+A
A-

المطرب الذي تفتحت الأزهار لصوته الجميل

بطبيعتي أحب أن أستذكر وأنير شعلة ذكرى القامات الفنية التي رحلت عن عالمنا وتركت لنا إرثا ضخما من الأعمال الإبداعية، ليتعرف عليها أبناء الجيل الحالي الذي يفتقد إلى الكثير من المعلومات عن أولئك العظام ويحتاج إلى من يخترق عقله ويبلغ قراره ويعرفه بهم.

في العام 2018 وبعد معاناة مع المرض انتقل إلى رحمه الله تعالى المطرب الذي تفتحت الأزهار في الحدائق لصوته الجميل. محمد علي عبدالله ضوء الإبداع الذي يحيط بالأرض، مخلفا شموسا وعوالم لا تنتهي من روعة الطرب والفن.

وفيما يلي نسترجع سيرة الفنان محمد علي عبدالله كما دونها الفنان يوسف محمد في كتابه “عنوا على البال”..

في العام 1957 بدأت أول خطواته الفعلية في هذا المجال عندما انتظم (بفرقة ندوة البحرين الموسيقية” التي أسسها الفنان المرحوم عبدالواحد عبدالله في المحرق، والتي سميت بعد ذلك بفرقة “أوال الموسيقية”، وهي تعد من أوائل الفرق الموسيقية في البحرين، فانتظم معهم عازفا على آلة “الهارمنيوم” ثم آلة “الأكورديون”، حيث يعتبر الفنان محمد علي عبدالله أول فنان بحريني يعزف على هذه الآلة مع فرقة موسيقية، فبدأ يعزف على هذه الآلة مستمتعا دون أن يعلمه أحد أو يوجهه على ذلك، وكانت بذرة الموهبة بداخله موجودة، تكبر معه يوما بعد يوم مما ساعد ذلك على إتقانه العديد من الآلات الموسيقية خلال مشواره الفني.

انتقل بعد ذلك إلى “فرقة أسرة هواة الفن” في العام 1959، وهنا بدأ تعلقه بالموسيقى يكبر خصوصا وأن هذه الفرقة كانت بارزة في تلك الفترة وكانت تضم أبرز الفنانين والموسيقيين ولها الكثير من المشاركات، وكانت تقيم الحفلات والمهرجانات وتشارك في إحياء الأعراس، إضافة إلى مخالطته كبار الفنانين ورؤيته العديد منهم بعدما كان يسمع أصواتهم فقط عبر الراديو، بل الكثير منهم كان بالنسبة له حلما أن يشاهدهم ويقف بجانبهم، إلا أن إصراره على بلوغ النجاح والتميز جعل منه اسما كبيرا في مجال الغناء والموسيقى، حيث كانت بذرة البداية فرقة ندوة البحرين الموسيقية، وكبرت بانضمامه لأسرة هواة الفن، وبعدها فرقة الأنوار، وفرقة النجوم، كما لعب نادي شط العرب دورا كبيرا في مشواره الفني.

في مشواره الفني الكبير والمميز قدم هذا الفنان محمد علي عبدالله الكثير من الأغاني الفنية المتميزة التي مازالت تطرب الجميع لما تتميز من صدق الكلمة وروعة اللحن والأداء الجميل، وقد قدم باقة فنية رائعة تحتوي على مجموعة كبيرة من الأغاني المتنوعة ما بين أغان وطنية وعاطفية وابتهالات دينية، وأثناء مشواره الفني تعاون مع عدد من أبرز کتاب الأغنية، تميزت بشكل كبير الأعمال الغنائية التي تعاون فيها مع الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة رحمه الله، حيث يصف محمد علي عبدالله بأن كلمات الشيخ عيسى بن راشد لها وقعها الخاص والكبير في نفسه، وأنه يستمتع كثيرا في أداء هذه الكلمات التي ساهمت في نجاحه وبروزه، مثمنا للشيخ عيسى بن راشد ثقته بصوته وإمكاناته في التلحين خاصة وأن كلماته لم يتغن بها..

وقد قدم محمد علي عبدالله للساحة الفنية 6 ألبومات غنائية غالبيتها كانت من إنتاج المرحوم أحمد جمال (مؤسسة صوت وصورة) قدم فيها أروع أعماله الفنية التي مازال الجمهور يتغنى بها مثل “شقد أنا ولهان”، “يعني ما تدرين”، “الله کاتب”، “اطري عليكم”، “طير الحمام”، “دعيت عليك”، “ما بیج تحبيني غصب”، “عنوا على البال”، “على حلك تدلل” وغيرها.

وجاء يوم الإثنين الموافق 1 يناير 2018 ليقف نبض قلبه، وتدق أجراس قوافل الرحيل وتطعن الساحة الفنية المحلية والخليجية بخنجر النواح.