العدد 5663
الثلاثاء 16 أبريل 2024
banner
جعفر حمزة
جعفر حمزة
ClubHouse إلى أين تأخذنا أصواتنا؟
الإثنين 08 فبراير 2021

هي أيام معدودات خضتُ فيها تجربة الدخول على تطبيق ClubHouse أو كما يحلو للبعض تسميته بغرف الدردشة الصوتية إثر دعوة من السيد Fabian Geyrhalter، مؤلف كتاب How to launch a brand وكتب أخرى.

إن رأى البعض بأن ClubHouse ما هو إلا صورة مطورة عن PalTalk مع ميزات متقدمة، فإن حضوره يبقى مختلفاً لأسباب عدة، منها:

. الدخول على التطبيق لا يكون إلا بدعوة ممن هو بداخله، ولا نعلم إن كان الوضع سيستمرعلى هذا النمط أو سيكون مفتوحاً
. يحوي التطبيق العديد من الغرف والمواضيع ويمكنك الدخول على أي غرفة شئت، إن كانت هناك صلة بينك وبين أحدهم بالغرفة
. الغرف إما تكون مفتوحة أو يمكنك دعوة من تريد لتكون مغلقة
وهناك العديد من المزايا يمكن للقاريء الاطلاع عليها عبر البحث عنها بالإنترنت


لكن ما شدني حقيقة في أقل من اسبوع من تجربتي للتطبيق، هي كمية التفاعل النوعية الموجودة فيه.


تعلمتُ الكثير من الغرف التي يقدم فيها Chris Do تجاربه في مجال الأعمال بالتصميم والإبداع، وكانت لي الفرصة بالحديث مباشرة مع الكاتب Marty Neumeier مؤلف كتاب Brand Gap و Zag و Brand Flip، وكمية إلهام متدفقة من الخطيب المفوّه Les Brown، صنعها في دقائق معدودات بكلماته العميقة والمؤثرة في إحدى الغرف.


إن الزخم الرهيب لهذا التطبيق والذي رافقه دخول أسماء كبيرة في عالم البزنس مثل Elon Musk ووجوده في إحدى الغرف قبل فترة بسيطة، تقدم لنا تجربة لا يمكننا معها جعل أصابعنا في آذاننا.

أما في الغرف العربية، فكان السعوديون نشطون جداً فيها وبامتياز، بطروحات ثقافية وتقنية وأعمال وبشكل راقي جداً.


ففي غرفة جمعت بين المستثمرين ورواد الأعمال، يقوم رواد الأعمال بعرض مشاريعهم، وأي مستشار مهتم بالدعم للمشروع يتم التواصل بينهما عبر مدير الغرفة للتنسيق. وكأنك تسمع برنامج SharkTank، ومن الجميل أن ترى هذا التفاعل المُنتج الحركي في تطبيق سيلعب دوراً فاعلاً ليس في مجال التشبيك والأعمال فقط، وإنما في مجال الإثراء المعرفي بشكل عام والتنمية الشخصية، حيث تم فتح غرف لتشجيع الأفراد لتعلم الإنكلينزية والخطابة وغيرها من معارف، بل ولاحظت حتى غرف لتعليم القرآن لغير الناطقين بالعربية.

ومع اقتراب إتاحة هذا التطبيق لمستخدمي الأندرويد حيث أن التطبيق مقتصر حالياً لمستخدمي الآيفون، ستزداد التجربة اتساعاً وإن بدا البعض تخوفه في حال فتح التطبيق للجميع من الاستغلال السيء، فالأمر ليس بجديد، فكل تطبيق له تلك الثنائية من الجيد والسيء.


ويمكن لهذا التطبيق أن يفتح المجال لأداة تسويقية تفاعلية جديدة، يمكن للكثير من أصحاب الشركات والحكومات وصناع المحتوى استخدامه إن عرفوا "كيف تؤكل الكتف" مع هذا التطبيق.


يمكن إنشاء غرف خاصة للاستماع للآراء والنقد وجمع المعلومات عبر Focus Groups، وهذه مهمة جداً للجهات التي تود التثقيف وأخذ الآراء من جمهورها، مثل تمكين وغرفة تجارة وصناعة البحرين وغيرها من جمعيات تخصصية ومهنية.


ويمكن وضع الخبير للبنوك في إحدى الغرف ليقوم بتثقيف الجمهور عن عناوين مهمة سواء في القرصنة المصرفية أو الإدارة المالية وغيرها، ويمكن لأندية ToastMasters الاستفادة القصوى منه، إذ تنمي مهارة اللغة والإنطلاق، والقائمة لا تنتهي.


كل الرهان علينا نحن كمستخدمين، كيف نفهم التطبيق، ونستخدمه ونوظفه بشكل عملي ليكون قيمة مضافة لنا كأشخاص ورواد أعمال وأصحاب تجارة وحكومات وجهات خيرية وغيرها.

ما يعطي لهذا التطبيق قوته هو التفاعل اللحظي، فليس هناك ما خلف الكيبورد، أو صورة منمقة أو فيديو ممنتج، وإنما صوتك كما هو، بعفويته وواقعيته، والتي تدفعك دفعاً لتدريب أكثر لعضلات تفكيرك قبل التحدث، وهذه ميزة خفية وجميلة لهذا التطبيق، فالتفاعل المباشر يدربك على التفكير والتحليل السريع وترجمته بمداخلة صوتية قد وزنتها وتأملات فيها مسبقاً.


طبعاً لا يعني أن البعض قد يكون سطحياً وضاراً فيما يطرح، وهنا الرهان على من يدعونه للتطبيق، فضلاً عن مراقبة التطبيق للمستخدمين فيما يطرحون.


هذه الهبّة الجديدة التي جعلت التطبيق كساحة مفتوحة بها طاولات بأعداد كبيرة، وأي طاولة شئت الجلوس عليها والحديث مع من فيها، فالأمر يعود لك، فهذا التنوع الكبير والمفتوح، تدفع المستخدم للتفكير في الاختيار وحسن التقديم، فما أن تفتح فاك إلا وقد رسمتَ صورة ذهنية عنك من صوتك ومفراداتك وطريقة كلامك.


كما يقول  Seth  Godin عن الداخلين المبكرين early adopters في الأمور الجديدة يقطفون الثمار قبل غيرهم.


فنسبة التشبيك مرتفعة جداً في هذه المرحلة، بل أن البعض قد أجرى اتفاقيات وعقد صفقات في أيام معدودات من دخوله التطبيق!


الناس تواقة لاكتشاف الجديد ويدفعها الفضول لذلك، وما إن تميل للتجربة فترغب بإشراك الآخرين فيها، حتى تتحول لرجل مبيعات يحاول إقناع الآخرين بخوض نفس التجربة -وهذا ما أقوم به حالياً بكتابة هذه الموضوع-، فهل يمكننا فعلاً توظيف هذا التطبيق لصالحنا، في مجالات الثقافة والفكر والابتكار والأعمال والمبادرات الإنسانية وغيرها؟ أم يتوقف البعض بسبب "التخمة" الموجودة عنده في التطبيقات، ويغفل عن أمور يمكنه توظيفها لصالح أعماله أو رسالته؟


فهل نندمج ونُطوّع كل جديد لصالحنا أم ننكفأ؟

إنّ كمية التدفق المعرفي مهول، يرافقه صناعة منصات ذكية تعطينا هذه المساحة المبتكرة للتفاعل، ويكون السؤال: كيف نوظف كل جديد مبتكر لصالحنا؟

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية