الحروب مآسِي وظُّلْم
آثارها لا تُنزع من ذاكرة الشعوب، وهي تتوالد في أتون الكيد، ولها أسباب ومسببات، ونتائج سبقها مقدمات، حيرة للعاقل اذا رأى تداخلاتها، وهي تطال البريئ الساكن، والطفل والعجوز الآمن، لا دخل لهم فيما فُرض عليهم، قدرهم أنهم سُلَبت أرضهم عَنْوة، ويُجرَّم دفاعهم عن حرمتهم رغم إتفاق الشرائع على أحقيتهم.
هكذا يقع المظلوم في سوداوية فعل الظالم. ترويع وتهجير وقتل اطفال ونساء وحتى مرضى المستشفيات، ازدواجية الظالم وتبريره لا رادع لها، وقوى كبرى داعمة يتساوون معه في الميزان. كلُّ هؤلاء لن يغفر لهم التاريخ.
الظالم
يا ويله من عدل الديَّان، يمهل ولا يهمل، حتى إذا أخذه لا يُفلته. الظالم يغتر أنه ملك سلاح ومال واستند الى اقوياء، زهو علو واستفراد لينهش الضحية بدماء باردة. يُصدق نفسة أنه محق، وينسى ناموس العدل حينما يأخذ كلّ ذي حق حقه ولو طال الزمن.
ومعقلُ الظلمِ أيّاً كان صاحبُهُ
لابدَّ يوماً على أهليِه ينهدمُ
فقُلْ لكلِّ عُتاةِ الأرضِ مَن غَشَموا
ومَن طغَوا قبلَكم في الأرضِ أينَ همو
الحروب في باطنها تحقيق مصالح
وشيطنة نفوذ، وتسلط منبوذ. فيها قهر الرجال وانحطاط آدمي. هنالك طوابير من المنتفعين من الأزمات والحروب، وهم لا يألوا جهدا في تجييش توترات إرجاف وزعزعة أمن، وإرباك سلم البشر. ولكثرما الحروب ربطت مصالح قوى الشر ولَمْلَمت تصدعهم ليجددوا مشتراكتهم واصطفافهم بغية الغلبة والتمكين.
الحروب تخطف التنمية
ونهضة الشعوب، بل مرادها إبقاء الضعيف بمزيد ضعف وتجعله يرتهن للغير ممن يُبطنون مصالحهم، فخ يطال كثير من طالبي الاستقلال والحقوق. تجارب الشعوب فيها من التقط انفاسه بعد حروب دامية واختار خارطة طريق وهو يمتثل صفات القدوة لشعبة عاضد للحمة. لا حظوة شخصية نفعية عنده أو آفات تخندق حزبية وتخوينية، يفهم التوازنات ويبتعد عن محاور وانتماءات لا تضيف لمصلحة بلده، يفعل التطوير بالممكن يبني التعليم والاقتصاد ويراهن على الاجيال حتى يأخذوا مكانهم واحترامهم. بالطبع هذا ليس يسير حينما تكون هناك مستوطنات وانتهاك حرمات لا حدود لها مع غياب عدالة او مرجعية تردع. ومع ذلك الأمل لا ينقطع والاخيار من القادة والساسة والشعوب الحيّة لم ينتهوا، أمل يتطلب حصافة ودراية في فهم ثغرات واقتناص فرص في حينها.
الإعلام ومنصات التواصل
لها أكثر من مشهد، منها نبض لشعوب حيَّة قريبة وبعيدة في المعمورة تراها تظهر وتنتصر لصيحة المظلوم، هي يقظة فطرية إنسانية ترفض الظلم وانتهاك حقوق الإنسان. وهذا مُطَّرِد إيجابي التفاعل، يكبر مع الزمن كلما تَغوَّل الظلم، ولله في ذلك حِكمة. ومشهد ثاني فيه من يُسابق في بث التأثر والتأطير يستهدف الأفهام ضمن رؤى واهداف مرسومة تشترك فيها قوى الشر. ومشهد ثالث آخرون ينتظروا قطف ثمار سهلة، دونما كثير عناء او عواقب تطالُه، هؤلاء يملكون التوائية ذكاء في استغلال المواقف في غيبة الوعي. ومشهد رابع تكرار ظاهرة تندس وتبرز فيها ثعالب لا خير فيهم، السنتهم حِداد ولهم سباب وشتم يوغر الصدر، يمتطي تأويل مريض دونما برهان فيه دراية وإحاطة توثيق، يبعدون القريب ويقربون البعيد، يفعلون ذلك والحاجة تتطلب كل صوت اصيل ودعم سبيل، يسخرهم من يريد الفرقة وابعاد من يبسط يده لهم. يتمنون تغييب صادق النية الذي يُسِخَّر وسائله ومحافل اتصالاته العابرة للامم نصرة للمظلوم. تدهش في ظل هذا ان ترى أحدا من يُنكر فضل الأخيار وهم ليسوا أهل منَّة. ولطالما صانعوا الواجب صبروا على نقض العهد ورد الوصل بالصد، ولكنهم تربطهم عُرَّى النخوة العربية والأخوة الاسلامية. مشهد لا تتمناه في ظل صراع وجودي، يتطلب النظرة للكليات لتصمت بعض زعامات سياسية في ساحة المظلومية بمسوح دينية، وزينة حياة هم فيها يتقلبون، ينكرون لأهل الفضل فضلهم، ويخطئون في بوصلة ثقتهم بالذين تفضحهم شواهد الامتحان وإن قدموا فُتَاتهم، الذين هم بارعون بكثرة كلام وزعم صنائع إذا حمى الوطيس.
النضج السياسي
هو ذاك الذي احترف قراءة الواقع وملابساته وباطن الدوافع والمصالح في الازمات والحروب. نضج يُكوَّن فهم يرسم من خلاله خريطه الموازين والاصدقاء والأعداء والمحايدين. هذا الوعي يحصنه من الوقوع في فخ التأثر باي طرف او ماكنة اعلامية ومعلوماتية مُتخفية ماكرة. النضج السياسي لا بد ان تحوطه افهام تدرك ان درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والأشد يزال بالأخف، والضرر يدفع بقدر الإمكان، والضرر لا يزال بمثله، وإذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما. هكذا هي في اصولنا وتشريعاتنا الاسلامية.
افتعال الأزمات والأراجيف
تتولاها دول وأصحاب مصالح ونفوذ واعلام. وهؤلاء يتكشفون مع الزمن، والتاريخ يُحدثنا عن تكرار مثل ذلك، فتعلُّم الدروس حكمة وحنكة يمنع قبول الأراجيف، وتعظيم أهل العداوة، بل يثق بمواقف وقدرات وطنه ولحمة شعبه.
الدهاء والمكر
يخدم مصالح المتربصين بأمتنا وأمننا، فلا نفسح طريق للاختراق حينما ننقل المقولات والشائعات والمصورات. فكثرة تكرار تداولها تحفر ساقية في العقل الباطن لإثارة لبس وتشويش، وتبذر التهيَّب من قدرات الخصوم وتقزيم إمكانات الأمة. ونحذر من سطحية تبادل المراسلات دون معرفة مصدرها او القدره على توثيقها. فهذه آفة سلوكيه قد يحمل الناقل إثمها.
الوطن
هو الذي نحبه ونواليه ونؤمن بقدراته ونثق بقادته وقيمه. وجودنا مرتبطه فيه، لذا هو أمانة؛ مقدسات وشعبا وعِرضا وأرضا، لا نقول ذلك مجاراة او مزايدة وطنية انما قدر نفخر به. وهو عاضد لانتمائنا العربي الاسلامي في النصرة والعون وأخذ ما هو ممكن في رد ظلم ودفع مفاسد طالت قضايا امتنا العربية الاسلامية. نعم كل ارض عربية اسلامية او مقدس او بشر هم في مآلات الفهم والتبصر والنصرة مبدأ نعتقده ونفهمه، كما هو الدور الإنساني في اطاره الاوسع الذي نتشاطر فيه العيش مع الأمم.
الوطن هو جذور الأجداد وأمل الأجيال، هو الهواء والماء نحيا به ونقاوم في حفظه، ونصبر ونتعاضد في تقوية لحمته، ونبرء من الخذلان والتردد في نصرته.
اللهم أرحم الشهداء، والطف باقدارك الضعفاء، وقوى عزائم الصابرين المحتسبين، واجعل لهم عاقبة المتقين والتمكين.
(ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) سورة الأنبياء.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |