+A
A-

الأمم المتحدة: الوضع في بيروت مأساوي ومروع حقًا

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أمس الجمعة أن الوضع في بيروت مأساوي حقًا.
ومع تشرد الآلاف إثر الدمار الذي لحق بالمنازل، شددت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أيضًا على وجود حاجة كبيرة لتوفير مراكز إيواء في بيروت.
بدورها، نبهت منظمة الصحة العالمية إلى تدهور النظام الصحي الضعيف أصلا في لبنان، قائلة “إن الوضع الصحي في البلاد بات مشكلة خطيرة بعد الانفجار المروع، الذي حصد حتى الآن 154 قتيلًا”.
وأكدت أن هناك نقص حاليا في الأسرّة؛ بسبب الأضرار التي لحقت بالمستشفيات، لاسيما وأن 4 مستشفيات في العاصمة دمرت، بينما بلغ عدد الجرحة أكثر من 5 آلاف.
من جانبه، قال الرئيس اللبناني ميشال عون أمس الجمعة إن الانفجار الضخم في مرفأ بيروت قد يكون ناجمًا عن “إهمال أو صاروخ أو قنبلة”، في وقت تُكثف فرق الإنقاذ جهودها للعثور على مفقودين لا يزالون تحت الأنقاض.
ورفض عون إجراء تحقيق دولي في الانفجار الذي دمّر أجزاء كبيرة من العاصمة.
ويتوالى وصول المساعدات الدولية إلى لبنان، وستنظم فرنسا في الأيام المقبلة مؤتمرًا دوليًا لدعم لبنان أعلن عنه رئيسها إيمانويل ماكرون أثناء زيارته الخميس إلى بيروت، إذ دعا القادة السياسيين إلى “ميثاق سياسي جديد” و”تغيير عميق” في أدائهم.
وقال عون أثناء لقاء مع صحافيين في القصر الجمهوري في بعبدا “ثمة احتمالين لما حصل، إما نتيجة إهمال أو تدخل خارجي بواسطة صاروخ أو قنبلة”، وأضاف “طلب من ماكرون أن يزودنا بالصور الجوية كي نستطيع أن نحدد إذا كانت هناك طائرات في الأجواء أو صواريخ”.
وتجري الأجهزة القضائية اللبنانية تحقيقًا في الانفجار الذي قالت السلطات إنه ناجم عن تخزين 2750 طنًا من مادة نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12 منذ 6 سنوات. وكان العنبر يحوي أيضًا “مواد ملتهبة سريعة الاشتعال وكابلات للتفجير البطيء”، بحسب بيان لمفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية.
وأفاد مصدر قضائي لوكالة فرانس برس عن ارتفاع عدد الموقوفين على ذمة التحقيق إلى 21 شخصًا، بينهم مسؤولون في المرفأ والجمارك ومهندسون. وبينهم، وفق ما قال مصدر أمني لـ “فرانس برس”، رئيس مجلس إدارة المرفأ حسن قريطم.
وأوعز مصرف لبنان إلى المصارف تجميد حسابات 7 من مسؤولي وموظفي المرفأ على الأقل، وصدر قرار قضائي بمنعهم من السفر.
ودعت جهات عدة بينها “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة “العفو الدولية” إلى إجراء تحقيق دولي لكشف ملابسات الانفجار.
وأعرب ماكرون عن تأييده “إجراء تحقيق دولي مفتوح وشفاف للحيلولة دون إخفاء الأمور أولًا ولمنع التشكيك”.
إلا أن عون، وردًا على سؤال صحافي عما إذا كان مطلب التحقيق الدولي “تضييعًا للحقيقة”، قال اليوم “أكيد.. لا معنى لأي حكم إذا طال، لأن القضاء يجب أن يكون سريعًا والعدالة المتأخرة ليست بعدالة”.
ونفى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أمس الجمعة وجود أي أسلحة تابعة لحزبه مخزنة في مرفأ بيروت، ردًا على تقارير وتحليلات حول الموضوع منذ وقوع الانفجار.
وقال “أعلن نفيًا قاطعًا ومطلقًا وحاسمًا.. أنه لا شيء لنا في المرفأ، لا يوجد مخزن سلاح أو مخزن صواريخ أو بندقية أو قنبلة أو رصاصة أو نيترات (الأمونيوم) على الإطلاق”.
أكبر كوارث اللبنانيين
ولم يستفق لبنان بعد من هول التفجير الضخم الذي ضرب الثلاثاء مرفأه، المرفق الحيوي الذي تعتمد عليه البلاد لاستيراد الجزء الأكبر من احتياجاتها الأساسية.
في المرفأ، الذي أصبح أشبه بساحة خردة ضخمة، انهمك عمال إنقاذ منذ ساعات الصباح الأولى بمواصلة البحث عن مفقودين بين جبال من الأنقاض وأكوام الحبوب التي انتشرت في كل مكان في محيط الإهراءات المتداعية جراء الانفجار.
وشاهد مراسل “فرانس برس” في الموقع آليات ثقيلة وجرافات تعمل على فتح ممر بين الأنقاض للوصول الى العالقين من موظفي المبنى.
وتبحث فرق إنقاذ فرنسية وإيطالية وألمانية وروسية في الموقع عن 7 موظفين على الأقل كانوا يعملون في غرفة الإدارة والتحكّم في الإهراءات.
وفي موقع الانفجار، يخرق صوت الجرافات الهدوء وسط الدمار الكبير. هياكل سيارات وحاويات في كل ناحية وصوب، وأكوام ركام وحديد وبضائع مبعثرة.
وتسبّب الانفجار بتشريد نحو 300 ألف شخص من سكان العاصمة ممن تصدّعت منازلهم أو تضررت بشدة، وفق محافظ بيروت مروان عبود.
ويخيم الحزن على شوارع بيروت. ولا يتمكن كثر من حبس دموعهم من شدّة التأثر والحزن أثناء تجولهم أو قيادة سياراتهم. على شاشات التلفزة المحلية، تتحدث أمهات وزوجات وأصدقاء مفجوعون عن خسارة أحبائهم.
فبينما كان اللبنانيون يتابعون بعجز انهيار الاقتصاد في بلدهم ويعيشون تبعات الوضع الصعب الذي فاقمه وباء كوفيد - 19، أتى الانفجار ليشكل أكبر كوارث اللبنانيين.
وحمل اللبنانيون مسؤولية الانفجار للسلطة الحاكمة التي انتفضوا ضدها قبل أشهر مطالبين برحيلها. واندلعت ليلًا مواجهات محدودة بين عشرات الشبان الغاضبين والقوى الأمنية في وسط بيروت.
نظام “مشلول”
ورأى عون أمس الجمعة أيضًا وجوب إعادة النظر بالنظام القائم الذي يعيق تحقيق إصلاحات. وقال للصحافيين “نحن أمام تغييرات وإعادة رؤية نظامنا القائم على التراضي بعد أن تبيّن أنّه مشلول ولا يمكن اتخاذ قرارات يمكن تنفيذها بسرعة”.