العدد 5635
الثلاثاء 19 مارس 2024
banner
المهندس محمد آل عباس
المهندس محمد آل عباس
الأمن الغذائي وجائحة كورونا
الجمعة 23 يوليو 2021

بدايةً يمكن تعريف مفهوم الأمن الغذائي بأنه؛ قدرة مجتمع ما على توفير الإحتياجات الأساسية من الغذاء للسكان وضمان حد أدنى من تلك الإحتياجات بإنتظام عبر إنتاج السلع الغذائية محلياً وتوفير حصيلة كافية من العائدات لإسخدامها في استيراد ما يلزم لسد النقص في الإنتاج الغذائي الذاتي بدون أي تعقيدات أو ضغوطات من أي مصدر كان، بمعنى توفير الغذاء اللازم للمجتمع من مصادره المحلية والخارجية وضمان توزيع الغذاء وجعله في متناول الجميع.

وتأتي خطورة إنعدام الأمن الغذائي على البلدان من استحالة تأمين البلدان النامية لما تحتاجه من مواد غذائية من مواردها المحلية في ظل انخفاظ مستوياتها الانتاجية وقلة استخدام التكنلوجيا الحديثة وضعف السياسات الزراعية ومحدودية المواد المالية وأحيانا الموارد الطبيعية كالمياه والأرض الصالحة للزراعة ، وكذلك خضوع البلدان النامية تحت رحمة البلدان المصدرة للغذاء والتي تلجأ أحيانا الى إستخدام الغذاء كسلاح إقتصادي وسياسي ، بالإضافة الى تقلبات الأسعار في الأسواق العالمية للغذاء لا يوحي بالإطمئنان للأمن الغذائي مما يؤثر على المخزون الأستراتيجي لكثير من البلدان النامية.

ومما زاد من خطورة إنعدام الأمن الغذائي تداخلها مع جائحة كورونا ، فقد أدت جائحة كورونا الى زيادة أعداد الجوعى بكل مناطق العالم المتقدم والنامي على حد سواء ، حيث أشار التقرير العالمي حول الأزمات الغذائية لعام ٢٠٢٠ الذي أصدرته الأمم المتحدة ، إن وباء كورونا زاد من أعداد المهددين بالجوع بنحو ٢٥٠ مليون إنسان في ٥٥ بلد مما يعني كارثة إنسانية وإن في مقدمة هذه الدول العديد من الدول العربية.

فنحن مقبلون على جائحة إنعدام الأمن الغذائي ، ونحن لا نواجه جائحة صحية عالمية فحسب، بل نواجه أيضاً كارثة إنسانية.

أن إنكماش الدخل في الكثير من البلدان أدى الى زيادة أعداد الفقراء لنحو ٤٠% حيث زاد أعدادهم من ٤٣٤ مليون إنسان الى نحو ١.٢ مليار إنسان ممن يعتمدون على دخل يومي أقل من ٥ دولار ، فأعداد المعرضون للفقر المدقع لم يصلوا الى هذا المستوى منذ عام ١٩٩٠.

فإنعدام الأمن الغذائي أقسى من من جائحة كورونا ، فالناس الذين يمكن أن يموتوا بسبب الآثار الافتصادية لجائحة كورونا أكثر من الموت بسبب الفايروس نفسه.

فقد أشارت الاحصائيات الى وفات ( ١١ ) شخصا بسبب الجوع كل دقيقة في حين يتوفى ( ٧ ) أشخاص بسبب جائحة كورونا.

إن إنعدام الأمن الغذائي مشكة حادة وازدادت حدة مع تفشي فايروس كورونا والذي أدى الى إضافة أعداد متزايدة من الناس المحرومين من الغذاء.

فقد أظهر تقرير أعدته الأمم المتحدة ونشرته منظمة الأغذية والزراعة ( الفاو ) في روما الى سوء مستويات التغذية حول العالم بشكل حاد خلال ٢٠٢٠ جراء جائحة كورونا. وكشف تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم أنه ما يقدر بنحو ٩.٩% من جميع البشر عانوا من سوء التغذية في ٢٠٢٠  مقارنة ب ٨.٤% في عام ٢٠١٩ ، ويمثل هذا الرقم زيادة بنحو ١.٥% خلال عام واحد بعد أن ظل الوضع ثابتاً فعلياً على مدار خمس سنوات، وأرجع الخبراء الزيادة الى حد كبير الى الأزمة الناتجة من جائحة كورونا والتي ستظل آثارها بحاجة لمزيد من الدراسة والتقصي.

المهندس محمد توفيق آل عباس
عضو مجلس أمانة العاصمة
رئيس جمعية المهندسين الزراعيين البحرينية

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية