+A
A-

مساكن سار العمالية ... مأوى لغير الآدميين

كان من اليسير رؤية علامات الخوف والهلع والاستغراب والدهشة على وجوه العمال الآسيويين، ومعها ربما مشاعر رجاء وعطف وتوقع “تغير الحال إلى الأفضل”، حين نظم المجلس البلدي الشمالي بحضور النائب فلاح هاشم ورئيس المجلس البلدي ممثل الدائرة الخامسة أحمد الكوهجي زيارة صبيحة يوم الأحد 9 أغسطس 2020 لمتابعة الرقابة والتفتيش على السكن الجماعي المشترك “سكن العزاب” في الدائرة الخامسة بحضور ممثلين عن مختلف الوزارات، فيما غاب عنها ممثل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية. وجرت هذه الزيارة قبل صدور التوجيهات السامية الحديثة من سمو رئيس الوزراء بشأن تكليف الوزارات المعنية بوضع آلية لمراقبة ومتابعة سكن العمال.

على أرض الواقع.. هذا المكان لا يصلح للاستخدام الآدمي
تصحيح الأوضاع  
وبدا الوضع “غير سار” في زيارة بضعة مواقع في منطقة سار، حيث يتكدس عمال في بيوت ضيقة أشبه “بعلب الخطر” وتفتقر لأبسط متطلبات العيش الآدمي، فأولئك “الأوادم” الذين يعيشون في الحجرات الضيقة وغرف الصفيح والخشب ومرافقها، هم بشر لهم حقوق، علاوة على ضبط مخالفات أخرى من قبيل تكدس المخلفات، وعدم إزالتها وعدم صلاحية أنظمة تخزين المحال التجارية، وليست هذه الصورة جديدة بالنسبة لمنطقة سار أو مختلف المناطق في المحافظات الأربع بالمملكة، ولربما بدت الصورة في مواقع سكن عمال أسوأ بكثير، وهذه الزيارة وضعت هدفًا واضحًا كما أكده النائب هاشم ورئيس المجلس الكوهجي، وهو تصحيح هذه الأوضاع الخاطئة، والتي طرحتها “البلاد” في موضوع نشرته بتاريخ 3 مارس 2019 تحت عنوان :”في سار.. الوضع غير سار”، وألقت فيه الضوء على مشاهد متعددة من المخالفات والتداخل بين التراخيص التجارية والاستثمارية والسكنية، ومشكلة مجمعات تعاني الحشرات والقوارض، وأخرى تعاني فوضى سكن العمال الأجانب ما يقلق راحة المواطنين والمقيمين.

الاستعداد لمعاينة أحد المساكن المكتظة بالعمال
غياب “العمل”
ووفق خطة الزيارة، فكان من المفترض أن تكون وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وهيئة تنظيم سوق العمل ضمن فريق الممثلين عن الجهات الحكومية التي شاركت في الجولة الميدانية، وضمت كلا من: الجهاز التنفيذي ببلدية المنطقة الشمالية، والدفاع المدني، ووزارة الصحة، ووزارة الداخلية، وبالطبع، اللجنة الفنية بالمجلس البلدي الشمالي برئاسة عبدالله مبارك القبيسي، ومع ذلك، فقد مضت الزيارة ليشير النائب فلاح هاشم إلى أن وضعية المنازل التي يقطنها عدد كبير من الوافدين غير لائقة للسكن، ومن حق هؤلاء العمال أن يكون لهم مستوى جيد من السكن، وهذه مسؤولية أرباب العمل، واستدرك بالقول: “أود أن أسجل نقطة هنا، فمن المفترض أن تكون وزارة العمل حاضرة في هذه الزيارة، وعلمت أنهم اعتذروا وهذا أمر غير مقبول؛ لكونها الوزارة المعنية بصورة أساسية عن سكن العمال، وحين يتغيبون، فهذا تقصير منهم، وسيكون لي اتصال مع وزير العمل حول هذا الأمر؛ لأننا نتحدث عن حقوق ناس”، فالعمال الذين زرناهم لهم حق السكن المناسب واللائق، وعليهم تبعات أيضًا نظرًا لعيشهم في هذه الأوضاع، وهذه التبعات تنعكس على مهام وزارات آخرى ومن المهم إيصال الصورة الحقيقية للواقع المعاش بالنسبة لهذه الشريحة من العمال”.

أرض مسورة أصبحت مكبًا للنفايات
المخاطر  
في إشارته إلى مجمل أوضاع مواقع سكن العمال، يؤكد رئيس مجلس البلدي الشمالي أحمد الكوهجي أمورا قالها مرارًا وتكرارًا فيما يتعلق بظروف معيشة العمال سواء في المزارع والمنازل غير اللائقة في مناطق المحافظة الشمالية، ليعيد التشديد على أهمية اتخاذ خطوات حازمة وتطبيق الإجراءات السريعة والعاجلة لتعديل أوضاع سكن العمال، وزاد قوله: “في مثل هذه الظروف الصحية مع احترازات مكافحة فيروس كورونا، ومن قبل أيضًا، لا يمكن أن يكون هذا الوضع مقبولًا، ثم هذه المخاطر تنعكس أيضًا على المواطنين والمقيمين مما يسبب الكثير من القلق، لهذا لابد أن نعمل جميعًا لإنهاء هذه الصورة السيئة، فمعنا اليوم ممثلون عن جهات عدة، وكان بودنا أن يكون ممثل وزارة العمل وهيئة تنظيم سوق العمل متواجدين؛ لمشاهدة الوضع المزري، وكما نعلم، فإن مملكة البحرين، ووفق توجيهات  عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ورئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، يؤكدون حقوق جميع الفئات، والبحرين لها مكانتها المتميزة في شأن حقوق الوافدين، ونحن أيضًا كمواطنين بحرينيين لدينا سمات التعايش وحفظ حقوق الآخرين”.


ووجه كلمة إلى أصحاب العمل :”نتمنى من أرباب العمل الالتفات إلى هذه النقطة وإيجاد مناطق ومواقع سكنة لائقة لعمالتهم بدلًا من تكديسهم مثلًا في غرفة واحدة بعدد كبير وهذا مدعاة لانتشار الأمراض، وقد شاهنا مساكن لا تليق بالبشر”.