد أن صحاب العقار سيتكفل بدفع فاتورة الكهرباء وغيرها من الطلبات، رغم أن المحل عمره 4 سنوات وكنت أجدد سنويا بنفس العقد والأوراق، ماذا حدث هذا العام لا أعلم”.

وأكد “بعد مد وجزر مع السجل التجاري الذي وضع على المحل مخالفة بسبب أن الكهرباء مسجلة باسم صاحب العقار، أنهيت التسجيل بشق الأنفس وألغيت نشاطين ودفعت الكثير، (...) الله المستعان”. وتساءل “ألا يعلم المسؤولون وهذه الجهات بظروف الأسواق وكيف أن الركود أصاب كل شيء؟ ألا يبحثون في أسباب إغلاق المحال التجارية والورش الصغيرة ؟”.

وأيد عبدالله حسين، وهو صاحب كراج لإصلاح السيارات، كل ما ذُكر، مشيرا إلى تجربة مريرة مع السجل التجاري عند تجديد تسجيل كراجه، إذ وجد أنهم وضعوا عليه مخالفة تقول إن المحل غير نشط، أدخلته في دهاليز وزارة التجارة والتسجيل الإلكتروني لمدة أسبوعين لحين إعادة التسجيل، فضلا عن دفع غرامات ومتأخرات ورسوم إضافة.

لكن عبدالله لديه مشكلة أخرى مع هيئة تنظيم سوق العمل، إذ قرر بعد إلغاء أحد الأنشطة في سجله نقل أحد العمال من فرع إلى آخر، ولكنه دفع الكثير؛ كون أي حركة (معاملة) في الهيئة تلزمك بدفع 5 دنانير، واصفا الأمر بالمنشار، “نازل واكل طالع واكل”، على حد تعبيره.

إلى ذلك، أكد صاحب محل لتفصيل الثياب الرجالية، ويدعى أبو فيصل، أن الأمر برمته لم يعد يسوى، فكلفة التشغيل مرتفعة والمردود ضعيف والحالة شبه واقفة، مؤكدا أن تعدد الرسوم وارتفاعها يفضي إلى بيئة طاردة للاستثمار.

وأبدى أبو فيصل استغرابه من الذي يحدث، مضيفا “دائما ما نسمع تصريحات من المسؤولين تؤكد أن المؤسسة الفلانية والوزارة العلانية تعمل وتجتهد وتطلق البرامج لتحفيز الاستثمار وتشجيع صغار التجار ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، إلا أننا نجد الأمر معاكسا على أرض الواقع، فلم نر منذ عامين تقريبا سوى زيادة الرسوم والدفع ثم الدفع ثم الدفع”.

وقال “كأن المسؤولين يعيشون في مكان خارج البحرين، ألا يرون ويلاحظون ماذا يحدث في السوق؟ لماذا لا ينزلون من مكاتبهم ويعملون جولة في الأسواق؟ سيجدون الكثير من المحال مكتوبا عليها للبيع أو للإيجار بسبب تردي الأحوال”.

من جهته، قال رئيس مجلس إدارة جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عبدالحسن الديري إنه يتفهم كل قرارات وإجراءات الوزارات والهيئات الحكومية، لكن على مسؤوليها بالمقابل تفهم الأوضاع وظروف الأسواق.

ووصف الظروف الاقتصادية بالصعبة، وهو أمر أكد أنه لا ينسحب على السوق البحرينية فحسب وإنما على مستوى المنطقة والعالم أجمع، (...) هناك ركود عالمي ونحن لسنا بمعزل عنه.

وأوضح الديري أن الأمور يجب أن تدار بناء على ذلك، مؤكدا أنه على قناعة بأن المسؤولين وأصحاب القرار يراعون المصلحة العامة للبحرين، لكن عليهم النظر إلى المسألة بشكل شمولي أكثر.

وتابع “قد تحقق بعض الإجراءات والرسوم إيرادات جيدة على المدى القريب والمتوسط، لكن ماذا عن المستقبل، عندما تزيد الأعباء على أصحاب الأعمال، فإنهم سيتضررون ومن ثم تتضرر السوق والاقتصاد عموما”.

ودلل الديري بإجراءات وتدابير مناسبة اتخذها الأشقاء بالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لحماية الأسواق المحلية وصغار التجار.

ودعا الجهات ذات العلاقة إلى العمل بمرونة وتطبيق روح القوانين بما يتوافق مع احتياجات السوق والتجار والمصلحة الوطنية؛ حتى نعبر هذه المرحلة التي اعتبرها صعبة.