تهلَّل عام ألف واربعمائة وخمسة واربعين، سنة هجرية جديدة تذكرنا هجرة نبي الرحمة من مكة الى المدينة، وتآخي المهاجرين والانصار، عام حبله السّرّي مربوط بقرون مضت حكاية تاريخ ازلية مبتداة نواة دولة اسلامية، فيها ملحمة ربانية، غمرت البشرية والمعمورة بهداية انسانية.
تعاقب السنين ناموس يطوي وهي رواحل يركبها البشر، فطوبى لسنين فيها نفع مستهدف، وأسى لسنين هزيلة متروكة. وهكذا السنين منها مشهور ومطمور، وفيها ما يُفخر به وبلغ منتهى طريق، وغيرها صحيفتها قليلة منهوبة.
مضامين السنين في الافراد والمجتمعات والدول بعضها طبعت احافيرها عبر الاجيال، وغيرها مسحت الريح اثارها ومسارها. اليقظ من كل راعي ورعية حسب دوره وموقعه؛ أن يتأمل ما مضى وما هو في حاضره ومدى مستقبله، تأمل يقوى
بخلوة مراجعة فيها صفاء نفس وتنزّه للحِكم الطبيعية، ويُنضجها إتخاذ منهجية علمية لها طواحين محملة بمعرفة وادراك، يتلمس فيها بواطن الأمور، وفهم ما حوله، والموضع الذي يريده، حتى يقول الراعي والرعية وخصوصا المجتمعات والدول هل تغيرنا للأفضل ام نحتضر في مخاض لنولد من جديد.
تتابع الاعوام يُرسم عند الحكماء والعقلاء بمبدا الفائل وحسن الظن، والأمل الاكيد، والبحث عن نور جديد، وادراك دوام الحال من المحال، وان الغيب يدّخر في طياته ما لا نعلم رغم كل مُحلل وقائل.
معمر السنين يحفر هاجسه اخترام العمر، واقتراب رحلة الحياة القصيرة من نهايتها، هي روح تُظلِّل الفطين في كلِّ منعطف من منعطفات الايام حلوها ومرها. وكأن حال من تقدم به العمر يسمع همس غمغمة يشبه احيانا أصوات ابطال في وغى قتال وذعر ثيران، وغريق تحت ماء تداكأت فوقه أمواج.
النقد الذاتي لما مر من سنين هي عافية اذا فيها طموح في الإصلاح والتغيير. والنقد النافع هو ذاك يبتعد؛ عن جلد ذات لمن لهم اضطراب طوية، واختلال ميزان نظرة شمولية، وانغماس بنظرة سوداوية. والقصد من النقد ان يكون عامر لا هادم، والهدم كثير يُحَسِّن فعله. واصحاب الهدم عادة يتوارون بضعف في تقديم حلول، ويضمرون إذا أُعطوا مسؤولية.
رسالة لمن يعبر الزمن به
الى عام جديد، واخص بعض من يكتب او يتحدث، او يتظافر ذيوعه بمنصات التواصل، فاقول؛
إذا رُسم لي أن أتحدّث
عن كُتّاْب وأقلام ومتكلمين
الذي اتمنى في قدوم هذا العام
أن يُراجعون ويصوبون
لا عازفون مُتزلفون ومُرجفون
او مُضّخمون ناقدون
وجارحون لاوطانهم سبَّابون
وان لا يرضوا ان يكونوا
ممن فَرَط قيده
واختلط صيده
حابل بنابل
كثوبٍ أفلت خيطه
ولا يطال احدهم وصف
غَثهُ يملئُ كل جريده
بتسطيح معرفي
وتدليس حربائي
وحنق لفظي
ويمدح لجيبه
وضميره معتل
وهذا حال لا يدوم
والزمن يودي به
تلك آفات لا نريدها
وما نُريده
متفائلون بامتهم
أنها وَلُود
طموح قولهم
وحب الاوطان عندهم
وولاء وأمل فيهم
ولطالما ابدعوا
افكار جديدة
ينادون بتلاحم
يوحدّون لا يفرقون
وللغير يحترمون
لا شخصنة لانهم يترفعون
وحتى لمخالفيهم يتفهمون
هؤلاء كثرتهم مفيدة
وهذا هو الذي نريده
ختاما
قافلة الزمن فيها تداول بين الأمم،
ويعلو فيها من جدّ وسعى، ويخيب
فيها من بغطيط نومه غافل.
الأمل يحدونا
مثل قنديل له براق يتدلى
يحتاج حامل وناقل
لا يأس يلفه بلِحافه المهترئ البالل
اللهم رحماك وانت ربنا القائل؛
وقل جاء الحق وزهق الباطل
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |