العدد 5671
الأربعاء 24 أبريل 2024
banner
المحامي حسن ميلاد
المحامي حسن ميلاد
الصمت الانتخابي.. بين شموله لمنصات التواصل الاجتماعي والعقوبة المقررة
الجمعة 11 نوفمبر 2022

للدعاية الانتخابية فترة زمنية محددة، تجري من خلالها المنافسة الرسمية والمشروعة بين المرشحين، حيث حدد المشرع البحريني اسوة بالتشريعات العربية الفترة الزمنية التي يسمح خلالها للمرشحين بالتعبير عن آرائهم وعرض برامجهم، وذلك باستخدام الوسائل الدعائية المسموح بها، بمعنى إنه حدد مواعيد بدء وانتهاء القيام بأعمال الدعاية الانتخابية، حيث تنتهي هذه المدة قبل يوم الاقتراع، لكي يتسنى للناخب التأمل والتفكير والاختيار في هذه الفترة.

وتسمى المرحلة ما بين انتهاء الدعاية الانتخابية وبدء التصويت بفترة الصمت الانتخابي، حيث يمنع فيها منعاً باتاً على المرشحين القيام بأي أعمال تندرج ضمن الترويج والدعاية وكسب ود الناخبين، ومن ثم فإن أي خرق لهذا الصمت يُحال إلى القضاء للبت فيه، مع التأكيد على أن الغرض من هذه الفترة هو الموازنة بين الأطراف المتنافسة وخلق مناخ هادئ يسمح للناخب باتخاذ القرار الصائب والمناسب بكل حرية وشفافية ونزاهة تمثل الرأي الحر والقرار السليم.    

وتدخل مملكة البحرين في مرحلة الصمت الانتخابي الأولى للانتخابات البلدية والبرلمانية بتاريخ 11 نوفمبر 2022، وذلك في تمام الساعة 8:00 صباحاً وحتى بدء التصويت، اما المرحلة الثانية – الانتخابات التكميلية - من الصمت الانتخابي يكون دخلها بتمام الساعة 8:00 صباحاً من تاريخ 18 نوفمبر 2022.

ولما كانت المادة (27) من قانون مباشرة الحقوق السياسية تنص على أنه : "توقف جميع أعمال الدعاية الانتخابية في أنحاء المملكة قبل الموعد المحدد لعملية الاقتراع بأربع وعشرين ساعة."

فالسؤال المطروح هنا حول التجاوزات التي يرتكبها البعض من المرشحون بقيامهم بالدعاية الانتخابية في فترة الصمت على وسائل التواصل الاجتماعي ومصير الكتابات والمنشورات التي ينشرها المرشحون على هذه الوسائل، وما إذا كانت تشكل جريمة خرق للصمت الانتخابي أم لا؟

وللإجابة على هذه المسألة لابد من العودة إلى نص المادة (27) نفسها، فالبعض يجد أن مواقع التواصل الاجتماعي كـ " الانستقرام" و "سناب شات" و " الواتساب" والمواقع الالكترونية غير مشمولة بالمنع في هذا النص، الا أن الاستناد إلى روحية هذا النص ومنطق الأمور نجد أن الهدف من الصمت الانتخابي هدفه إعطاء الناخب فترة زمنية معينة ليفكر بهدوء وسكينة لمن سوف يصوت في الانتخابات من دون التأثر بأي دعاية أو عوامل انتخابية، بالتالي تعد المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والسوشل ميديا مشمولة بالنص سواء إديرت بشكل مباشر أو غير مباشر من المرشح أو ثبت دعمه وتكليفه لها بممارسة الدعاية الانتخابية له بغية التأثير على نتيجة الانتخاب.

حيث نجد أن القانون واضح ولا حاجة إلى التأويل، أو التفسير، بكون مفهوم أو مصطلح وسائل الاعلام قد كان شاملاً لكل أنواعه ليطال بذلك الوسائل الالكترونية مهما كانت تقنيتها.

وتتكون أركان جريمة عدم الالتزام بالصمت الانتخابي من ركنين وهما الركن المادي والذي يتحقق في هذه الجريمة عند قيام الجاني بفعل يندرج تحت مفهوم الدعاية الانتخابية خلال فترة الصمت بغض النظر عن الوسيلة أو الأسلوب المستخدم فيها، سواء قام بهذا الفعل المرشح أو الغير لصالحه، خلافاً للمواعيد التي يقررها المشرع ويعدها ملزمة ويحظر الاخلال بها، تحقيقاً للعدالة والمساواة بين المرشحين لضمان حسن سير العملية الانتخابية، وتقوم المسؤولية الجنائية للمرشح أو القائم بالإعلان على الرغم من عدم قيامهما بالمشاركة في اقتراف مخالفة الإعلان غير المشروع وذلك بنشره في غير المواعيد المحددة - كنشر الإعلان في فترة الصمت الانتخابي ـ وذلك
اكتفاءً بثبوت مشاركتهم في الاعداد أو التسهيل لارتكاب الجريمة.

اما الركن المعنوي فيتطلب توافر القصد الجنائي العام والمتمثل بعلم الجاني بالمواعيد المحددة للدعاية الانتخابية والتي لا يجوز له مخالفتها عن طريق أي عمل من أعمال الدعاية الانتخابية، واتجاه إرادته الحرة إلى القيام بممارسة أي شكل من أشكال الدعاية الانتخابية، فيعد القصد الجنائي متوافراً عند قيام الجاني بعملية النشر على وسائل التواصل الاجتماعي في فترة الصمت الانتخابي بعد اقفال فترة الدعاية الانتخابية.

ونظراً لما تشكله جريمة خرق الصمت الانتخابي من تأثير على مبدأ المساوة وإخلال بالقواعد التنظيمية للعملية الانتخابية نجد أن المشرع البحريني فرق بين ما إذا كان مرتكب الجريمة شخصاً طبيعياً آم شخصاً اعتبارياً، وتوكون عقوبة الشخص الطبيعي مرتكب هذا الفعل بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن سنة وبغرامة لا تقل عن ثلاثمائة دينار ولا تجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، اما إذا كان مرتكب هذا الفعل شخصاً اعتبارياً فتكون عقوبته الغرامة التي تعادل ضعف الغرامة المقررة للشخص الطبيعي، وذلك بموجب نص المادة (31) من قانون مجلسي الشورى والنواب.

المحامي حسن ميلاد

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية