العدد 5645
الجمعة 29 مارس 2024
banner
المهندس محمد آل عباس
المهندس محمد آل عباس
المدن الخضراء والتنمية البيئية المستدامة
الخميس 02 سبتمبر 2021

تهدف مبادرة المدن الخضراء التي أطلقتها منظمة الأغذية والزراعة في سبتمبر 2020 إلى تحسين سبل عيش سكان المناطق الحضرية وشبه الحضرية ورفاههم في 100 مدينة على الأقل حول العالم خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، في حين تتطلع إلى انضمام 000 1 مدينة إليها بحلول عام 2030.

ركّزت المبادرة على تحسين البيئة الحضرية، وقدرة النظم والخدمات وسكان المناطق الحضرية على الصمود أمام الصدمات الخارجية ، والانتفاع ببيئة صحية وأنماط غذائية صحية عن طريق نظم زراعية وغذائية مستدامة، وزيادة توافر المساحات الخضراء من خلال الزراعة في المناطق الحضرية وشبه الحضرية، وأن يساهم أيضًا في التخفيف من حدة آثار تغير المناخ والتكيف معه ، والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية. وستتيح شبكة المدن الخضراء الكبيرة والمتوسطة والصغيرة الحجم، تبادل التجارب وأفضل الممارسات والنجاحات والدروس المستفادة، فضلًا عن بناء فرص التعاون في ما بين المدن.

وكنت قد تقدمت بمقترح تحت مسمى "تشجير" الى مجلس أمانة العاصمة في دور الانعقاد الثالث من دورته البلدية الخامسة والذي يهدف الى تشجيع الدولة ومنظمات المجتمع المدني على زراعة النباتات بصورة عامة والأشجار بصورة خاصة لما لها من فوائد عديدة جمالية وصحية وبيئية ، وهذا ما سيتم توضيحه بالمقال.

تعمل المباني في المدينة عمل الصخرة الكبيرة أي انها تخزن الحرارة أثناء النهار سواء في الأرض أو في جدران المباني التي تزيد من درجات الحرارة ، أما النباتات أو الأشجار فإنها على العكس تمتص قدرا كبيرا من الاشعاع الشمسي أثناء النهار.

ولزراعة النباتات في المدن فوائد عديدة فهي تقوم بإنتاج الأوكسجين وإطلاقه في الجو لإيجاد توازن مع العناصر الملوثة الأخرى ، وتقوم بعملية الترشيح التي تشبه المرشحات الصناعية حيث ان النباتات لها القدرة على إمتصاص الغازات السامة وتحويلها الى مركبات أخرى داخلية ، كما تقوم بغسيل وتنظيف الهواء من الملوثات الغازية والصلبة في قطرات الماء الناتجة من عمليات النتح وسقوطها على الأرض.

فإن شجرة مثل الكافور قد تصل مساحة أوراقها الخارجية الى ١٦٠٠ متر مربع تقوم بتحويل ٢٤٠ جرام من ثاني اوكسيد الكاربون بوجود ضوء الشمس الى ١٦٠٠ جرام جلوكوز (سكر) و ١٧٠٠ جرام أوكسجين ، أي ان شجرة الكافور تستهلك سنويا من ثاني اوكسبد الكاربون من الهواء ما يساوى حجم ٨٠٠ منزل في العام أو منزلين تقريبا في اليوم. كما ان النباتات تقوم بترشيح الهواء من الأتربة والغبار والرماد والدخان والروائح ، حيث تقوم أوراق النباتات بإجتذاب هذه الجزيئات عن طريق اخلاف شحنة هذه الجزيئات الكهربائية عن الشحنة الموجودة على سطح الأوراق. كما ان النباتات قادرة على إزالة ما يكفي من الأوزون أحد الملوثات الخطيرة من البيئة ويمكن أن تمتص هذا الغاز وغازات أخرى بمقدار ٤٠ - ٦٠ %. كما أظهرت الدراسات إن سطح الأوراق لها قدرة كبيرة على خفض نسبة الملوثات الصلبة من الجو مثل الأتربة وعوادم السيارات بنسبة تصل الى ٩٠ %.
يعد ثاني اوكسيد الكاربون من الغازات الدفيئة ولذلك فهو يسهم في زيادة درجة الحرارة العالمية عن المتوسط ، وإن زيادة ثاني اوكسيد الكاربون في الغلاف الجوي بمعدل يندر بالخطر وهذا يرجع أساسا الى زيادة نسب التلوث الجوي الناشئة من ملوثات طبيعية كالبراكين وحرائق الغبات والملوثات العضوية ، بالاضافة الى الملوثات الصناعية الناتجة عن نشاطات الانسان من استخدام الطاقة الاحفورية ( بترول وغاز وفحم ) وقطع الأخشاب وإزالة الغابات. ولموجهة هذا الاتجاه تزرع المسطحات الخضراء والأشجار الكبيرة في الحدائق العامة والماحات المفتوحة من أجل بناء المخزون العالمي من " بالوعات الكاربون ".

وتعتبر الأشجار من أفظل الوسائل لإمتصاص الأصوات عالية التردد والتي تعتبر أكثر إزعاجا الى الآذان البشرية. ويتم ذلك بعدة ميكانيكيات أهمها: التحريف والمقصود بها تغيير إتجاه الصوت ، والإنعكاس أي تشتيت الطاقة الصوتية وبعثرتها ، وإمتصاص الصوت كصورة من صور الطاقة الأخرى ، وعموما تزداد فاعلية الأشجار بزيادة مجموعها الخضري سواء الأوراق أو الأغصان.

كم تقوم الأشجار بتنقية الجو من الروائح عن طريق الإدمصاص على سطح الأوراق مثل أي غاز آخر أو عن طريق الإمتصاص وذلك من خلال الثغور التنفسية وتتحول داخلها الى طاقة ، أو التغطية على الروائح المزعجة بروائح أقوى وأجمل وذلك بإخراج مواد عطرية من الأوراق والأزهار.

وتستعمل الأشجار كمصدات رياح تقلل من خطر الرياح القوية ويتناسب هذا الأثر مع ارتفاع الأشجار ، وتبلغ المساحة المحمية ١٨ مرة مثل ارتفاع الشجرة المزروعة. كما تقلل الأشجار المزروعة من انجراف التربة أي تآكل أو فقد تربة الطبقة السطحية منها بسمك ١٥ - ٢٠ سم وذلك بفعل الرياح أو المياه.

كما تسمح الأشجار بنفاذ قدر صئيل من أشعة الشمس الساقطة عليها وبالتالي يكون الجانب المظلل ذا درجة حرارة أقل من الجانب المشمس ويتم ذلك عن طريق إمتصاص الأشعة المنعكسة والمتناثرة والساقطة ، وكذلك عن طريق عملية التبخر والنتح ، وقد وجد ان درجة الحرارة على سطح مسطح أخضر في يوم صيفي مشمس تقل بمقدار ٨ درجات مؤية عن درجة حرارة جدار المبنى.

وعليه فإن لزراعة الأشجار في المدن فوائد عديدة يمكن إختصارها بالتالي:

تعتبر الشجرة العنصر الأساسي في تنسيق الحدائق والشوارع والساحات وحول المدن لجمال الشكل والمنظر حيث تزرع كعنصر فردي او تزرع في مجموعات وكصفوف وكساتر ، وخفض درجات الحرارة بواقع ٤ - ٦ درجات مؤية ، ورفع نسبة الرطوبة الجوية ، وتزفير الظل ومنع أشعة الشمس الحارقة ، وتوفير الأوكسجين اللازم لحياة الانسان والمخلوقات الأخرى ، وإمتصاص ثاني أوكسيد الكاربون الضار ، والحماية من الرياح الباردة أو الساخنة ، والتقليل من التلوث الصوتي وخاصة ضجيج السيارات والضوضاء ، والتقليل من التلوث الضوئي ، والتقليل من التلوث الغازي مثل عوادم السيارات والمصابع ، والتقليل من المواد الصلبة في الجو وخاصة الأتربة والأدخنة ، والتقليل من الروائح المزعجة ، والتقليل من التلوث المرئي أي حجب المناظر الغير مرغوب فيها.

بالاضافة الى الفوائد الأخرى المعروفة مثل: انتاج الغذاء للإنسان والحيوانات ، وإنتاج الخشب للصناعات المختلفة ، وانتاج الأدوية والعقاقير والزيوت والصبغات ، والمواد المطاطية وغيرها.

اذا فإن زراعة الأشجار في المدينة سيجعلها مكان أفظل للعمل والمعيشة.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية