حتّم ضمان حماية المغرب واستقراره الامتداد الى آيبريه لمنع عبور القبائل الجرمانية الى شمال أفريقية، وباحتلال آيبرية ممكن ان يوفر هذا حدود طبيعية حاجزه وهي سلسلة جبال البيرينيه شمالا والمحيط الأطلسي (البحر الكبير او بحر الظلمات) غرباً.
وكان فتح شمال أفريقية من أعسر اعمال الفتح الاسلامية إذ كلّف الكثير من الدماء والمال والجهد واستمر نحو 70 سنة قبل ان يتمكن موسى بن نصير من إخضاع القبائل البربرية سنة 90هـ/709م.
وأخذ فتح الشمال الأفريقي صورة موج البحر فتعاقبت الحملة تلو الأخرى الى حين استكماله، ولم يبق في المغرب كله سوى مدينة سبته وكانت هذه المدينة الحصينة تابعة آنذاك لبيزنطه يأتمر بأمرها يوليان(جوليان)الذي زود المسلمين بالسفن.
استعصت سبته على الفاتحين لأن السبيل الوحيد لاقتحامها جهة البحر ولم تكن السفن الكافية لهذه الحملة متوافرة آنذاك تعددت الروايات عند المؤرخين حول أسباب جوليان في دعمه للفاتحين وانتقامة من الملك رودريك حاكم طليطلة، منها وقوع الملك رودريك في أخذ ابنة جوليان وفض بكارتها، واُخرى تأييد جوليان للمعارضي وجود رودريك على راس المملكة في طليطلة؟ وربما كان ثمن المساعدة ضمان سلطته وأملاكه. جوليان هذا قدم سفنه لتعبر عليها القوات العربية الاسلامية.
وفيما كان رودريك في قصره بطليطلة جاءه رسول يبلغه بنزول جيش طارق بن زياد، فسار اليه متعجلاً رده ودارت بين الجهتين معركة شرسة استمرت ثمانية ايام تحقق لجيش طارق بعدها النصر، ومُنيّٓ القوط بهزيمة ماحقه، وانتهى ملكهم رودريك قتلاً او غرقاً.
ولم يتمكن القوط بعدها من الصمود فخٓلفَّ جنود مهزومين. وكان الطريق مفتوحاً لجنود طارق، ومن بعده لموسى بن نصير حتى أقصى الشمال من دون مقاومة حقيقية من النبلاء او رجال الكنيسة.
ويوم وقعت الهزيمة باخر ملوك القوط، كان القوط قد امضوا في شبه جزيرة آيبريه اكثر من 250 سنة، خلال هذا الزمن القوط لم يضيفوا الكثير الى ما بنته الامبراطورية الرومانية، بل عانت البلاد في عهدهم من الانحطاط الذي ساد معظم المناطق التي حلت فيها القبائل الجرمانية.
الاندلس آنذاك دولة شاسعة متشعبة الطرق، ربما ضمت اكثر من أربعة ملايين نسمة، ولم يكن في وسع طارق تأمينها كلها، فعبر موسى بن نصير عام 712م/93هـ على رأس 18 الف مقاتل واتجهت الجيوش في محاور عدّة شرقا وغربا وشمالا.
وعلى الرغم من ان مدناً كثيرة فتحت بواباتها للجيش الفاتح، الا ان اخضاع الاندلس استغرق اربع سنوات، وامام عزم الجيش الفاتح البقاء في الاندلس قٓبْلَ معظم الأعيان ورجال الكنيسة بالسلطة الجديدة، وبهذا بدأت اشراقات شمس الأندلس تضيئ ظلام أوربا، وتتخلد اسطورتها المدنية والعلمية والتعايش السلمي ترددها الأجيال، وتدونها الكُتب وما انقطع ذكرها وتدارسها الى اليوم.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |