دفعــت أزمــة الجائحــة المؤسســات فــي جميــع أنحــاء العالــم إلــى مناطــق لــم تُطـرق بعـد، وأجبرتهـا علـى مواجهـة تحديات ومخاطر جديـدة لـم تكـن مسـتعدة لهـا إلـى حـدٍ كبيـر، حيث لـم تكـن هنـاك خارطـة طريـق لتوجيـه الاسـتجابة لهذه المتغيرات ولـم تتوفـر بيانـات سـابقة للاسـتفادة منهـا فــي التحليلات أو النمــاذج التنبؤيــة للمســاعدة فــي الاســتعداد للمســتقبل، وكمــا أظهــرت الأخبـار فـإن جائحـة كوفيـد- 19 وما تبعها، لا تشـبه أي أزمـة أخـرى وجدنـا أنفسـنا فـي خضمهـا.

ومـع ذلــك، فــإن الكثير من الشركات والمؤسســات قــد اســتوعبت فكــرة أساســية؛ وهــي أنه لا يمكــن أن تعــود الأشــياء إلــى مــا كانــت عليــه. والأكثـر مـن ذلـك، لمواجهـة المخاطـر التـي يمكـن أن تواجههـا، تحتـاج المؤسسـات إلـى تكثيـف جهودهـا للاسـتعداد لتلـك المخاطـر الجديـدة التـي يشـكلها العالـم المتقلـب وبيئة الأعمال المضطربة في عالم الفوكا، والتي تمثل اختصاراً لأربع كلمات: التقلب Volatility، عدم اليقين Uncertainty، التعقيد Complexity، والغموض Ambiguity؛ بـل ويتعيـن على هذه المؤسسات أن تســعى جاهــدة لتحقيــق أفضــل الأساليب المبتكرة والجديــدة، ويعنــي ذلك البــدء فــي التفكيــر ليــس فقــط فــي جائحــة اليــوم، ولكــن فــي المخاطــر بعيــدة الأمــد مثــل التغيــرات المنـاخية والتهديـدات السـيبرانية وفجـوة الصحـة والثـروة؛ مما يستدعي إلى تطويـر نمـاذج وحلـول تنبؤيـة جديـدة لمواجهــة التحديــات مــن خــلال اســتخدام الاســتطلاعات والبيانــات والتحليــلات توازياً مع التطور الكبير في مجال علم البيانات الضخمة (Big Data) وتطبيقات الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) واستخدامات التعلم الآلي (Machine Learning)، بالإضافة إلى بروز ما يسمى بذكاء الأعمال (Business Intelligence)، والذي هو عبارة عن مصطلح عام يشبه المظلة التي تندرج تحتها مجموعة من النظم والأدوات وأفضل الممارسات التي تمكن من الوصول إلى البيانات وتحليلها لاستخراج معلومات تهدف لدعم مجال واسع من قرارات الأعمال الاستراتيجية أو العملياتية لتحقيق أفضل أداء ممكن.