العدد 5667
السبت 20 أبريل 2024
banner
حمد الشهابي
حمد الشهابي
الشعاع الأدبي الذهبي الدائم الذي تركه محمد الماجد
الأحد 11 سبتمبر 2022

 


عندما اتحدث عن الكاتب الأديب المفكر الراحل محمد الماجد رحمه الله يجب أن افتح باب الكون والتاريخ وأغوص بين المجرات أبحث عن هويته الحقيقية، إنه هناك جاثم في عمق الكون متربع يرى ما يجري بين تلك الهويات التي ضاعت بينها شتاتا فيكتب عنها بما يلامس إحساسه المتوحش الأليف كما قال عنه بعض الإخوة النقاد.
محمد الماجد اسم تربع في فضاء الأدب ولامس الحرف والكلمة والقصة والشعر فأبدع فيها جميعا. من مقتطفات قصة ثلاث اغنيات على فم التاريخ وفيها سوف انثر ما بدا لي فوهة بركان فتحها محمد الماجد بقوة غريبة لا يراه إلا من يشعر بها فيقول
- في البدء قرأت اسمي منقوشا على صفحة الكون
وسمعت صوتي يتدفق من حنجرة الزمن
- وكان لي كتاب خطته إرادة الله استقيت من نبعه عصارة الحكمة وغسلت في أنواره صدري، ويومها عرفت من أنا! فأصبحت وأصبح قلبي حديقة افراح!

لله درك يا بو اسامة! غصت في نبع الثقافة واغوارها فأجدت التعبير والوصف، ولو بدأت بالكشف عما يخالج شعوره وتعبيره الفريد في زمنه لدخلت في عمق عنوان قصته التي فازت بالجائزة الأولى وهي بعنوان "أغنيات على فم التاريخ".
تعبير مجازي بقوة فهمه والولوج داخل معناه.. فنسأل أنفسنا هل للتاريخ فم؟ وأن كان للتاريخ فم كيف استطاع الماجد أن يستقي من عقله وفكره هذا الموضوع الذي لم يفتحه أحد غيره من قبل؟ ولكن نعم إن للتاريخ فما يبلع كل إنسان ولا يترك إلا ذكــراه، يعيش الإنسان في مدة محــددة من التاريخ (من – إلى) ثم يمـوت وينتهي دوره، هذه حقيقة بل فلسفة لا نهاية لها، أوجدها الماجد بفلسفته اللامتناهية، لأننا فعلاً نعيش ويبلعنا التاريخ في يوم ما، إذا للتاريخ فم لا يترك إنسانا يبقى بل يفتح فمه لولوج روح كل إنسان داخله، ويرمى بجسده في حفرة القبر! وقد قالها الماجد في عنوان قصته (ثلاث أغنيات على فم التاريخ) وما هي الثلاث أغنيات التي على فم التاريخ ؟ فبفكره اكتشف الماجد أن الأغنيات الثلاث هي (أغنية الولادة وأغنية الموت وأغنية العزاء) ما أروع ما كتب حتى في عنوان قصته، والماجد كاتب ذكي وماكر قد يكون ترك الغازا للقارئ في قصصه وشعره ولربما يتم اكتشافها في المستقبل! عندما قال في قصته قرأت اسمي منقوشا على صفحة الكون وكأن الكون في نظره دفتر كتبت فيه الأسماء ولربما الأعمار وكأنه دفتر مرقومة صفحاته، ثم يقول وسمعت صوت يتدفق من حنجرة الزمن والحنجرة لا توجد إلا بالفم وقد شبه الزمن بالوحش أمام الإنسان لأنه التاريخ الذي عاشه الإنسان ونعيشه الآن وسوف يعيشه الآخرون. ثم يقول وكان لي كتاب خطته إرادة الله استقيت من نبعه عصارة الحكمة وليس هناك كتاب خطته إرادة الله إلا القرآن الكريم، وكما ذكر الماجد فقد استقى منه الحكمة، والقرآن الكريم هو كلام الله وفيه حكمته، وهذا هو السر العجيب الذي يتحدث عنه الماجد ثم يقول وغسلت في أنواره صدري، فهل يا ترى تمسك محمد الماجد بقراءة القرآن الكريم في فترة ما حتى غسل في أنواره صدره (ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري) ثم يقول ويومها عرفت من أنا فأصبحت واصبح قلبي حديقة افراح، هكذا المسلم يسر ولا يضيق صدره بل يفرح إذا قرأ القرآن الكريم.


كلماته ألغاز وكتاباته غور وإبداعه مشع في الحياة وفي اللغة، وهذا غيض من فيض عند الكاتب الذي سبق عصره محمد الماجد فالإحساس الذي كان يجسد فكره وتنطلق فيه الحروف والكلمات هو مكان بل منبع قد لا يصل إليه أي كاتب أو مفكر لأنه تفرد فيه بفلسفته الغير طبيعية والتي تنتج عنها شهوة الرغبة في التعامل بسهولة مع مواضيع معتمة وغريبة لا يصل إليها الآخرون الذين عاشوا مفكرين وابتلعهم التاريخ.
ولازال محمد الماجد يلهم القارئ عندما يقول في قصته كان لي سيف صب من ضياء النجوم، وكذلك يقول يوم أن حملت كتابي وقلبي وسيفي فنراه يتحدث عن الحياة (كتابه) وقلبه (الحب) والسيف (الحرب) هذه هي مجازية الكاتب المفكر محمد الماجد رحمة الله عليه.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية