+A
A-

أسطوانات الغاز ... القاتل الصامت وأبطاله تجار الموت

- صابر: عمال غير مختصين يستخدمون قطعا غيار مقلدة تتسبب بالتسريب

- القطري: سيكون للنواب دور في تفعيل وتشديد الرقابة على المحلات

- آل شهاب: نقوم بعمل سلسلة من المحاضرات لتوعية ربات المنازل

- الناصر: 200 شخص يموتون سنويا بسبب الاختناقات في الولايات المتحدة

- الكعبي: ممنوع دحرجة الأسطوانات على الأرض لضمان عدم إحداث تلفيات

- الشقيقتان الناجيتان: الاستعانة بعامل غير متخصص وراء الواقعة

لم ترتد الشابة زينب إبراهيم ذات الثمانية عشرة ربيعا ملابس عيد الفطر كسائر الفتيات في الأعياد، وإنما أغمضت عيناها وأرتدت الثوب الأبيض لدخولها في غيبوبة لمدة أسبوع. ودخلت قرية سترة حزنا شديدا العام الماضي بوفاة 3 سيدات جراء اختناقهن من استنشاق غاز أول أكسيد الكربون؛ بسبب تسرب أحد أسطوانات الغاز التي كانت السيدات تطهي بها غذاء العيد.


وحاورت “البلاد”  الشابة زينب وشقيقتها سكينة بعد أن استفاقتا من الغيبوبة بعد مدة طويلة من تلك الحادثة، حيث أكدتا أن تسرب الغاز في المطبخ بيوم حادثة عيد الفطر يعود للتسليك الخاطئ نفذه عامل غير متخصص.


وتعتبر أسطوانات الغازل كالقنابل الموقوتة وكالغاز الصامت المميت الذي يمكن أن يكبد العائلات خسائر كثيرة جراء التسرب؛ بسبب التسليك الخاطئ لتمديدات الغاز على أيدي تجار الموت، إذ تشير الأرقام الرسمية الصادرة من الإدارة العامة للدفاع المدني بأن إجمالي حوادث الحرائق في المنازل بلغت نحو 3 آلاف و116 حادث حريق في المنازل طوال السنوات الأربع الماضية.


تعبئة الغاز
وأكد نائب مدير عام الإدارة العامة للدفاع المدني العميد حمد الكعبي أن السبب الرئيس وراء انفجار أسطوانات الغاز هو عدم الصيانة لأسطوانات الغاز باستمرار أو عدم المعرفة الجيدة بالسلوك والتصرف الصحيح عند وجود تسرب غاز داخل الأماكن المغلقة، كالمنازل أو الشقق أو المحلات كالمطاعم أو محلات إعادة شحن وتعبئة الغاز غير جيدة التهوية، ومنها إشعال مصدر طاقة كهربائي بالفتح أو الإقفال كمفاتيح القوابس الكهربائية شفاط الهواء أو المروحة او المصابيح الكهربائية، واستخدام الهاتف النقال داخل أماكن مشبعة بالغاز وإشعال مصدر لهب كأعواد الثقاب أو استخدام الولاعة لمعرفة موقع التسرب.


وونوه أن السلوكيات الصحيحة في حال وجود تسرب غاز وأن يتم إحكام غلق صمام الغاز من المصدر الرئيس بإحكام وإخلاء المكان فورا من جميع الأشخاص إلى مكان آمن إلى جانب تهوية المكان بفتح النوافذ والأبواب وعدم استخدام المفاتيح الكهربائية بالتشغيل أو الإيقاف وعدم إشعال أعواد الثقاب للبحث عن مكان التسرب.


ودعا لتجنب التسبب في حدوث انفجار عبر منح إصلاح مصدر التسرب للمختصين، إذ إن اتباع هذه الخطوات يؤمن المخاطر التي تحدث جراء تسرب الغاز ويحول دون حدوث انفجار.


