+A
A-

الشغف كذبة

كان من الصعب جدًا أن أتخطى عبارة كنت قد قرأتها مفادها “الشغف كذبة”. كلمتان أطلقت في رأسي العديد من الأسئلة وعلامات التعجب الكبيرة، فكيف يكون الشغف مجرد كذبة نوهم أنفسنا بها ونصدقها ونعيش على أساسها؟ وإن كان فعلًا كذلك، إذًا ماذا يفعل كل هؤلاء الذين يمارسون ما يحبون؟ هل هم يمارسون شيئا ليسوا مقتنعين به؟ أم إنهم يخدعون أنفسهم بما يتناسب مع أوضاعهم الحياتية؟

قلت لصديقتي مرة وأنا في حال يأس كبيرة: أشعر بأنني عديمة النفع والفائدة؛ لأنني لا أعلم أين أنا وماذا أريد. أجابتني بكل ثقة: ولكنك تعلمين أمرًا في غاية الأهمية وهو بماذا أنت شغوفة وهذا هو الأهم وتذكري أنه لا يزال هناك الكثير ممن لا يعلمون أين يضعون أقدامهم بعد وقد مر عليهم زمن طويل والبعض الآخر تتسرب حياته من بين يديه، وهو جاهل بشغفه وهدفه في هذه الحياة.

أدركت حينها أنني قد حققت إنجازًا كبيرًا؛ لأنني أعلم ما أريد وأين هي وجهتي؟ وبأني وضعت أقدامي على أرض مستوية ولم أتخبط بين من أنا؟ وماذا سأكون؟ وما الشيء الذي أود استكمال مسير حياتي فيه؟

الشغف هو الشيء الذي لا نستطيع تفسيره سوى أنه الطاقة التي لا تنضب أبدًا، بل تزداد في كل مرة حين نقوم بإنجاز جديد أو نقترب خطوة من الهدف المنشود، وهو المكان الذي تجد فيه نفسك التي لا تشيخ، بل تتجدد في كل مرة.

الشغف ليس كذبة، بل هو واقع التمسته عندما وجدت شغفي في عالم الصوت والإعلام وعندما أدركت بعد تكرار التجارب أنني أنتمي لهذا العالم أمام الميكرفون وفي غرف الأستوديو وحين أمسك القلم لأحرر هذا المقال.

رسالة لكل شغوف:

إياك أن تدع أحدا يسرق منك شغفك، وإن كنت تواجه صعوبة في تحديده، فانظر في أعماقك وداخل قلبك، فستجده ينتظرك هناك، وتذكر إن تنازلك عنه بعد أن تجده سيكون أكبر خساراتك في الحياة، وتمسك به كحقيقة مطلقة لا تقبل النقاش، فهو ما يبقيك على قيد الحياة.

الثانية وثمانية وخمسون بتوقيت الروح.