نبذة مختصرة عن العرب
وصلتهم بالبحار بِما فيها الخليج العربي، المعروف تاريخيا ان العرب توارثوا صناعة السفن والتجارب والأدوات البحرية منذ القدم، فكانت البوصله دليل الملاحين عندهم وكذلك الاسطرلاب، وحتى ان كثير من ظواهر الجو تعود بنسبها الى العرب. وهم من ادخلوا الإشرعة المثلثه التي نقلها البرتغاليون عنهم فيما بعد. يقول جورج حوراني في كتابه العرب والملاحة في المحيط الهندي؛ "لولا الشراع المثلث (الذي ادخله العرب على الملاحة) لما كان المظّين الأوربي في السفن التي تشتمل على ثلاثة صوار، ولما تمت رحلات المحيط التي قام بها المستكشفون العظام".

علاقة العرب بالبحر قبل الاسلام 
وبعده مع ما قيل عن تخوف العرب من البحر، فالرد؛ ان سكان المناطق الداخلية في شبه الجزيرة العربية إن لم يكونوا عرفوا البحر او تجرُّؤ عليه، فان ذلك لا ينطبق على سكان المناطق الساحليه في اليمن وعمان والبحرين وسائر بلاد الخليج العربي. 

لوح مُكتشف للملك الأكدي 
اسمه ماني شتوسو تعود للقرن 23 ق.م ذكر صلات بحريه مع مجان (عمان). وكذلك السومريون استقبلوا السفن العمانية القادمة بتجارة الهند وتوابل جنوب الجزيرة العربية. وكانت تُوصف قديما انها"دهليز الصين وخزانة الشرق والعراق ومغوثة اليمن".

ياقوت الحموي في معجم البلدان 
قوله؛ "ومن أشهر أسواق عمان التجارية التي كان يتم فيها تصريف منتجات الشرق الأقصى دبا, وجلفار, وازكي وشبا وكلبا. كما كان لجزيرة قيس(كيش) الواقعة في بحر عمان دور تجاري هام إذ كانت مقر صاحب عمان, مالك هذا البحر, ومرفأ مراكب الهند وبر فارس". ومن المعروف أن قيس شغلت المكانة التجارية مع بلاد الشرق الأقصى حتى القرن الثامن الهجري، وكذلك مدينة هرمز (جردن) بحكم موقعها وقد اسسها العرب وحكموها وهم من سلالة الأزد العمانيين.

عهد هارون الرشيد 
كانت البحرية العمانية قوة نافذة في الطرق البحرية. الصين والهند شرقا, والعراق في الشمال الشرقي, والبحر الأحمر وشرق أفريقيا في الجنوب العربي. وكانت الطريق بين كانتون الصينية وبغداد من أطول الطرق البحرية في القرون الوسطى. وقد ساعد نفوذ كل من الدولة الإسلامية الموحدة وامبراطورية تانغ الصينية على تأمين التسهيلات اللازمة للنشاطات البحرية والتجارية. وتم تشكيل أسطولا خاصا  من السفن الصغيرة والسريعة للتصدي للقراصنة. وفي عهد الإمام الصلت بن مالك الخروصي (857-881م) ثلاثمائة بارجة حربية مسلحة.

طَرَفة بن العبد 
الذي عاش بين اليمامة والبحرين في معلقته قبل الاسلام ذكر؛ "عَدْوَلَى" احدى قرى البحرين المشهورة بصنع السفن، وذكر كذلك "ابن يامن" وكان ملاحا مشهورا من البحرين، وذلك في الأبيات التالية؛ 
كأن حُدوجَ المالكية غدوة 
خلايا سفين بالنواصف من دَدِ
عدولية او من سفين ابن يامنٍ
يجور بها الملاحُ طوراً ويهتدي

معاني وشرح للأبيات؛
معنى حُدوجَ مركب النساء، والمالكية نسبة الى مالك بن سعد، والخلايا السفينة الكبيرة، والنواصف هي الرحبة الواسعة في الوادي، ودد موضع. 
الْحِدج: مركب من مراكب النساء، والجمع حدوج وأحداج، والحِداجة مثله، وجمعها حدائج.  المالكية: منسوبة إلى بني مالك قبيلة من كلب. الخلايا: جمع الخلية وهي السفينة العظيمة. السفين: جمع سفينة، ثم يجمع السفين على السفن، وقد يكون السفين واحدا، وتجمع السفينة على السفائن. النواصف: جمع الناصفة وهي أماكن تتسع من نواحي الأودية مثال السكك وغيرها. دد، قيل: هو اسم واد في هذا البيت. وقيل دد مثل يد، وددت مثل عصا، وددن مثل بدن، وهذه الثلاثة بمعنى اللهو واللعب.

يقول طرفة في مجمل معنى الأبيات التالي؛كأن مراكب العشيقة المالكية غدوة فراقها بنواحي وادي دد سفن عظام، وفي هذا شبه الإبل وعليها الهوادج بالسفن العظام، وقيل: بل حسبها سفنا عظاما من فرط لهوه وولهه، وهذا إذا حملت ددا على اللهو، وإن حملته على أنه واد بعينه فمعناه على القول الأول.
اما عدولي: فهي قبيلة من أهل البحرين، وابن يامن: رجل من أهلها، وروى أبو عبيدة: ابن نبتل، وهو رجل آخر منها. الْجَور: العدول عن الطريق، والباء هنا للتعدية. الطور: التَّارة، والجمع الأطوار. يقول: هذه السفن التي تشبهها هذه الإبل من هذه القبيلة أو من سفن هذا الرجل، والملاح يجريها مرة على استواء واهتداء، وتارة يعدل بها فيميلها عن سنن الاستواء، وكذلك الحداة تارة يسوقون هذه الإبل على سمت الطريق، وتارة يميلونها عن الطريق ليختصروا المسافة. وخص سفن هذه القبيلة وهذا الرجل لعظمها وضخمها، ثم شبه سوق الإبل تارة على الطريق وتارة على غير الطريق بإجراء الملاح السفينة مرة على سمت الطريق ومرة عادلا عن ذلك السمت.

العالم الهندي نفيس احمد 
في كتابه جهود المسلمين في الجغرافيا ذكر؛ "وفي خلال مائة عام من وفاة رسول الاسلام صار العرب يسوسون امبراطورية تفوق امبراطورية الرومان، وامتدت سيطرتهم البحرية من حوضي المتوسط الشرقي والغربي حتى البحر الاحمر، والمدى المعروف من المحيط الهندي. وهنا يعرض التاريخ حقائق عجيبة هامة ففي الغرب كان المسلمون يوجهون سياسة الأقاليم الشرقية من البحر المتوسط، ويمتلكون الجزر المتعددة هناك، بينما يصدق على البحر الاحمر ان يوصف ببحيرة عربية. اما سيطرة المسلمون السياسية 
المباشرة في المحيط الهندي فلم تكن تتجاوز الجهات الساحلية عند مجرى الإندس الأدنى، ومع هذا تطالعنا صور عجيبة لكثير من المراكز العربية التي تمتع فيها العرب تماما بتقاليدهم الدينية والاجتماعية في أنحاء كنكان
وسواحل ملبار وكرمندل وجزائر منديف وسيلان، وامتد النشاط التجاري حتى جزر اندامان وجزر نيكوبار وساحل اركان والملايو وسومطره وجاوه. وقد وصل الاسلام الى هذه الأقاليم دون عون سياسي من اي نوع".

هكذا إرث العرب وأثرهم قديم مُتجذر في اعمال البحر وتواصلهم مع الأمم.