وأشار إلى أنه في حال إعادة شحن أسطوانة الغاز، فإنه يجب تجنب دحرجتها على الأرض؛ لضمان سلامتها وعدم إحداث تلفيات تتسبب بوقوع حوادث جسيمة ومن الوسائل الآمنة والسليمة لتخزين أسطوانة الغاز هو وضعها أو تخزينها في مكان آمن وبعيد عن مصادر الاشتعال أو حرارة الشمس العالية، ويجب الحرص على توفير خزانة مقفلة بها فتحات تسمح بالتهوية الجيدة، ولمنع العبث بها وحفظها من مصادر الحرارة العالية التي تؤثر على سلامة التوصيلات المطاطية، ويجب تخزين الأسطوانة بعيدا عن الممرات والطرق ومتناول الأطفال، ويجب وضعها بشكل رأسي.


ولفت إلى أن الدفاع المدني يقوم بتوعوية المواطنين والمقيمين باشتراطات السلامة المنزلية وذلك عبر عدة فعاليات ومحاضرات وحملات تتضمن أهمية اتباع الإرشادات واشتراطات السلامة الخاصة بتمديد أنابيب الغاز وأماكن وضع أسطوانة الغاز ومدى خطورة تسرب الغاز وكيفية التصرف الصحيح عند وقوعه وذلك بالتعاون مع الجهات المعنية في مختلف المحافظات والجمعيات والأندية، وكذلك من خلال البرامج الإذاعية والصحف المحلية وبرامج التواصل الاجتماعية.


ونوه بوضع الأسطوانة خارج المنزل في أماكن جيدة التهوية، واستخدام الأنابيب والوصلات ذات مواصفات مطابقة للجودة العالمية، وكذلك فحص الأنابيب مع وصلاتها للتأكد من عدم تسرب الغاز، وإبعاد أسطوانة الغاز عن المواد القابلة للاشتعال والنفايات، والتأكد من وجود منظم للغاز وصمام أمان داخل المطبخ، وضرورة الحرص على تركيب مانع تسرب الغاز على الأسطوانة، إضافة إلى وضع جهاز استشعار الغاز لكشف التسرب عند وقوعه.


نشر التوعية
ومن جهتها، دعت عضو مجلس إدارة جمعية الصحة والسلامة مها آل شهاب لتركيب جهاز استشعار لتسرب الغاز في المطبخ أو المطاعم، والذي يعمل على إصدار صوت إنذار في حالة حدوث تسرب الغاز تفاديا لأية أخطار يمكن أن تقع.


وأردفت أن الجهود الوطنية موجودة منذ عقود ومازالت مستمرة؛ لأن أسطوانات الغاز تستعمل على نطاق واسع في المنازل والمطاعم، وعوامل الخطورة لاستخدام هذه الأسطوانات متعددة مثل الاختناق؛ كون هذا الغاز لا لون له ولا رائحة، فيتسرب إلى الجو بسرعة ويقلل من نسبة غاز الأكسيجين إلى نسبة ضئيلة جدا لا تساعد على الحياة وعوامل الحريق والانفجار؛ بسبب الغاز القابل للاشتعال إلى جانب الحروق الكيميائية، والتسمم الكيميائي، والضغط العالي والمناولة غير الآمنة للأسطوانات.


وقالت “دورنا كجمعية صحة وسلامة هو نشر التوعية للاستخدام الأمثل لأسطوانات الغاز، وتجنب المخاطر وكيفية التعامل مع الأخطار حال وقوعها، وهذا الدور التوعوي مستمر، فنقوم بعمل سلسلة من المحاضرات توعوية للسلامة في المنازل، والمحاضرات يقوم بتقديمها نخبة من أعضاء الجمعية بعدة لغات وتقدم في المساجد والجمعيات الخيرية والمراكز الشبابية بمختلف المحافظات”.


ولفتت الى أن الجمعية تستهدف شرائح المجتمع المختلفة وربات البيوت، والإقبال جيد للمحاضرات والتفاعل ممتاز، فالجميع حريص على توفير الأمن لمنزله، ويتم شرح الأخطار التي تنشأ في حال حدوث حريق بسيط وكيفية التعامل المشكلة، والإسعافات الأولية بحيث تكون المحاضرات شاملة.


وأردفت أن أكثر البلاغات الواردة هي أسطوانات الغاز الموجودة في سكن العمال وتشكل خطرا، فهناك حوادث كبيرة لوجود عدد كبير من الأسطوانات داخل المنازل، إلى جانب خطورة وجود مواقد الغاز وتثبيتها بطريقة خاطئة وتتسبب بحوادث خطيرة.


ونوهت بأن الجمعية قامت بتوزيع عدد من كاشفات الدخان بمساكن العمال؛ لضرورته لإعطاء تحذير قبل وقوع الحريق.


ورأت بأن يكون هناك استخدام واع لمواقد الغاز، فلا يجب تخزين المواقد بالقرب من الأسطح الساخنة.


وبينت أنه يجب استخدام مواقد الغاز في مواقع ذات تهوية جيدة، وعدم تخزين أسطوانات الغاز من دون استخدام لمدة تزيد عن العام الواحد.

فيصل الناصر
حالات اختناق
كما أكد استاذ طب العائلة ورئيس مركز الرعاية الصحية المنزلية فيصل الناصر أن هنالك نسبة لا يستهان بها حول العالم من حالات الاختناق التي تحدث بسبب تسرب غاز الأفران في المنازل، ففي الولايات المتحدة الأمريكية يتوفى تقريبا 200 شخص سنويا بسبب هذا الاختناق.


 وبيَّن أن غاز الأفران يحتوي على غازات الاشتعال منها البوتان والبروبان والبترول الغازي، وهي غازات مسرطنة، ومن الممكن أن يتولد من اشتعالها أول اكسيد الكربون وثاني أكسيد النيتروجين.


ولفت إلى أنه في حال استنشاق الإنسان للغاز وخصوصا غاز أول أكسيد الكربون يتسبب ذلك بداية في الإحساس بالصداع والضعف العام والدوخة ومن ثم الغثيان والاستفراغ وضيق النفس وزغللة العينين وينتهي بفقدان الوعي، علما بأن كل ذلك يؤدي إلى انخفاض وهبوط في وظائف جسم الإنسان كجهاز المخ والإعصاب وكذلك الأعضاء الاخرى كالكبد والرئتين، كما أن ثاني أكسيد النيتروجين يؤدي إلى خلل في الجهاز التنفسي.


وقال: “إن الاختناق يأتي نتيجة لتسرب غاز المطابخ في المنازل أو المطاعم وغيرها، وبسبب عدم الاشتعال الكامل للنار ينتشر غاز أول أكسيد الكربون الذي هو غاز عديم اللون وعديم الرائحة ومن قابليته سرعة اتحاده مع كريات الدم الحمراء وبشكل قوي جدا يمنعها من نقل الأكسجين، وبالتالي يحدث نقص في الأكسجين اللازم للوظائف الحيوية لأعضاء الجسم، ومنها المخ والقلب والرئتين مما يعرض لتشبع الجسم بكمية كبيرة من أول أكسيد الكربون الذي يتسبب في التسمم بدءًا بالاختناق ومن ثم دخول الشخص في مرحلة الغيبوبة”.


ونوه أنه في حال تسرب غاز المنزل وتعرض أي شخص للتسمم والاختناق، فيجب وبسرعة تقديم الإسعافات الأولية له وذلك عبر فتح النوافذ والأبواب لدخول تيار الهواء؛ لكي يستنشق المصاب الهواء النقي، وعمل التنفس الصناعي في حال حدوث الغيبوبة وعدم تنفس المصاب، وطلب الأسعاف فورا كما يجب فورا إغلاق مصادر انبعاث الغاز مع التنويه والحذر، وتجنب فتح أي مفاتيح كهربائية كالمصابيح أو المكيفات أو المراوح التي تتسبب في حدوث شرارة تؤدي إلى انفجار المكان وحدوث الحريق، وكذلك الحذر نهائيا من عمل أية شعلات نارية كاستخدام الكبريت أو الولاعة والتدخين السجائر”.


ودعا  الناصر إلى فحص المواقد والأفران وأسطوانات الغاز والتأكد منها دوريا، وأن توضع أسطوانات الغاز خارج المنزل لخطورة وجودها بداخل المنزل التي من الممكن أن تسبب في كارثة كالانفجار أو الحريق.


اللجوء لغير المختصينأما صاحب غاز المملكة صابر حسين، فانتقد كثرة تسرب أسطوانات الغاز في المنازل والمطاعم نتيجة للجوء بعض الزبائن إلى العمال غير المتخصصين لتسليك تمديدات الغاز دون الاستعانة بمختصين من شركة معتمدة؛ كون العامل هو الأرخص سعرا في تقديم الخدمة دون مراعاته سلامة تمديدات الغاز.


وقال: “يجب الأخذ في الاعتبار أنه عند الحاجة لعمل أي تمديدات للغاز أو الصيانة، فيجب أن يكون بواسطة فني مختص أو مؤسسة، وأن التمديدات مخصصة لتوصيل أسطوانات الغاز للمواقد مع التأكد من سلامة الإجراءات والتركيبات تفاديا لأية تسرب مستقبلا”.


وأشار الى أن جميع التمديدات لا يجب أن تستخدم لها وصلات، وإنما “لحام” احترازا لأية تسرب، منوها بأن السوق الآن تحتوي على قطع غيار لتمديدات ووصلات غاز جدوتها ضعيفة ومقلدة، وغير أصلية.


ودعا وزارة الصناعة والتجارة والسياحة بتكثيف الجولات التفتيشية ومراقبة الأسواق والمحلات التجارية لبيعها قطع غيار غير أصلية؛ تجنبا لخسارة أرواح بسبب قطع غيار رخيصة يوفرها التجار ولا يعلم بها الزبون وتسبب له الموت.


ودعا لأن يتم فحص أسطوانة وتمديدات الغاز كالأنابيب والصمامات والتأكد من سلامتها بصورة دورية وتجنب تعريضها للحراة أو الشمس واستبدالها بخرطوم تمديد الغاز كل 6 اشهر، إذ إن حرارة الشمس تقضي على خرطوم تمديد الغاز وبذلك يكون جامد وغير مرن ويحدث تسرب.


ولفت إلى أنه يجب على صاحب المنزل أن يمرر أسفنجة صابون ويمررها على خرطوم التوصيل المطاطي، فإذا ظهرت فقاعات دل ذلك على وجود تسرب، كما يجب فحص مواقد الغاز والأفران والتأكد على عدم انسداد منافذ الغاز، وإغلاق مصدر الغاز عند مغادرة المنزل.

فاطمة القطري
تشريع نيابي
ورأت رئيسة لجنة المرأة والطفل البرلمانية فاطمة القطري أن عدم تقيد البعض من أصحاب المطاعم باشتراطات السلامة يرشح تكرار وقوع انفجارات لأسطوانات الغاز وتكرار هذه الحوادث.


وقالت: “هناك مطاعم ومبانٍ يسكنها العمال تعاني ضعف الرقابة والتفتيش؛ كونها منطقة تعج بالعمالة الأجنبية، وسكن العزاب، والبيوت الآيلة للسقوط، والمباني التي يجب إزالتها من جانب البلدية، وعدم التفريط في تأهيل مثل هذه المباني القديمة”.


ولفتت إلى أنه سيكون للمجلس النيابي دور في تفعيل وتشديد الرقابة وحملات التفتيش على منطقة السوق، والتأكد من التزامها بإجراءات الأمن والسلامة فيها من خلال أدواته التشريعية والرقابية خلال دور الانعقاد المقبل.


وختمت “لابد أن تمنع مملكة البحرين من دخول مثل هذه البضائع الرخيصة من قطع غيار غير أصلية إلى المحلات التجارية، ويجب أن يتكاتف المواطنون والمقيمون بعدم تسليك منازلهم أو مطاعهم على أيدي عمال غير مختصين، وعليه يجب أن يكون هناك تشريع للحد من هذا التصرف، فما حدث للنساء في عيد الفطر يمكن أن يحدث مرة أخرى لعائلات أخرى”.