العالم الموسوعي ابي محمد الحسن الهمداني الذي تواترت حوله الأخبار والمناقب، وانتفع منه المتخصصين وأهل الطلب لكثرة لما كتب هو او كُتب عنه، عاش القرن الرابع هجري/العاشر ميلادي، تعلم الاسفار والترحال مثل ابيه، بما في ذلك اشتراكه مع اهله في نقل الحجيج من صعدة الى مكة، وهناك في مكة منارة العلم اخصب سني عمره في تحصيل العلم والتدريس.
برع الهمداني في الجغرافيا الوصفية، وعُدَّ من فحول الجغرافيين الذين تضلعوا من هذا العلم، ونقبوا في غرائبه ونوادره. فقد كتب في هذا العلم عن رؤية ومعرفة في كتابه صفة جزيرة العرب. وسجل في كتابه هذا جغرافية وصفية للطبيعة والسكان، فذكر طبائع سكان جزيرة العرب، وذكر مساكن هذه الجزيرة ومسالكها مياهها وجبالها ومراعيها وأوديتها، ونسبة كل موضع منها الى سكانه ومالكه على حد الاختصار، وعلى كم تجزأ هذه الجزيرة من جزء بلد، وفرق عملي وصقع سلطاني، وجانب فلوي وحيز بدوي، وحدد بخطوط الطول والعرض موقع جزيرة العرب، وذكر اطوال مدن العرب المشهورة وعروضها.
قبل اكثر من الف عام، ولم يكن الهمداني أحد ابرز رواد عصره فحسب، بل مثل فكرا علميا متقدما لعلوم اشتغل بها عالمنا الحديث والمعاصر.
فلقد قال بكروية الارض وتحدث عن خطوط الطول والعرض وعن الجاذبية الارضية، وبحث في علم الاراضة (الجيولوجيا) واستخراج المعادن، وتحدث عن سرعة الصوت والضوء، واكتشف الاكسجين ودلل على وجوده معمليا، وكتب في الجغرافيا الوصفية، وفي التاريخ والانساب والآثار والفلك والنجوم، فضلاً عن تفقهه في الدين وفي الادب العربي شعره ونثره ونقده.
واليه يعود الفضل في إزاحة الستار عن القلم الحميري والمساند الدهرية التي القى عليها اضواء كاشفة خلدها بالقيد والتبجيل في حينه مايسر على المستشرقين في العصور المتأخرة فك رموز القلم المسند، واكتشاف الصلة الوثيقة بينه وبين الخطوط اللحيانية والثمودية والصفوية. والتي انتشرت في الاردن وبادية الشام والاطراف الشمالية للجزيرة العربية. لقد نبغ عالمنا الهمداني من بين معاطن الابل وقوافل الجمالة، وتخرج في مدرسة العصامية
وعركتة المعاناة وشحذ التحدي همته، ولم يحل البعير بينه وبين أن يصبح عالما وفيلسوفا. فلقد جعل من جمله وسيلة معرفية جاب بها جزيرة العرب، وجال مع ابيه منذ نعومة اظفاره في الاقطار، وتنقل بين صنعاء وصعدة ومكة والعراق والشام عبر بوابتها التاريخية معان.
صحيح تأتي لمن بعده جزئيات في الوصف، وحضور مشاهد لمواقع لم يكن فيما ذكره في كتابه الوصف مزيد تفصيل او تحليل وهذا كذلك يتبع مؤلفه التحفه"الإكليل".
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |