العدد 5666
الجمعة 19 أبريل 2024
banner
صادق أحمد السماهيجي
صادق أحمد السماهيجي
"رينارد".. وخطابه الملهم للمنتخب السعودي في مونديال العالم
السبت 26 نوفمبر 2022

تتعدد خطابات التأثير التي يلقيها القادة في مجالاتهم المختلفة، الخطاب الملهم الذي يحرك القناعات قبل المشاعر، ويقدم وجبة دسمة تكفي لسد شراهة المتلقي الذي ينتظر دائماً التحفيز من قائده أو مديره، الأمر الذي يشجعه ويرفع من مستوى كفاءته، مرة برتم ومستوى هاديء وبطيء، وتارة بنبرة حادة وجادة، وقد يأتي بطريق ودي وغير مباشر.

ويتمتع القادة بكل تأكيد ، بمجموعة صفات تؤهلهم ليكونوا في المكان والنطاق الذي ينشرون فيه دوائر تأثيرهم، من بينها الصدق والنزاهة في التعامل، والثقة في النفس، والإنسانية وليس آخرها القدرة على بناء فريق عمل.

وفي سياق متصل، أعجبني جداً خطاب مدرب المنتخب السعودي "إيرفي رينارد" وهو يوجه كلماته في وقت قصير جداً بين شوطي المباراة، وبنقاط عالية الدقة وموزونة، وبنبرة صوت تناسب حجم الحدث، وذلك في أول مباراة لفريقه المشارك في مونديال كأس العالم 2022م.

الخطاب، حمل في مضامينه رسائل عديدة، ومنها العمل بروح الفريق الواحد، والثقة المتبادلة التي يجب أن يزرعها كل لاعب متضامناً مع زميله اللاعب الآخر، مهما قست الظروف، ومهما كان تاريخ وقوة الفريق الخصم.

وأخذ خطاب رينارد يؤكد على أهمية كل دقيقة في المباراة، بما فيها من يلعب في البداية ومن يلعب كبديل لتشكيل الصورة التكاملية للفريق، ثم ركز على أعداد المتابعين والمناصرين الذين يقفون ويؤازرون المنتخب السعودي، باعثاً فيهم الأمل أن لا مكان للمستحيل في عالم كرة القدم، وأخيراً، نحا الخطاب إلى زاوية عاطفية ذكر فيها المدرب سنوات التدريب والتجانس فيما بين اللاعبين، وكذلك ذكر نقطة حضور والدته لمشاهدة المباريات رغم سنها الكبيرة وأن هذه سابقة تاريخية لوالدته في حضور مثل هذه المناسبة.

كل هذا، "حدث خلال أقل من دقيقتين"، فأحياناً، لا تكون الكلمات جديدة، ولا تكون صعبة التداول، لكن توقيتها، وموقف المناسبة، وطريقة توصيل الخطاب بلغة الجسد ونبرة الصوت، كلها عوامل تسهم في صنع خطاب دقيق ومحكم ومؤثر ويؤدي للأهداف المنشودة.

القادة الملهمون، يستفيدون من الميزات الفريدة، وهذا بالضبط ما استطاع رينارد استثماره من خلال الروح القتالية التي أدى فيها المنتخب السعودي مباراته أمام الأرجنتين وانتهت بفوز سعودي تاريخي بنتيجة هدفين مقابل هدف.

القادة الملهمون، لا يكتفون فقط بالتأثير في أوقات المجال الذي يمارسون فيه تخصصهم، وبالنسبة للقادة الرياضيين، لا يكتفون فقط أن يمارسوا تأثيرهم داخل الملعب فقط، بل يمتد ذلك ليكون أسلوب حياة ينشرون بواسطته رسائلهم التي يؤمنون بها حدّ الشغف وحدّ المسؤولية.

لنا في ذلك، مثال آخر نواصل به المقال على سبيل الاستئناس، أليكس فيرغسون مدرب مانشتر يونايتد الأسبق، ينتهج دور القيادة خارج الملعب عن طريق تواصله الدقيق مع اللاعبين، وضبط سلوكيات اللاعبين وشخصياتهم، وتمكين اللاعبين الموهوبين ومتابعتهم عن قرب، كما يتميز "السير فيرغسون" بمعادلة "الحب والخوف" في أسلوبه.

هذه إضاءة، على عيّنة القائد الملهم، المؤثر، الذي يراعي دائماً احتياجات من حوله، ويشجعهم على تحقيق الأهداف، ويزرع فيهم الحماس، والوصول بهم إلى أفضل ما يمتلكونه من قدرات ومواهب.  

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .