+A
A-

عيسى فقيه .. وصفة السياحة البحرينية

فاز ببعثة من فندق الخليج للدراسة في بريطانيا

أوصل علامات لمطاعم ومقاهٍ محلية إلى العالمية

أول من أدخل فكرة ربط جودة الفنادق بآراء الناس

وضع برنامج يربط “السياحة” بالفنادق لمعرفة نسبة الإشغال

قطاع الفنادق يوفر فرص عمل مجزية على البحرينيين دخولها

وصلت نسبة البحرينيين العاملين بالفنادق 50 % في الثمانينات

يستعد منتجع العرين لاستضافة أعراس هندية خلال أيام

إنجاح “العرين” احتاج عملية جراحية بمشرط وطني

 

يثق الخبير السياحي، الرئيس التنفيذي لمنتجع العرين الدكتور عيسى فقيه بالعنصر البحريني، ويعتبره “العمود الفقري” للقطاع السياحي والفندقي بالمملكة، فأهل مكة أدرى بشعابها، والتجارب والنجاحات التي حققها مواطنون في السوق المحلية وأسواق الخليج دليل ماثل للعيان. يحمل فقيه خبرة تفوق الـ 30 عاما، ممزوجة بتجارب إقليمية ودولية، ومدعومة بشهادات أكاديمية حصل عليها من أفضل كليات وجامعات العالم، خبرة تلقاها على مقاعد “الفنادق” والقطاعات السياحية المختلفة. خبير تكنولوجي طوّع الـ “IT” لخدمة أفكاره ورؤيته للسياحة بمفهومها الحديث. أنشأ شركات ناجحة وأعاد إحياء مشروعات ميتة، وساعد هيئات ومؤسسات حكومية محليا وخارجيا على إدارة وتطوير أعمالها، وضبط إيقاع أسواقها، فيما أوصل مطاعم ومقاهي إلى العالمية، بوصفة بحرينية. يعتبر القطاع السياحي أحد أهم بدائل النفط في البحرين، حيث يعول عليه المشاركة بفعالية في تنمية الاقتصاد الوطني، وتوفير فرص العمل المجزية لأبناء هذه الأرض. وفيما يلي نص الحوار:

حدثنا عن نفسك؟

عيسى فقيه، بحريني من مواليد العام 1963، تخرجت من مدرسة الهداية الخليفية، ومنذ التخرج حتى الآن أعمل في قطاع السياحة.

بعد التخرج مباشرة عملت في شركة طيران الخليج في العام 1983، ولمدة 5 سنوات تقريبا، وبحكم تواجدي في مطار البحرين الدولي، كنت أرى السياح كثيرا؛ الأمر الذي حفّز داخلي شغفي بالسياحة، (...) في ذلك الوقت درست علوم الكمبيوتر في جامعة البحرين الأمر الذي أفادني كثيرا في حياتي العملية لاحقا تماشيا مع التطور التكنولوجي الذي بدأ ينتشر تدريجيا في معظم المجالات.

وفي أحد الأيام قرأت إعلانا حول رغبة فندق الخليج بابتعاث شباب بحرينيين لدراسة الفندقة في الخارج، وتقدم 70 شخصا، وبعد جولة من الامتحانات والتصفية تم اختيار شخصين كنت أحدهم، (...) لم يكن  لدي أي خلفية عن الفنادق، ولكنها كانت بداية جيدة.

انطلقت إلى بريطانيا حاملا أحلامي وطموحي وشيئا من التحدي؛ لإحداث التغيير عقب عودتي، استثمرت الفرصة التي أتيحت لي على أكمل وجه، فدرست إدارة الفنادق، والتكنولوجيا في الوقت ذاته بكلية برايتون للتكنولوجيا لمدة عامين، ثم ذهبت لجامعة أخرى في برايتون أيضا واستكملت دراسة علوم الكمبيوتر لسنة إضافية وحصلت على شهادة أخرى، الأمر الذي أهلني بأن أكون أكاديميا في مجال الفنادق والتكنولوجيا في آن واحد.

عدت إلى البحرين، وبدأت عملي بفندق الخليج، ثم أبديت رغبتي التي قادها ميولي إلى العمل في إدارة الفندق بدلا من إدارة المعلومات (IT) وتم ذلك، (...) تنقلت في جميع المواقع وتدرجت في المناصب إلى أن وصلت نائبا للمدير العام قبيل خروجي من الفندق في 2008.

في هذه الأثناء وأنا على رأس عملي، أخذت شهادة في الموارد البشرية وأخرى في إدارة مراكز الاتصال، ثم الماجستير في إدارة الأعمال بتخصص الضيافة، وبعدها حصلت على الدكتوراه.

يقول فقيه إن فترة الثمانينات كانت نسبة البحرينيين في الفنادق مرتفعة نسبيا، يعملون في جميع الأقسام، لكن الأعداد بدأت تتراجع عقب ذلك حيث أصبح الناس أكثر “تزمتا” بدعوى أن الفنادق تقدم الخمور، فتراجعت النسبة، رغم أن القطاع يضم العديد من التخصصات والأقسام كالمالية والهندسة، وغيرها.

وتابع “لم يؤثر ذلك على القطاع السياحي والفندقي في المملكة عموما، لكنه أثر سلبا على نسبة البحرينيين في المجال، فمثلا كان البحرينيون يشكلون 50 % من العاملين في الفنادق في فترة الثمانينات وحتى مطلع الألفية الجديدة، إلا أنها تراجعت عقب ذلك إلى نحو 25 %”.

كم تبلغ نسبة البحرنة في القطاع حاليا؟ وهل تراها جيدة؟

تبلغ نحو 22 %، وهي نسبة جيدة، لكنها تعتبر قليلة بالنسبة لبلد مثل البحرين، فنحن أول دولة سياحية على مستوى المنطقة، ونتميز بانفتاحنا على المجتمعات والثقافات الأخرى، وهو أمر كان يجب أن يؤثر في ذلك، (...) هناك أكثر من 180 فندقا في البحرين ما يعني أن نسبة الأجانب كبيرة، فلو تم استقطاب البحرينيين للعمل في القطاع لأشتغل عدد كبير من العاطلين.

ماذا تقول للشاب البحريني بخبرتك وعملك في السياحة؟

كل شخص يستطيع الوصول لأعلى المناصب وبسرعة، وهو أمر مرتبط بحب العمل والمثابرة والثقة بفي النفس، وهذا ينطبق على كل القطاعات.

عندما بدأت العمل في قطاع الفنادق كان هناك أشخاص سبقوني بـ 20 عاما، لكنني تجاوزتهم ووصلت لمناصب عليا وهم بقوا مكانهم، بالجهد والمعرفة، واليوم كل الفرص متاحة أمام الشباب، فالحصول على المعرفة أسهل بفضل التكنولوجيا والإنترنت.

أين ذهبت بعد فندق الخليج؟

بقيت 20 سنة مع فندق الخليج وبعدها عملت في شركة متخصصة بالامتياز التجاري وتطوير المطاعم والمقاهي، بقيت في هذا المجال قرابة العامين ونصف العام، حيث كنت رئيسا تنفيذيا للشركة، وهي تجربة تعلمت منها الكثير خصوصا ما يتعلق بإنشاء الامتياز التجاري، وهو تخصص طورته لاحقا ودعمته بدورات أخذتها في أمريكا، حيث أستطيع جعل أي مطعم أو مقهى عالميا. ثم فتحت شركة صغيرة خاصة بي للاستشارات في مجال الضيافة والأغذية والمشروبات، وبدأت بعمل علامات للمطاعم والمقاهي المحلية لتصبح عالمية، وهناك الكثير من الأمثلة الناجحة على ذلك، بالسوق المحلية وأسواق الخليج العربي. أبهر عملنا كبحرينيين أشقاءنا في الخليج، ودائما ما كانوا يسألون عن “وصفة النجاح”، فتكون الإجابة “نحن بحرينيون”، لدينا الكفاءة والمعرفة والقدرة.

كما قدّمت استشارات لهيئات السياحة في دول الخليج، وقمنا بعمل معايير لتصنيف الفنادق المدرجة لدى هيئات السياحة في كل الدول.

أول مشروع لي كان في العام 2010 في أبوظبي بعد أن تم ترسية المناقصة علينا، حيث دخلنا بفكرة جديدة، وهي ربط جودة الفنادق بآراء الناس، إذ كان في السابق يتم إرسال شخص كل عدة أشهر لتصنيف الفندق، إلا أن اليوم يمكن رصد آراء الناس عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، (...)  أصبح الآن الالتزام بنسبة معينة من آراء الناس في التصنيف ضرورة، على ألا تقل عن 85 %، وإذا كان التصنيف ممتاز وآراء الناس غير جيدة، فهذا يعني أن الفندق يعاني مشكلة، إذ يجب أن يتوازى التصنيف والآراء. تميزنا أيضا بأننا أول شركة قمنا بتصنيف (شقق الخدمات) لتكون شققا فندقية في أبوظبي كذلك.

بعد الانتهاء من مشروع أبوظبي، اتفقت مع هيئة البحرين للسياحة والمعارض لتطبيق الفكرة نفسها، إضافة إلى جعل التصنيف “أون لاين”، فضلا عن وضع برنامج يربط الهيئة بجميع الفنادق إلكترونيا يمكنّها من معرفة نسبة الإشغال، فضلا عن عدد الذين دخلوا البحرين وجنسياتهم.

واستطاعت هيئة السياحة من خلال قاعدة البيانات التي تحصل عليها مباشرة تحديد فترات الذروة بعدد السياح، وبالتالي وضع خططها وبرامجها بناء على ذلك، مثل إقامة المهرجانات والمعارض والاحتفالات .. إلخ.

صعدت نسبة مساهمة القطاع السياحي بالاقتصاد الوطني من 4.7 % في العام 2017 إلى أكثر من 6 % حاليا، فضلا عن زيادة عدد الفنادق، حيث كانت 8 فنادق من فئة 5 نجوم بالمملكة قبل 10 سنوات، صعدت إلى 24 حاليا، وجميعها تشهد نسب إشغال ممتازة، الأمر الذي يؤكد أن كثيرا من الأمور تطورت في القطاع، وهو يسير بخطى ثابتة ويبشر بمستقبل جيد.

العرين.. بداية متجددة

وبدأت بعد ذلك مرحلة جديدة في حياتي العملية عندما استلمت إدارة منتجع العرين، وكان ذلك في فبراير 2013.

بدا الأمر تحديا بالنسبة لي، فالمنتجع يعاني الخسائر والتعثر، وتناوبت عليه شركات عالمية عدة لإدارته، لكنها فشلت، حتى أن الشركة المالكة “جي إف إتش” كانت ترغب في إغلاقه نهائيا لتضاعف خسائره وتجاوزها بمليوني دولار سنويا.

درست وضع المنتجع بعناية، ورأيت أن الإدارات السابقة لم تستطع استثمار مواصفاته جيدا، رغم أنه يمتلك إمكانات كبيرة، ومواصفات نجاح عالية. فالمشكلة الرئيسة من وجهة نظري كانت بأنه يحتاج أفكارا جديدة لن يستطيع طرحها إلا بحريني “فأهل مكة أدرى بشعابها”، (...) المكان بحريني والجو بحريني والمزاج بحريني، فإذن نحن بحاجة إلى أفكار تناسب البحرينيين.

وبالفعل استملت المشروع، وكان شرطي الأول عدم تدخل المالك في الإدارة، حيث طلبت صلاحية كاملة لإجراء العملية الجراحية، في المقابل اشترط المالك عدم دفع أي مبالغ مهما كان السبب. أعدت هيكلة المكان والإدارات واستثمرت الموارد الموجودة. أردت التركيز على السياحة العائلية من داخل البحرين وخارجها، فمنعت الكحول في المنتجع نهائيا، حتى تشعر العوائل بالأمان والهدوء. كما ركزنا على الترويج من خلال استقطاب حسابات ومشاهير “السوشيال ميديا” خصوصا من خارج البحرين. بدأت العجلة تدور، وكل ما حصلنا على دخل أعدنا استثمار المبالغ لصيانة المباني. وحقق المشروع في السنة الأولى (2014) أرباحا بواقع 600 ألف دولار، ارتفعت في السنة الثانية إلى 1.1 مليون دولار، وسملتهم المشروع وانسحبت.

وفي ديسمبر 2016 أخبرتني إدارة “جي إف إتش” رغبتها في رجوعي كرئيس تنفيذي لشركة العرين للاستثمار، وافقت ومازالت أشغل هذا المنصب.

وعندما رأى مالك “جنة دلمون المفقود” ما عملته في منتجع العرين طلب مني استلام الحديقة المائية، واستطعت النجاح وتحقيق الأرباح لها أيضا.

كم تبلغ نسبة إشغال منتجع العرين؟

تصل نسبة الإشغال في منتجع العرين نحو 57 %، وهي أعلى من نسبة الإشغال في الفنادق بالبحرين بشكل عام التي تصل إلى 50 %، (...) معظم زبائننا من الخليجيين فيما يأتي السعوديون بالمرتبة الأولى، فضلا عن الكويتيين الذين ارتفعت نسبتهم من 5 % سابقا إلى نحو 36 % حاليا.

ويضم “العرين” 78 فيلا، بأحجام كبيرة، منها 56 واحدة تبلغ مساحة أصغرها نحو 400 متر مربع، فيما مساحة البقية (22 فيلا) قرابة الـ 740 مترا مربعا، ويبلغ متوسط الإيجار اليومي 260 دينارا.

ويوفر المنتجع العديد من الخدمات والمميزات والأفكار الجديدة التي تناسب جميع الأذواق خصوصا العوائل الخليجية، وقد أطلقنا برنامجا يسمى “العرين هوليدي” يتضمن رحلات للزوار إلى مناطق قريبة كحلبة البحرين و”جرافيتي” ونادي اليخوت ونادي الغولف وغيرها.

هل تختلف نسبة الأشغال في الصيف والشتاء؟

نعم، نحن نعمل في الصيف أكثر من الفنادق الأخرى رغم أن طبيعة المكان صحراوي، إلا أن الإشغال في شهر يونيو ويوليو وأغسطس لا يقل عن 90 % بسبب المرافق المتوافرة كبرك السباحة الخاصة. وفي الشتاء نركز على الأجانب المتواجدين في دول الخليج، حيث نصل لهم عن طريق “السوشيال ميديا”، رغم أن نسبتهم قليلة إلا أنهم يملأون الفراغ في فصل الشتاء، حيث يقل عدد الزوار، (...) يحب الأجانب الأجواء الصحراوية بالشتاء.

السياحة أحد القطاعات البديلة عن النفط

مع تنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط، أصبح القطاع السياحي من القطاعات الرئيسة في الاقتصاد المحلي، ويعول عليه دعم التنمية وتوفير فرص عمل، (...) تم افتتاح مكاتب تمثيلية خارج المملكة للترويج للسياحة، في دول عدة، فيما أصبحت البحرين واجهة لسياحة الأعراس وبالذات الهندية، ففي نوفمبر يستعد منتجع العرين لاستضافة عرس هندي لمدة 3 أيام، ومثله كذلك في ديسمبر.

البحرين بحاجة لمشروع أرض المعارض التي يتم العمل عليه حاليا، لدعم سياحة المعارض والمؤتمرات، فهو قطاع واعد ومهم جدا للاقتصاد، خصوصا أنه يوفر وظائف مجزية.

كما أن هناك نقصا في قطاع السياحة العلاجية بالبحرين، هناك دول نجحوا في هذا القطاع ونريد اللحاق بها وتجاوزها.

هل ترى أن السعودية تنافس البحرين حاليا بعد أن فتحت اقتصادها؟

السياحة لها دور كبير في الاقتصاد البحريني ونتوقع أن تزداد النسب أكثر، والذي حدث بالسعودية ليس له أي تأثير على البحرين، ونسبة السعوديين الزوار للبحرين زادت حسب الإحصاءات، وبذلك فإن السعودية لا تنافس البحرين، بل بالعكس فهما يكملان بعضهما البعض.