العدد 6035
الأربعاء 23 أبريل 2025
خربشة ومغزى.. "الكَذِبُ، اختراقُ تقنية، ردحٌ لا ينتهي"
الأحد 01 أكتوبر 2023

الكَذِبُ هو رذيلة منذ عرفته البشرية، وتمرحل عبر الزمن بوسائل وانماط حتى شهد عصرنا استغلاله للتقنيات المتنوعة، ومنها الذكاء الاصطناعي. طبيعة هذا الكذب انه احتمى بذكاء وشيطنة فيها ردح لا مُنتهى لثعالبيته، وحينما ترصد بعض مدارات تأثيره فهي؛ تقليد اصوات وايهام صور ومقاطع، واستدراج اخذ معلومات شخصية خصوصية، وتزييف حسابات في منصات تواصل تستهدف افراد وعلاقات مجتمعية، وحملات تدليس معلومات واحداث واخبار وتشويه اوطان، والامثلة والتفصيل للكذب العصري يتعدى مقال.

 

معنى الكذب 
لا يتغير وهو عكس الصدق، واخبار بما ليس في الواقع. ولا يكذب المرء إلا لمهانته وسوء أدبه، لان الكذب رذيله وإيهام وقبح تأباه الديانات والقيم البشرية بتنوعها، بانه اسوء الصفات. وفي بعض من حديث نبوي شريف تحذير من الكذب؛ وإيَّاكم والكذِبَ. فإنَّ الكذِبَ يهدي إلى الفجورِ. وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النَّارِ. وما يزالُ الرَّجلُ يكذِبُ ويتحرَّى الكذِبَ حتَّى يُكتبَ عند اللهِ كذَّاباً. 

 

عصرنا امتطى فيه الكذب 
التقنية والذكاء الاصطناعي بعيدا عن مقاصدهما وما ينفع البشر باستخدامهما. دخل هذا منصات ووسائل اعلام احترف صانعوه كذبهم بتخطيط مُسبق، تدفعهم مشاعر سوداء بغية التأمر، واحيانا ثأر وتشويه سمعه واِنتقام. هكذا هم يتفننون في خلط الأوراق وطمر الحقائق، وتكوين قناعات، وإلحاق إساءه لمن يريدون، يتجاوزن المسافات، ويجعلون من أكاذيبهم حبال أرجوحة يتسلون عليها.
 
 

التقنية والذكاء الاصطناعي 
في اصلها بوابة متطورة معرفية ذات اثر ايجابي تنفع الحياة البشرية لما فيها من السرعة والقوة والإبداع ، ولطالما تم استخدامها هكذا. وهي توفر أيضا فرص جديدة لأي شخص يرغب في استخدام الأكاذيب والدعاية لتحقيق غاياته الخاصة. وقد حذر المتخصصون في التقنيات الرقمية أن كثيرا من المتاعب ستظهر، إذا ما وقعت التقنية في الأيدي الخطأ. 

جامعة "كوليدج لندن" البريطانية، ذكرت في دراسة لها أن تقنيات تزييف الأصوات بلغت درجة تمكنها من خداع البعض، مهما بلغت درجة تركيزهم مع الصوت. فقد عرض الباحثون أصواتا مزيفة على 800 شخص مدربين على تمييز الصوت الحقيقي من المُقلد، اكتشفوا 73% فقط من الأصوات المُقلدة، بينما انخدعوا في النسبة الباقية. وهذا تحدي يواجه البشرية في عصر التزييف العميق Deepfake للأصوات ومقاطع الفيديو. وجدير بالذكر روبوت الدردشة "ChatGPT"، المصمم لمحاكاة ذكية للمحادثات البشرية، فيه قدرات وردات فعل لجودة الصوت وإنشاء محتوى متكامل حول اي موضوع، بل كتابات علمية وشرح مصطلحات وغيرها، والمدهش ايضا قدرته بناء معرفه تراكميه مع المستخدمين لاضافة جديد كل مرة. ولهذا يتمكن من خلاله الكاذبين اختلاق معلومات مضللة.

 

طبيعة الكاذب 
أنه يصنع جَوانب مِن القصَّة أو الحَدَث، والتَّركيز عَليها وإغفَال وتَجاهُل بل طَمس أجزَاء أُخرَى، وذلك حَسب هَدَف وميول الجهة او الوسيلة الإعلاميّة. الكذب له روائح وفواح تُشمّ وصاحبه لا يخجل لان أنفه تعودت ذلك. الكذب شيطاني النزعة له اثر واحيانا يُنازع نظارة الحقيقة، والحقائق احيانا تنضب بسرعة. اما الأكاذيب مخزونٌّ لا متناهٍ. 
   
 

صانعوا الكذب 
يتكاثرون كالفُطْر تركيبتهم النفسيه تدفعك للقول عنهم؛ لا تلتمس تقويم ما لا يستقيم، كحال الحجر الصلب الذي لا ينقطع او العود الذي لا ينحني. 
بينما اهل الصدق لا يبالوا بل يقولوا؛
وما من كربة إلا ستُجلیٰ
كما يُجلی عن الأفقِ الغبارُ 
ويعقُبُ عسرَهَا يُسرٌ لطيفٌ
ويُشرق من هزيمتها انتصارُ 

 

الكيد والتسلط الإعلامي
نقول لاصحابه؛ أن الحقيقه هي التي تطفو على السطح مهما طال حبسها في الأعماق، بينما الخديعه تسقط في الأعماق مهما طال بقاؤها على السطح. وشعار اهل الصدق انهم أرضاً لا تُداس، بل هم سماء يتمنى الجميع الوصول إليها. المخادع والكاذب ذئب يبكي تحت اقدام الراعي.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية