تتمَّة للمقالة السَّابقة والتي تمّ التَّمهيد فيها لأحد الأساليب في رعاية الموهوبين ألا وهو الارشاد وجزء منه ما يتعلَّق بالجانب المِهنيّ، إذ أوضحنا فيه تأكيد بعض المؤسَّسات العربيّة والعالميّة على أهمية إدماجه وإيلائه العناية الفائقة، وبعض ملامح عملية الارشاد المهني. وفيما يلي نستكْمِل بعض القضايا في هذا السِّياق.  
هناك مصطلحات أساسيّة في الميدان المِهني، ومنها: 
•    الارشاد المهني: عملية مُساعدة الموهوب على الوعي بميوله واستعداداته؛ وإعانته على اختيار مسارات التَّعليم الثانوي أو مساقات التَّخصص الجامعي؛ وتزويده بالمعلومات المتعلّقة بمتطلّبات المهنِ المُتاحة والمناسبة لاهتماماته وقدراته، والتي يُمكنهُ الالتحاق بها في المستقبل (حمود، 2008).
•    الاختيار المهني: اختيار الموهوب لتخصُّص من التَّخصُّصات الجامعيّة بحسب قدراته وميوله وسماته الشَّخصيّة.
•    التوجّه المهني: عملية مساعدة الموهوب على إنماء وتقبُّل صورة لذاته متكاملة ومتلاحمة لدوره في عالمِ العمل، ومساعدته على اختبار هذه الصُّورة في عالم الواقِع لتكونَ متلائمة مع إمكاناته المختلفة واستعداداته وميوله ورغباته وقيمه واتّجاهاته؛ وصلًا إلى تكوينِ ذات مهنيّة عن نفسِه تتطابق مع مفهومه لذاته.
ومن أبرز أهداف الارشاد المهنيّ للموهوبين ما يلي:
•    مساعدة الموهوبين في الوصولِ إلى القرار السَّليم لاختيار المهنة التي تتناسب وقدراتهم.
•    إعانة الموهوبين على اختيار التَّخصص العلمي الذي يتناسب مع ميولهم واستعداداتهم.
•    توفير برامج تربوية وتعليمية تستثمر قدراتهم إلى أقصى مدى مُمكن، وتحميهم منَ التسرُّب منَ المدرسة.
•    التعرُّف المبكِّر على الموهوبين، ومساعدتهم على اكتشافِ ميولهم واهتماماتهم المهنية والمتعلِّقة بالعملِ المناسب.
•    إرشاد الموهوبين الرَّاغبين في تغيير تخصُّصاتهم وتوعيتهم بأشكال الوظائف المتّصلة بكلِّ تخصُّص منَ التَّخصُّصات المتاحة.
•    توعية الموهوبين بالتَّخصُّصات المتاحة لهم وخصائصها وشروط الالتحاق بها، وتوجيههم نحو التَّخصُّص المستقبلي في سنٍّ مبكرة.
•    تطوير جملة منَ المهارات كحلّ المشكلات؛ اتّخاذ القرارات؛ كتابة السِّيرة الذَّاتية؛ إجراء المقابلة؛ والبحث عنِ العمل.

وللإرشاد المهنيّ نظريَّات عدَّة، ومنها:
أوَّلًا: نظريّة السمة والعوامل (Parsons, 1909)
•    الافتراضات الأساسيّة: امتلاك سمات فريدة، يُمكنُ قياسها بشكل موضوعي، ويجبُ أنْ تتطابق مع متطلّبات المهن.
•    النتائج: التنبُّؤ بالرضا المهني والنجاح، من خلال فحص السمات باستخدام التقييم، وفحص بيئات العمل باستخدام متطلّبات المهنة.
ثانيًا: نظريّة المَدى الزَّمني والفرص المتاحة (Super, 1957)
•    الافتراضات الأساسيّة: تطوُّر نمائي مهني يحدث على مدى الحياة. ويكتسب نضج مهني، منْ خلال البراعة والتمكُّن منْ إنجاز المهام المتنامية ذات الارتباط بمهنة ما في مراحل الحياة.
•    النتائج: فهم المهنة المناسبة في إطار السِّياق الاجتماعي، حيث إنَّ هناك تفاعل بين العوامل والمتغيّرات النَّفسيّة والبيولوجيّة.
ثالثًا: نظريّة الاختيار المهني (Holland, 1996)
•    الافتراضات الأساسيّة: هناك أنواع مختلفة ومتنوِّعة من الشخصيّات والبيئات، ويتحدد السلوك من خلال التفاعل بين الشخصية والبيئات.
•    النتائج: دقة المعرفة الذاتية والمعلومات المهنية ضرورية لصنع القرار المهني.
رابعًا: نظريّة مسرح الحياة (Gottfredson, 1999)
•    الافتراضات الأساسيّة: يتشكَّل الاهتمام المهني منْ خلال التفاعل بين علم الوراثة والبيئة.
•    النتائج: الارشاد المهني يجبُ أنْ يقدم الدعم تفاديًا المؤثرات غير الظاهرة، والتي تحدّ منَ الاختيار المهني المناسب كنوع الجنس. 
خامسًا: نظريّة التعلُّم (Krumboltz, 1996)
•    الافتراضات الأساسيّة: التطوُّر المهني بتأثر بالوراثة والقدرات الخاصة، والظروف والأحداث البيئية، وخبرات التعلُّم، والمهام التي تدعم مهارات معيّنة.
•    النتائج: استخدام أدوات القياس والتقييم؛ لتحديد نوع الخبرات التعليمية المناسبة.
سادسًا: نظرية المهن المعرفية الاجتماعيّة (Chronister & McWhirter, 2003)
•    الافتراضات الأساسيّة: تتفاعل السمات الشخصيّة والجسدية، والعوامل البيئية الخارجيّة، والسلوك العلني، إلى حدٍّ يؤثر بعضها في بعض، كمؤثرات تؤدي إلى تحديد طبيعة التطوُّر المهني.
•    النتائج: يُعدّ تصميم المهام التي تساعد على اكتساب المهارات، والتي تدعم الفاعليّة الذاتيّة، ومعرفة مواطن القوة والضعف في الذات، ووضع توقّعات منطقيّة للأداء، ومهارات تحديد الأهداف، أمرًا مهماً للتطوُّر المهني.