العدد 5644
الخميس 28 مارس 2024
banner
د. عدنان محمد القاضي
د. عدنان محمد القاضي
الاسْتثمارُ المَفْقود فِي المَراكزِ العِلْميّة
الخميس 09 مارس 2023

قليلةٌ هي المَراكز العِلميّة الفاعلة التي تحيط بنا وتغري طلبتنا بالإنخراط في أنشطتها وبرامجها، فَعلى الرُّغمِ منْ أهميّتها المتعدِّية إلاّ أنَّنا لا نلقي لها بالًا ألبتَّة، ولا نوظِّف الثُّقات منَ المؤهلين فيها، ولا نضَعها ضمن أولويّات مشاريعنا سواءٌ على المستوى الرَّسمي ممثلةً بوزارة التَّربية والتَّعليم وشؤون الشَّباب والتَّنمية الاجتماعيّة، والمستوى غير الرسَّمي (الربحيّة) ممثلةً بمؤسَّسات المجتمع المدنيّ المُختلفة. 
فالمَراكز العلميّة للفرد هي بمثابة خبرات يتمّ اكتسابها توسِعةً للمفاهيم والمَعارف التَّقنيّة؛ وتطويرًا للمهارات والقدرات الشَّخصيّة؛ وتوجيهًا للتَّطلّعات والميولِ الوظيفيّة؛ وتزجيةً للظُّروف والأوْقات الفرديّة؛ وترقيةً للأذْهانِ والعَقليّات المستقبليّة.  
والمَراكز العلميّة للمجتمع هي بمثابة محضنٍ لإعداد كوادر وطنيّة يتمّ استقطابها منذ الصِّغر في بيئات تعليميّة جادَّة تتَّسم بالمتعة والتَّحدِّي والتَّشويقِ والتَّعقيد غير المُمِل، طمعًا في أنْ تتوزَّع لاحقًا عند الكِبر بينَ جنباتِ الوطن ودهاليز مفاصِل إنتاجه، بحيثُ تُسهِم في رقيّه وتصِلْهُ بما وصل إليه الآخرون منْ إنجازات ونحاجات تذلِّل الصُّعوباتِ التي نشتكي منها محليًّا أو تزيل العقباتِ المُفضية إلى تأخُّرِ الرَّخاء المنشود اجتماعيًّا.
والمَراكز العلميّة لمستقبل البشريّة هي بمثابة صُنع رموز تتَخطّى أفكارُها ونواتِجُ أعمالها الحدود الجغرافيّة للدولِ لتصلَ إلى منْ يحتاج إلى اختراعاتها أو ابتكاراتها مهما كانت، وما قرأنَا أو سَمِعنا عنْ سيرة أناسٍ أبدعوا للعالَم وأتحفونا إلاّ وكان لمشاركتهم في مَراكز علميّة أبلغ الأثر في حياتِهم ومنهجيّة تفكيرهم ونظرتهم للمعرفة.
إنَّ محيطنا مليء بمبادرات ومشروعات وأفكار علميّة تقنيّة تطوّعيّة فرديّة تتطلّب منّا اهتمامًا مسؤولًا، وتبنِّيًا رفيعًا كي تُزهر وتعْطي ثمرًا، وتحتاج رعايةً لا تقتصر على توفير الدَّعم الماديّ. كما أنَّ هناك مسابقات عالميّة تحتِّم الاستعداد لها وتهيئة الطَّلبة للمُشاركة وفق شروطها، فمثلًا برامج STEM & STEAM؛ نموذج TRIZ؛ مسابقة حلّ المشكلات المستقبليّة FPS؛ برنامج GLOBE التَّعليمي العالمي؛ F1 in Schools؛ معرض أيسف ISEF للعلوم والهندسة؛ الأولمبيادات المتَّصلة بالكيمياء والفيزياء والرِّياضيّات؛ وغيرها.   
ولا يُمكن إخفاء بعض التخوّفات لدى الجِهات الرَّسمية وغير الرَّسميّة منَ المستثمرين، والتي منها: ضعف الإقبال على مثل هذه البرامج العلميّة المُكلفة؛ التَّكلفة الماديّة المتوقَّعة لتجهيز مبانيها وتوفير أجهزتها؛ إدارة الوقت فيها وتنظيمه بما يلبّي حاجات الفئة المُستهدفة؛ ندرة المعلِّمين المؤهَّلين لمثل هذه البرامج والأنشطة؛ وغيرها.
أظنُّ بأنَّ هذه الفترة منَ الزَّمان هي أمثل الفترات لإنشاء المَراكز العلميّة لفئة الطلبة في التَّعليم الأساسي والجامعي على حدٍّ سواء.
فهلْ مِنْ مُشَمِّرٍ؟ 

 

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .