العدد 5667
السبت 20 أبريل 2024
banner
د. عدنان محمد القاضي
د. عدنان محمد القاضي
الارْشادُ المِهنيّ: منْطلَقاتُ التَّأسِيسِ ومُوجِّهاتُ التَّطويرِ (1)
الخميس 11 مايو 2023

إن إرشاد الموهوبين أمر لابد منه؛ وذلك لمساعدتهم على التكيُّف ضغوطات المُجتمع ومتطلّباته، إضافةً إلى تقديم الدعم لهم وتوجيههم. ولذلك تعتبر عملية إرشاد الموهوبين إزاء المهن المستقبلية إحدى جوانب الارشاد الهامة، وتحتِّم كون المرشد على معرفة ودراية بطبيعة هذه الفئة من الطلبة؛ ولا سيما أن عملية الوعي المهني مستمرة في الحياة حيث تبدأ من القيم والاتجاهات التي يتم اكتسابها في البيئة المنزلية في مرحلة الطفولة المبكرة وتستمر حتى مرحلة الرشد وما بعدها بسنوات.
وعليه، يحتاج الموهوبون إلى الارشاد المهني في فترات العُمر الأولى لإعانتهم على فهم طبيعة القدرات الخاصة لديهم، وتوضيح اهتماماتهم، وعرض مختلف الخيارات المتاحة أمامهم والتي تتفق مع ما يمتلكونه من جوانبَ قوّة وثغراتِ ضُعْف، كما ينبغي الإشارة إلى أن عملية الاختيار المهني للموهوبين قد تأتي في مرحلة متأخرة مقارنة بما هو عليه الحال مع الطلبة العاديين؛ نتيجة لتعدد المجالات والفرص المهنية المتاحة أمامهم. وقد يتمكن الكثير من الموهوبين من النجاح في مجالات دراسية ومهنية متعددة نظرا إلى تنوع قدراتهم واهتماماتهم، كما أن تعدد الخيارات الدراسية والفرص المتاحة لهم قد يؤدي إلى الإحباط عند الاختيار في نهاية المرحلة الثانوية، وذلك لأنّ الموهوبين يختارون هدفاً مهنياً واحداً ويلغون قائمة من الخيارات الممكنة التي يستطيعون النجاح فيها. ولا شك أن اختيار هدف مهني واحد يكون تقييدا لكثير منِ اهتماماتهم وميولهم.
ويقدم الارشاد المهني للموهوبين فرصاً لاكتشاف اهتماماتهم الخاصة وسماتهم الشخصية وقدراتهم الكامنة وطموحاتهم. كما وتساعد برامج الارشاد المهني على توفير فرص حقيقية للموهوبين على اكتشاف هذه الاهتمامات والقدرات التي يتمتعون بها، كما يمكن من خلال هذه البرامج تقديم نماذج ناجحة لشخصيات ناجحة ومتميزة حققت النجاح في أعمالها .(Silverman, 2012) 
وقد أشارت الاستراتيجية العربية للموهبة والإبداع في التعليم العام التي أقرَّتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (2008) في جزء من سياستها التنفيذية الخاصة بهيكلية النِّظام في البند الثامن والمعني بتوسيع خِدمات الإرشاد والتوجيه للموهوبين والمبدعين إلى ضرورة توفير توجيه مهني متكامل؛ وإعداد مرشدين مهنيين متخصصين في تقديم خِدمات التوجيه والإرشاد للموهوبين والمبدعين.
ومنَ المهم الإشارة إلى أنّ الارشاد المهني يعتبر منَ أهم أهداف رعاية الموهوبين الثلاثة الآتية:
1.    تطويرُ الاستعدادات الخاصّة، والقدرات الكامنة لمنْ يُبدي تميُّزًا ملحوظاً مقارنة بزملائه.
2.    توجيه الاهتمامات غير المنظّمة ذاتيًا؛ وتعميق القيم السلوكيّة؛ وبناء الشخصيّة.
3.    استثمارُ المواهبِ اليافعةِ وحفزِها؛ لِتكونَ مؤشِّرًا على الملامح الأولى للمِهن المستقبليّة.
ومنْ نافلة القَول بأنَّ معايير الرابطة الوطنية الأمريكية لرعاية الموهوبين (NAGC)قد حدِّدت بشكل صريح ومُحكم ما يفترض إدماجه في خِدمات الرعاية الشاملة، ومنها على النحو الآتي:
المعيار (1): التَّعلُّم والتَّطوُّر
النمو الإدراكي والتطوير الوظيفي: يحدد الموهوبون أهداف المستقبل الوظيفي التي تتناسب مع اهتماماتهم وقدراتهم. يحدد الموهوبون المصادر اللازمة لتحقيق تلك الأهداف (مثل: الفرص التربوية التكميلية، الموجهين، والدعم المالي)، ويتفرَّع منه ما يلي:
•    يساعد المعلمون الموهوبين في تحديد الأهداف الدراسية الجامعية والأهداف الوظيفية التي تناسب اهتماماتهم وقدراتهم.
•    المعلمون بالتقدم في عملية التعلم التي تتضمن الوعي بقضايا المجتمع وتكيفهم، والتخطيط الأكاديمي، وتطوير المهارات النفسية-الاجتماعية والوعي بالدراسة الجامعية والمستقبل الوظيفي.
•    يزود المعلمون الموهوبين بالإرشاد الجامعي والوظيفي ويصلونهم بمصادر ذلك.
المعيار (2): البَرمجة، ويشتملُ على المعايير الآتية:
مسارات المستقبل الوظيفي: يضع الموهوبون أهدافاً تتعلق بالمستقبل الوظيفي ويحددون مسارات تطوير الموهبة لتحقيق تلك الأهداف، ويتفرُّع منه ما يلي:
•    يوفر المعلمون التوجيه والإرشاد المهني لكل موهوب بخصوص اهتماماته وقدراته والتحديات التي يقابلها وحاجاته وقيمه.
•    يسهل المعلمون خيارات البرمجة بما فيها التوجيه وفترات التدريب وبرمجة التعليم المهني والتقني، ومقابلة هذه الخبرات مع اهتمامات الموهوب وقدراته وحاجاته وأهدافه.
وتكمن عملية الإرشاد المهني فيما يلي:
1.    معرفة المواهب واستغلالها بتحقيق النجاح والتفوق وإثبات وجودها في المجتمع.
2.    عدم الاستعجال والتريث في تحليل المجالات المهنية، بحيث تكون أهداف المواهب بعيدة المدى.
3.    تعريف الناس بالمواهب، من حيث تقديم المشاريع التي تعطيها مكانة بينهم.
4.    قضاء الكثير من الوقت وبذل الجُهد لتحقيق كفاءة المواهب ومهاراتها في المجال المهني.
5.    التفوق في التخصص والمجال المهني الذي تنتمون إليه المواهب بإبداع وتميُّز منقطع النظير.
تتبع هذه المقالة سلسلة منَ المقالات العلميّة التَّخصُّصيّة؛ تسليطًا للضوءِ على نوعٍ منْ أنواعِ ارشاد الموهوبين لم يأخُذ حقّه من البَسْط غير المُملّ والإيجازِ غير المُخلّ منْ خلالِ تناول موضوعات جوهريّة وقضايا أساسيّة تبنى عليها مشروعات ومبادرات فصليّة. 

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية