+A
A-

المير: المملكة منارة لا مثيل لها في المساواة بين الجنسين

نظّم مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي ندوة افتراضية رفيعة المستوى حملت عنوان “تمكين المرأة.. أجندة 2020 الأممية لأهداف التنمية المستدامة”، وذلك على هامش أعمال الدورة ال 75 لأعمال الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة والمقامة حاليًّا في مدينة نيويورك الأميركية، لتكون الثالثة والأخيرة ضمن سلسلة ندوات المركز الافتراضية بالتزامن مع انعقاد العمومية الأممية.

وأجمعت الفعاليات النسائية المشاركة في الندوة على أن مملكة البحرين ما تزال استثنائية بنموذجها المتكامل في تمكين المرأة وتحقيق هدف التنمية المستدامة الخامس لعام 2030 المتمثل بالتنوع الجندري والمساواة بين الجنسين، لافتين إلى أن تحقيق أسمى القيم الإنسانية في التعايش السلمي والتسامح واحترام الحريات الدينية وحوار وتعزيز التنوع الثقافي قد هيأ الأرضية المثالية لتعزيز تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل على مستوى المملكة.

وأكدت أمين عام مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، سمية المير أن المساواة بين الجنسين لا تمثل عنصرًا رئيسًا في حقوق الإنسان فحسب، ولكنها تشكل أيضًا أساسًا لعالم مسالم ومزدهر بصورة مستدامة، مشددة على ان إتاحة التعليم والرعاية الصحية وفرص العمل المناسبة المرأة وانخراطها بعملية صنع القرار السياسي والاقتصادي سيضيف زخمًا للاقتصاديات وستعم الفائدة المجتمعات والجنس البشري ككل.

وبينت المير أنه بفضل القيادة الرشيدة والتوجيهات السديدة لعاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وجهود المجلس الأعلى للمرأة منذ انطلاقته الأولى في العام 2001 برئاسة قرينة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة أصبحت مملكة البحرين اليوم منارة لا مثيل لها في المساواة بين الجنسين وتحقيق العدالة الجندرية ومنح المرأة البحرينية كامل حقوقها، مدعومةً بدستور البحرين والعديد من القوانين والتشريعات الحديثة التي تمنع ممارسة أي شكل من أشكال التمييز بين الجنسين.

وأوضحت أنه إلى جانب ما تقدمه البحرين من خدمات تعليمية وصحية متطورة للنساء، تبنت المملكة كذلك حزمة مميزة من المشاريع القائمة والمبادرات المستقبلية الرامية إلى مضاعفة معدلات انخراط المرأة البحرينية في القطاع الخاص من خلال توفير فرص عمل مناسبة وتحسين بيئة وظروف العمل لما يناسب ويلبي احتياجاتهم.

وأكدت أن مملكة البحرين كانت منذ عقود طويلة خلت وماتزال ليومنا هذا في مقدمة دول منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط في تمكين النساء في جميع نواحي الحياة، حيث تتبوأ البحرينيات المسلمات والمسيحيات واليهوديات مناصب قيادية كوزيرات وعضوات وسفيرات. إضافة إلى عملها الاحترافي في قطاعات الصيرفة والتجارة وريادة الاعمال، ناهيك عن لعب أدوار محورية في الارتقاء بمستوى مجتمعها ورفاهية عوائلها.

ولفتت إلى أن المجتمع البحريني غني بتنوعه الثقافي والحضاري، حيث تمارس النساء من اتباع الديانات البهائية والهندوسية والبوذية والسيخ أدوارًا متكاملة في النسيج المجتمعي ويقدمّن مساهمات جليلة لا حصر لها في سبيل تقدم المملكة نحو مستقبل أكثر إشراقًا للجميع بغض النظر عن أعراقهم أو دياناتهم أو مذاهبهم.

وأكدت أنه بفضل كافة التسهيلات اللامحدودة التي تقدمها المملكة قيادة وحكومة وشعبًا للمرأة البحرينية، أصبحت النساء تتمتع بحقوق قد يراها البعض أكثر من أقرانهن الرجال في مختلف القطاعات، مما يهيئ توليفة استثنائية من التسامح وتكافؤ الفرص والانسجام المجتمعي الذي يؤدي في المحصلة النهائية إلى التنمية المستدامة والاحترام المتبادل والازدهار الدائم.

وشددت على ضرورة أن يتم تعميم التجربة البحرينية الرائدة في مجال تعزيز المساواة بين الجنسين لخدمة التعايش السلمي والحوار بين الأديان والفهم المشترك على مستوى مختلف دول وأقاليم العالم بما يعزز ثقافة تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل وتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 في وقتها.

لافتة إلى أن تنظيم المركز لمثل هذه الندوات الافتراضية يأتي في وقت بالغ الاهمية حيث تتعاظم فيه فرص السلام ونشر قيم التسامح والتعايش السلمي استنادًا على تعزيز الحريات الدينية والحوار بين مختلف الأديان.

قصة يجب أن تدرّس

بدورها، قالت كانتا أحمد وهي عضو شريك في منتدى النساء المستقل ومؤلفة كتاب “في بلاد المرأة غير المرئية” إن قصة مملكة البحرين في تمكينها للمرأة يجب أن تدرّس وتحكى على مستوى إقليمي وعالمي، حيث كانت سباقة في تعيين نساء بمناصب عليا في صنع القرار السياسي والدبلوماسي، ومساهمتها في الاقتصاد تصل إلى 45%، مع امتلاكهن لنسبة عالية من السجلات التجارية ونشاطهن اللافت في التجارة والأعمال الحرة.

وأوضحت أحمد أنه في أقل من 20 سنة من عمر تأسيس السلطة التشريعية في مملكة البحرين، استطاعت المرأة أن ترأس مجلس النواب، فيما أن الولايات المتحدة المعروفة بمسمى بلاد الديمقراطية فقد استغرق الأمر مرور أكثر من 200 عام لتترأس امرأة لمجلس النواب، لتكون المملكة سباقة على مستوى الديمقراطيات العريقة في إعطاء المرأة لكافة حقوقها في فترة زمنية قصيرة.

وبينت أحمد أنه يتعين على مختلف دول العالم، وبخاصة دول المنطقة، أن تحذو حذو مملكة البحرين في منح المرأة كامل حقوقها دون تمييز أو تفرقة عن نظيرها الذكوري، خاصة وأن الإسلاموية ماتزال تشوه بصورة عميقة المعتقدات الإسلامية، والتي هي في الأساس تحفظ حقوق المرأة كما هو منزّل ومنصوص عليه في القرآن الكريم.

وذكرت أحمد أن هناك الكثير من مناطق ودول العالم ماتزال فيها المرأة مهمشة وحقوقها غير مصانة، وكأن المرأة تشكل تهديدا على المجتمع ولا يتم إعطاؤها الاهتمام اللازم حتى لا يكون لها آثار سلبية على النسيج المجتمعي كما يدّعي البعض، مشددة على أن تمكين المرأة هو السبيل لارتقاء المجتمعات وازدهار اقتصادياتها، كما هو الحال مع تجربة البحرين الرائدة.

نموذج غير مسبوق في التسامح

بدورها، قالت مساعد المبعوث الأميركي الخاص بمكافحة معاداة السامية، إيلي كوهانيم ان مملكة البحرين تعتبر نموذجًا رائدًا وغير مسبوق في تسامحها وتعايشها السلمي جنبا إلى جنب مع تمكينها اللافت للمرأة البحرينية.

وضربت كوهانيم مثالاً على السفيرة البحرينية اليهودية السابقة لدى الولايات المتحدة هدى نونو التي تعتبر الأولى في تاريخ الوطن العربي في تعيين سفيرة يهودية، معربة عن فخرها بهذا النموذج البحريني وما تقدمه المملكة من دعم لا محدود للأقليات العرقية والدينية يعكس اهتمامها البالغ بالتعامل بعدالة ومساواة مع كافة بني البشر.

كما أشادت كوهانيم بما يقدمه مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي من رسائل إنسانية نبيلة وما يضمه من نساء عضوات في مناصب قيادية يمثلن مختلف الأديان والطوائف، ضاربًا أروع الأمثلة في تمكين المرأة والتسامح في آن معًا.

وأكدت كوهانيم أن النساء يشكلن نصف المجتمع، بل نصف البشرية، ولكن للأسف مازلن مهمشات ودرجة ثانية في الألفية الجديدة ولم ينلن حقوقهن الأساسية كاملة، مشددة على ان تطور المرأة ونهضتها لا حدود له ويجب أن يطلق العنان لإبداعهن الفكري والثقافي والسياسي والاقتصادية حتى يعم الخير سائر المجتمعات والدول.

واستعرضت كوهانيم بعض الإحصائيات الرسمية الصادمة عن النساء حول العالم، حيث هناك 2.7 مليار امرأة محرومة من الحصول على وظائف أسوة بأقرانهن الرجال. كما أن هناك 18 دولة يمنع فيها رب الأسرة زوجته من التوظيف أو الحصول على فرصة عمل.

وجدّدت كوهانيم التأكيد على أن تمكين المرأة وتعزيز إنتاجيتها وزيادة مشاركتها في نماء مجتمعها سينجم عنه منافع عديدة، أبرزها تقوية النسيج المجتمع وتنمية الاقتصاد ومضاعفة معدلات نموه وتوليد ما يفوق 7 تريليونات دولار للاقتصاد العالمي، مما سيتسبب لاحقاً في تعزيز الازدهار ومستوى الرفاه والاستقرار المجتمعي وتعميم السلام والتسامح بين الجميع.

بإمكان المرأة تغيير العالم

من جانبها، قالت سوزان هاكلي وهي المدير الإداري لمشروع “برنامج التفاوض” في كلية هارفارد للحقوق، إن التفاوض يعتبر عنصرًا مهمًّا في عملية تمكين المرأة، مضيفة: “نحتاج دائما إلى المهارات التفاوضية لتسوية النزاعات والخلافات وحل المشاكل بما يفضي الى إقامة العلاقات المستدامة والتواصل البناء”.

وتابعت: “بإمكان المرأة تغيير العالم الى الأفضل، فالتفاوض بفعالية وكفاءة عالية هو الحال لجميع مشاكلنا، ويجب أن نقنع الآخرين سواء حكومات أو شركات او منظمات بما لدينا من حلول، وامتلاك المهارة المناسبة في كيفية إيصال صوتك ورأيك بالتحاور والإقناع”.

وذكرت هاكلي أن لديها تجربة سابقة في التعامل مع شابات بحرينيات يمثلن قادة المستقبل، حيث تفاعلت معهن حول أهمية تعلم كيفية التفاوض ومهارات الاقناع والخطابة وكيفية التعامل مع من يخالفك الرأي بعقلانية وعقلية متفتحة متقبلة لكافة الآراء والاختلافات في التعاطي مع الطرف الآخر.

واستطردت بالقول: “إن النساء موهوبات بالفطرة ولكن يفضّلن السكوت حينما يتعلق الأمر بنيل حقوقهن المشروعة، وبالتالي لابد من استغلال كفاءاتهن ومهاراتهن التواصلية حتى يكنّ مخضرمات في التفاوض والطرح البناء لمختلف الأفكار ووجهات النظر. فلا يجب أن يخفن من تلقيبهن بمسمى المفاوضات، عليهن أن يفخرن بذلك ويسعين وراءه لنيل حقوقهن في كافة مواقع العمل والمنزل والمجتمع. كما تقع علينا مسؤولية في دعم النساء الموهوبات اللواتي لم تتح لهن الفرصة للإبداع وتمثيل صوتهن أو التعبير عن أفكارهن”.

من جهتها، قالت باتريشيا سكوت وهي ممثلة مركز UHMMS للتدريب الاحترافي، إن مهارات الاتصال مهمة جدًّا لكي يكون للنساء مكانة مسموعة ومرئية على طاولة الحوار أو التفاوض، مشيرة إلى أن الجنس الناعم يحتاج الى المهارات الناعمة وهي الاتصال والتشبيك والإرشاد والتفاوض حتى تتمكن من التأثير في مجتمعاتها وتكون قوة إيجابية تغير الدول للأفضل.

تفاؤل حيال تمكين المرأة

بدورها، قالت كارين سبرينغر وهي مديرة العمليات الصحية في نظام الرعاية الصحية الأميركي “آسكنسيون”، إن تعيين مملكة البحرين مسبقاً لأول بحرينية يهودية كسفيرة لدى الولايات المتحدة يعني الكثير بالنسبة للمنطقة والعالم، ويعكس ما تقدمه القيادة البحرينية ممثلة بجلالة الملك من رعاية واهتمام بالغ بترسيخ قيم التسامح والتعايش السلمي من جهة، وتمكين المرأة وإعطاؤها كامل حقوقها من جهة ثانية.

وأعربت سبرينغر عن تفاؤلها من فرصة اتخاذ النساء لزمام المبادرة وتبوء أدوار قيادية أكبر بما يخدم تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول العام 2030، مضيفة: “من المهم أن تطالب المرأة بحقوقها في أي مكان وزمان، فجميع من هم حولنا هم قادة في مجتمعاتهم وليس فقط من يصنعون القرارات السياسية”.

وذكرت سبرينغر أن عنصر الثقة مهم في تمكين المرأة في التفاوض لكي تنال حقوقها وتحصل على آذان صاغية من قبل الرجال، منوهة الى ضرورة ترسيخ ذلك في عقول النشء من الفتيات والشابات حتى ننشئ جيلاً نسائيًّا قادرًا على تحقيق التغير والتحول إلى عالم أكثر أمانا واستقرارًا للنساء حيث تتاح فيه فرص متساوية لهن في العمل والتعلم والرعاية الصحية وغيرها.

المرأة جزء رئيس من عملية السلام

بدورها، قالت نهلة فالجي وهي كبير مستشاري الجندرة في المكتب التنفيذي لدى منظمة الأمم المتحدة، إن حصول المرأة على مناصب قيادية لا يقتصر فقط على العدالة في التمثيل، وإنما يشمل كذلك الفعالية في التمثيل والتأثير في المشاركة.

وأكدت فالجي أن أي عملية سلام أو تعايش سلمي لابد أن تكون فيها النساء جزءًا رئيسيًّا بمنحهن كامل الحقوق وتحقيق العدالة المجتمعية كما هو حاصل مع تجربة مملكة البحرين، لافتة إلى أن تعظيم مساهمة المرأة في مجتمعها وتعزيز التنوع الجندري سيكون له أكبر الأثر في خلق المزيد من فرص العمل وضخ تريليونات الدولارات في الناتج المحلي الإجمالي.