العدد 5635
الثلاثاء 19 مارس 2024
banner
توفيق السباعي
توفيق السباعي
بيئة أعمال مرنة لمواجهة آثار جائحة كورونا!
الثلاثاء 04 مايو 2021

في القرن السابع عشر افترض الأوروبيون بأن جميع البجع أبيض اللون، فكانوا يطلقون كلمة  "البجعة السوداء" على الحدث غير المتوقع أو نادر الحدوث والذي تتبعه آثار ضخمة، فلقد جاء الانتشار الصادم لفيروس كورونا وما سببه من شلل شبه تام لاقتصاد العالم في العام المنصرم والذي يشبه في آثاره الاقتصادية ما خلفته الحروب العالمية من ركود وانهيار في الاقتصاد؛ ليذكرنا بمصطلح "البجعة السوداء"، حيث أبرزت إلى السطح تفاوتات ضخمة وأظهرت كيف يمكن لتعطل أنشطة الأعمال الكبرى أن تتفاقم وتنتشر عبر الأنظمة المترابطة التي بات من الواضح أنها ليست بذلك القدر من المرونة الذي كنا نتصوره، مما يتحتم على المؤسسات والشركات أن تعيد النظر وتسارع في التفكيــر فــي احتياجــات البنيــة التحتيــة المسـتقبلية حتى يمكنهـا التعامـل بشـكل أفضـل مـع احتياجـات الأعمـال والقـوى العاملـة المتغيـرة باسـتمرار.

أصدرت شركة "Gartner" – وهي شركة رائدة في مجال الأبحاث والاستشارات العالمية – تقريرا يتضمن خمس اتجاهات عمل مستقبلية ستساهم في سرعة تعافي المؤسسات من الآثار الناتجة من جائحة كورونا شريطة استخدام المؤسسات لتقنيات جديدة وتقليل العمل في الموقع؛ وذلك وفقا لتصريحات "إميلي روز ماكراي" مديرة قسم الموارد البشرية في الشركة، ويمكن تلخيص الاتجاهات الخمس كالتالي:

الاتجاه الأول: مراجعة استراتيجيات القوى العاملة، وذلك بأن تكون المؤسسات استباقية عند إعادة النظر في سياسات العمل عن بُعد أثناء أزمة فيروس كورونا، مع التركيز على مراجعة هذه البيئة الهجينة، قبل أن يصبح التوازن غير عملي؛ وذلك بالتأكد من قدرة قادة الموارد البشرية على متابعة المشاكل المتعلقة باستراتيجية المواهب بالمؤسسة مع تشخيص التحديات والمخاطر المحتملة التي قد تنجم عن القرارات الاستراتيجية.

الاتجاه الثاني: العمل عن بُعد وذلك باستخدام التقنيات الجديدة؛ كأتمتة العمليات الآلية (RPA)، والتقنيات الغامرة (الواقع الافتراضي والواقع المعزز) التي تتيح للعاملين أداء أعمالهم عن بُعد، مع الحفاظ على تفاعلهم مع فريق العمل وأصحاب العمل.

الاتجاه الثالث: إعادة تعريف مساحة المكتب وهو ما يُطلق عليه "ابتكارات نموذج التوظيف"؛ وذلك بأن تقرر المؤسسات ما يمكن أن تقدمه للموظفين، ولا تستطيع المساحات الأخرى تقديمها؛ من خلال فهم احتياجات الموظفين العاطفية، وكيفية تلبيتها.

الاتجاه الرابع: اعتماد نماذج توظيف تجريبية وذلك بجلب موظفين مؤقتين لتعويض "نقص المواهب"، مع تحديد فترة بقائهم؛ وهو ما يناسب المؤسسات التي يعمل بها نسبة عالية من الموظفين الأكبر سناً في أدوار مهمة.

الاتجاه الخامس: الالتزام بـالتنوع والمساواة والشمول (DEI)، حيث وجدت شركة "Gartner" في دراسة أجرتها عام 2018م، أن 74% من العاملين يفترضون أن أصحاب العمل لا يعيرون اهتماماً للقضايا الاجتماعية أو الثقافية للموظفين؛ لذا تؤكد الشركة على أهمية النظر إلى الاحتياجات الاجتماعية والثقافية في ظل المناخ الجديد.

إذاً يمكننــا القــول بأنه وحتــى تتمكــن المؤسســات مــن مواصلــة إحــداث التغييـر ومواكبـة المتغيـرات مـن حولهـا؛ على أصحاب الأعمال التحلي بالمرونة أثناء التخطيط، فالمرونة لا النمطية هي الأفضل لمواجهة المنعطفات الحادة. كما أن ملاحقة التكنولوجيا والإبداع البشري واكتساب المهارات الرقمية ستكون ضرورية للبقاء في خانة المنافسة.

وعندما نقول بأن البقاء للأصلح فليس بالضرورة أن يكون هو الأقوى، بل سيكون بالتأكيد الأكثر قدرة على التكيّف مع الظروف الجديدة، ومواءمة الواقع الذي فرضه فيروس كورونا المستجد.

توفيق محمد السباعي
باحث في العلوم الإدارية والموارد البشرية

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية