العدد 6035
الأربعاء 23 أبريل 2025
خربشة ومغزى.. "الزلازل،، الآلام ووقفات"
الخميس 09 فبراير 2023

الزلازل وقوعها لها حتمية الآلام التي تتابع، وجراحها لا تتعافى، وخسائرها لا تتناهى، إذا زُلزلت الأرض واخرجت أثقالها، ذهول يُصيب البشر، ميدانيا لا يقوى المتنبئ معرفة دمار ما يشمل ويغفل، او يعم ويخص. هكذا انباء المصاب في بعض جغرافية تركيا وسوريا، القلوب لها تتفطر.

وما سنذكره، هو بعض وقفات إختصار لا إشباعا لما نَضَى من الزلازل؛

- الزلزلة والزلزال تعني تحريك الشئ، وقوله عز وجل؛ إذا زلزلت الأرض زلزالها، المعنى إذا حركها بزلزلة، وكذلك الزلزلة تفيد التخويف والتحذير، وفيها الأمر مضطربا متقلقلا غير ثابت حتى يخرج من حلمة ثدييه يتزلزل، والزلازل هي الشدائد والأهوال.
- ارض الجزيرة العربية تعرضت في عصور ماضية سحيقة الى زلازل انبثق فيها الخليج العربي والبحر الاحمر، وهما كحال معظم بحار العالم لم يتشكلا بفعل البشر بل تكونا نتيجة نشاط جيولوجي، والدراسات تبين ان جزيرة العرب وهي كانت محاذية للقارة الأفريقية، ولم يكن الخليج او البحر الاحمر حينها قد تكون وانشق، والنظرية الجيولوجية تقول؛ انه في الزمن الماضي لملايين السنيين وهي مراحل تاريخية مفصله ومُعرّفه عند المختصين، أن سبب تكوين الخليج، بدأ عند نشوء جبال الألب والتي أمالت ارض الجزيرة نحو الشرق وحدث منها نشوء جبال عُمان، بعدها بزمن سحيق حدث تغير جيولوجي آخر، وهو انفصال المنبسط العربي اي جزيرة العرب عن المجنّ (الغلاف الصخري) الأفريقي الذي انشق به البحر الاحمر، وتكون بينهما وتزامن ذلك مع اندفاع المنبسط العربي واصطدم بالمنبسط الآسيوي فالتوى الجانب الشرقي من الجزيرة العربية ليحدث هبوطا الى الأسفل ما دون مستوى سطح البحر ليتشكل قعر هو الخليج العربي. 
- هذا الخليج العربي ظل يغذية منذ نشوءه الجيولوجي والى الوقت الحاضر نهران عظيمان؛ هما دجلة والفرات مع التدفق الذي يأتية من مياه المحيط الهندي. بسط هذا الحديث تفصيلا كتاب الخليج العربي في العصور القديمة للمؤلف دانيال بوتس الباحث والعالم الآثاري الأسترالي. لذا الخليج العربي ولادته قديمة متداخلة فيما حصل جيولوجيا لجزيرة العرب، وسبق بأزمنة ساحقة قدوم الاعراق الآرية ومنهم الفرس بما فيها توطنهم في ارض يحدها الخليج العربي. 
- احد العوامل والتأويلات التي تم ذكرها من بعض مختصي الزلازل؛الجيوفيزيائية وعالمة الزلازل الألمانية شارلوت كرافتسيك، من مركز الأبحاث الألماني لعلوم الأرض في بوتسدام، في مقابلة أجرتها مع موقع القناة الألمانية الأولى (إيه آر دي) نشرالثلاثاء (السابع من فيبراير شباط 2023) ذكرت؛ أن نتيجة تحرك الصفيحة التكتونية العربية التي "تتقدم نحو تركيا" باتجاه الشمال، حيث تلتقي أطباق الأناضول والعربية في جنوب تركيا، تحدث مثل هذه الزلازل العنيفة في تلك المنطقة والتي لا يمكن التنبؤ بها، وهي بطول الصدع الأرضي على امتداد خط الصدع الزلزالي (مئة كيلومتر بالنسبة للزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا)، واضافت لم يشهد هذا الخط أي زلزال تفوق قوته 7 درجات منذ أكثر من قرنين.
- الزلازل طالما جذبت معاني انسانية وتعاطف فطري بين الدول والشعوب، لمد يد العون والاغاثة، وهذا ارتسم باحداث الزلازل لكلا البلدين، متجاوزا الازمات السياسية والاقتصادية، والمأمول أن مفهوم الانسنة وخيريته يتجاوز تسخير الاغاثة لمصالح ضيقة يكثر فيها النفعيون. 
- يُسجل ايجابيا للدول والهيئات وهي كثيرة تقديم الخدمات والاغاثات، والدول العربية سعت بذلك، ومنها دول الخليج العربي كعادتها سباقه ميدانيا ببذلها.
- هنالك من فقد اهله، وتيتم ابناءه، واكتوى باهوال تروع فيها قبل انقاذه، وغيرهم من خسر ماله وبيته ومتجره. كلُّ هذا لا تُطفئ لوعته إلا باللجوء للخالق عز وجل، الذي يعلم بواطن خلقه، ويلطف بهم ويصرف عنهم الألم الشديد الذي لا يقدرون على تحمله، لان في كل خيط من ذلك المُقدَر يُمسك بِهِ قَدَرٌ من لطف، وبهذا يتشرب المؤمن معنى الآية؛"اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ"، ومع اللطف وبما أودعه الله بالانسان من قوة كامنة في الصبر تنطفئ رويدا حينها آلام الاقدار.

ختاما 
ناموس الابتلاء لا يستثني احد، وما الزلازل الا احدها، تحدث بعلم الله، ولها مسوغاتها العلمية، وبراهينها البيانية، والمعتبر هو من ينهض بفهم ما يترتب على الابتلاء، وكيف يفهمه بدلالته المعنويه، كما هو يأخذها باستنتاجها العلمي، متأملا قوله عز وجل؛ " فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا".

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية