العدد 6035
الأربعاء 23 أبريل 2025
خربشة ومغزى.. التزييف العميق DeepFake تحدي.. كيف الحصانة منه؟
الأحد 08 أكتوبر 2023

التزييف العميق كيف الحصانة منه، عنوان امتداد لمقال الاسبوع الماضي الذي تحدث عن الكذب واختراقه للتقنية، ويناقش هذا المقال باختصار عدة عناصر هي؛

تعريف التزييف العميق، وأثرة على المجتمع، وان التزييف يُضعف الثقة بالوسائط التقنية الناقلة، وأثره في التوتير السياسي الذي يطال المجتمعات والدول، وبعض الجهود المبذوله في محاربة التزييف، وأخيرا كيف يحصن الفرد نفسه من التزييف.

 

التزييف العميق 
هو شكل من أشكال "الذكاء الاصطناعي"، ويعتمد عليه بما فيها وسيلة ChatGPT. هذا التزييف يستخدم صور أو مقاطع فيديو حقيقية وتُحوّل إلى أخرى مزيّفة، وذلك من أجل هدف معيّن. يتحقّق ذلك من خلال برمجيات تجعل من الصعب التمييز بين الصور ومقاطع الفيديو الحقيقية وتلك المزيفة. انتشرت هذه التقنيّة خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير، هكذا وصفته صحيفة الغارديان البريطانية. بالطبع تضاعف هذا التزييف بشكل مضطرد كما ذكرته شركة Deep Trace.

ومزيد ايضاح أن التزييف هو اشبه بقناع رقمي كما لو تخيلت أنك تأخذ وجه وصوت شخص ما وتضعه على جسم شخص أخر في فيديو، مما يجعله يبدو وكأن هذا الشخص يقول او يفعل شيئا لم يفعله، هذه العملية يُوظف فيها برامج حاسوب متقدمة. 

 

أثر التزييف العميق
يتعدد ويتنوع بعض منه كالتالي؛

  • إشاعة معلومات خاطئة وإرباك وكذب عن موضوع او حدث او اشخاص حتى يُوهم المتلقي أنه حقيقة وصدق، وهو خدعة.
  • ابتزاز وإلحاق الضرر بالسمعة هي احدى محاولات التزييف تجاه شخص او منظومة او دولة. ويتخلل هذا الفعل تفانين في مضامين المقاطع ولوازم التأثير المساعدة في العرض بما في ذلك الصوت المستخدم. يولد هذا تحدي وتشويش يقع فيه المتأثر وهو لم يفعل شيئا مما تم في التزييف. هذه آفة عدوانية لها ابتزاز وإسقاط سمعة لها بواعثها. 
  • جدل وتلاعب في مجريات سياسية ودس عداوات عبر مقاطع وانتقائية مصورات، تربط بشيطنة تستهدف علاقات دول او رموز اعتبارية، يطالها تشويش سمعة لانها قالت او فعلت ولم يكن هذا حقيقيا. ولطالما استخدمت هذه في الانتخابات والترشح او الحديث عن صحة الرئيس. مثل هذه الحاله احيانا تولد دراما تتطلب جهود بعضها رسمي لصد اثرها. 
  • تاجيج التوترات في سكب النار حينما تكون صراعات او ازمات بين الدول او منظومات ذات صبغة سياسية. مفعول هذا كأنه فتيل نار يحرق، وان كان أثره محدود لكن التفاعل فيه يُعقد اي  تفاهمات او وساطات لحل الازمات. 
  • استهداف العاطفة احد جوانب تأثير التزييف، يدخل فيه الاسلوب الإيحائي والتأثير على المشاعر تجاه شخص او جهة لاحداث ميل او نبذ وتفريق.
  • تشكيل انطباع عند الناس في ضعف الثقة بالوسائط الناقله مثل الاعلام ومنصات التواصل المتنوعه حينما يتبين انها تروج للزيف، فتصبح غير موثوقه، وقد يختلط الامر حتى لو كان هنالك امر حقيقا عبر هذه المنصات. هذا فهم يتأطر في رد فعل فيه ممانعة داخلية تجاه هذه الوسائط والتلقي منها، لانها مفتوحة والكل يدخل فيها دونما ضوابط.
  • ترويج اخبار وتحليلات ومقاطع يدخلها زيف اصوات مدسوسة تطال سوق الاسهم المالية مما يلحق الضرر بالمستثمرين وتقييم الشركات وقرارات التدوال. ويدخل في هذا التضليل عن اندماج الشركات او الاستحواذ وهذه بطبيعته يشوش التقييم.

خلاصة القول أن أثار التزييف لا تخفى على اي متابع، وامثلتها تتنوع عبر المقاطع الصوتيه وتسجيل الفيديوهات. وقد تعقدت هذه الظاهرة، المعروفة باسم "ربح الكذاب"، وهو تحدي تطرحه المعلومات الرقمية المضللة بشكل إضافي.

 

جهود مبذولة ومبادرات 
هنالك عديد جهود ومبادرات تم تفعيلها تجاه اضرار التزييف العميق من قبل الحكومات والقطاع الخاص رغم انها تدرك صعوبة التحدي، والتالي ذكر بعضها؛ 

  • البحث والتطوير الأكاديمي والمؤسسي تبنته بعض الجامعات ومؤسسات البحث حول العالم على فهم ظاهرة الفيديوهات المزيفة وتطوير تكنولوجيا لاكتشافها والتخفيف من آثارها. استثمرت بعض شركات التكنولوجيا، خصوصا تلك التي لها مصلحة في التحقق من المحتوى مثل Meta (Facebook سابقا) وGoogle وMicrosoft، في البحث لاكتشاف الفيديوهات المزيفة. حتى أن بعضهم بدأ حملة  مسابقات لتحفيز الابتكار في هذا المجال، مثل تحدي اكتشاف الفيديوهات المزيفة. 
  • وضع تشريعات وسياسات مثل "قانون المساءلة عن الفيديوهات المزيفة" و"قانون تحديد نواتج الشبكات العدوانية المولدة". بدأت قوانين في امريكا وبعض الدول تهدف من خلالها تنظيم إنشاء ونشر المحتوى المتلاعب به، وهنالك تشريعات فيها مراجعة قوانين متعلقة بالمعلومات المضللة ووسائط رقمية لتضمين اللوائح ضد الفيديوهات المزيفة المضرة. 
  • التعاون بين الشراكات التكنولوجية والأوساط الأكاديمية، والحكومات. تهدف إلى دمج الموارد والمعرفة والأدوات لاكتشاف ومواجهة الفيديوهات المزيفة بشكل أكثر فعالية. 
  • التعليم والتوعية وورش عمل وحملات عامة ومؤتمرات لتثقيف الناس عن الأضرار المحتملة للفيديوهات المزيفة. الفكرة في هذا هو توسيع دائرة الوعي الذي يمكنه التمييز والتمحيص بشكل أفضل لمحتواها.

 

تحصين الفرد من التزييف 
يبدأ بقناعة ان واقعنا الحالي فيه تزييف عميق يتسلل عبر منصات التواصل وبعضه يكون عن اجهزة الاتصال، وان هذه التزييف فيه تقنيات عاليه ويتطور باستمرار وبشكل تحدي تقني وامني على الافراد والمجتمعات، وان خلف هذا التزييف افراد ومجموعات بل كيانات تعمل في الخفاء وتستهدف الاخرين. مثل هذه القناعه تولَّد عند صاحبها الفطنة واليقظة حينما يتلقى اتصالات غير معروفه او مشفره، فلا يعطي فرصه لاختراق خصوصيته وابتزاز مصالحه.

وامر اخر هو الحذر حين يسمع او يرى او يقرأ ما يتصل باخبار او معلومات اذا لم تكن موثقة بمصدر او تأكيد رسمي فلا يكن ضحية تشكيل معرفة خاطئة، ولا ينبهر بالامور وكأنها حقيقه، فالتريث والتاكد والصبر في انتظار حقيقة الأمر مهمة خصوصا اذا كان في شأن عام او خاص.

 

ختاما 
التزييف خلق تحدي عام ومكافحته تحتاج موارد حاسوبية ضخمة لاكتشاف التزييف في المقاطع، وتقنيات لتمحيص المزيف والمفبرك منها. سيما ان المقاطع تنتشر في عدة مواقع وبكثافة هائلة لتشكل حالة يصعب فيها مراقبة وتمحيص باستمرار كافة التزييف. وقد تكون احيانا مثل لعبة "القط والفأر"، وبمجرد أن تصبح وسيلة الكشف واحدة سائدة، يتم تطوير وسائل جديدة لإنشاء الفيديوهات المزيفة لتجاوزه. ومع هذا هنالك شركات أُنشئت واستثمارات وضعت وستزيد في المستقبل لتطوير خوارزميات اكتشاف ومكافحة الفيديوهات المزيفة.

شكر وامتنان للاستاذ المتخصص فتحي الوصيبعي على اضافته ومراجعتة المقال.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية