العدد 6035
الأربعاء 23 أبريل 2025
خربشة ومغزى.. "الكَيْدُ.. عدو مُخادع"
الأحد 10 ديسمبر 2023

الكَيْدُ من المكيدة ومعناه الخبث والمكر، والكيْدُ كذلك الاحتيال وبه سُميت الحرب كَيْداً. ويُقال فلان يكيد امراً اي يحتال له ويسعى له ويخْتِلُهُ. الكيد فيه ظاهر وأكثره خفي، وهذا يدفع للتأمل والتدبر عند أهل الاتزان العقلاء. وأيامنا كثُر تجاذب الحديث والإدلاء في كلّ ما طار ووقع من احداث مغمورة بكيد وتربص يطال كينونة الأوطان والشعوب. ولهذا ينبغي أن يُعمل العقل في قبول او ردّ ما يُنشر ويُقال خصوصا ما كان منه مجهول المصدر او التوثيق له يتعذر.   

المرء في غمرة الحنق على الكائدين احيانا يندفع ويكثر التشنيع فيهم، وهذا ردّ فعل قد لا يتعدى أثره حال شاة سلخها لا يضر بعد ذبحها. والأبقى أثراً تجاه أهل الكيد والتربص هو استخدام الفكر والمنطق في تفنيد الحجة بالحجة، وتوظيف حقائق وأدلة مع الند والمُتربص والمُخالف. وهذا الأداء يكسب مساحة أوسع في الأفهام خصوصا؛ اذا تداخلت المكائد وإثارة الالتباسات. وبالطبع الرد الأمثل الذي يوجع الكائدين إذا تم فيه استهداف البلدان هو؛ الالتفاف حول اللحمة الوطنية وتعزيز الهوية وثوابت الوطن.

النضج في التعامل مع المتربصين هو عدم الانجذاب للشخصنة او تشّهي التقبيح، ونفسح للزمن ان تدور فيه رحى الأقدار، لاستيفاء مجريات الأمور، وتكشف الخواتيم، وندع لأهل الاختصاص مهمتهم.   

العدو والمخادع يفرح احياناً إذا أشغل الغير، وأصبح هو فقط الهمّ والسقف في مسارات الأحداث، وهو بذكائه يتأمل ردود الأفعال، ويسبر غور الأفكار والمنطلقات، ومن ثم يرسم سايكوليجية الأطراف المستهدفة، ويتأنئ في النفوذ في دخول الثغور والعواطف.

الأمم تبني نفسها بالتخطيط ورسم الأهداف والوسائل، وتبويب الأولويات والموازنات بين الصعب والممكن، والتحلي بطول نفس لإنتظار النتائج. 

والأمم الناضجة لا تكثر استعداء لم يأتِ أوانه او تعجل لمراحل لم يجهز التخطيط لها.

حيال التحدي مع مدلهمات الأيام يوظف الفكر والإعلام لحفظ الوطن وأهله وولاته. ولا تُفتح أبواب الثغور وتحريض الكلام مثل خبز يلعن عجينه، ودلالة هذا المثل ان أصل الخبز من العجين ولولاه لم يكن فلماذا ينكر فضله. وبذلك يكون الانتماء والولاء وعقيدة الفداء سلوك. بل الذود في اللسان والقلم والتراسل والمجالس هو ما يقوي اللحمة المجتمعية، ويدرء مراد التمويه بتقزيم الهوية والمقدرات والمنهج.

نحذر الالتباسات والازدواجية وذلك حينما تدفعنا الأيدلوجيات للتعلق بالولاء خارج الأوطان رغم عدائها لنا، او ننتشي لإنجازات من هم على مسار لا يوافقنا.هذا التعلق او الانتشاء بالخارج إذا طالنا جاذبيته نتفحص باطننا، ونسأل هل نرى الوطن الذي نتمني اليه نهبه مثل ما نفعله للغير في الوجدان؟ وهل نقدم بلدنا على هؤلاء كسقف قياس. وفي اجوبة هذه الأسئلة وغيرها قد نحتاط من الوقوع في فخ خلط المفاهيم. 

ومن الفهم السويّ كذلك ان رؤى نقد الذات داخل الوطن وتصحيح الأفكار والأعمال مطلوب بل مُلزم، ضمن الحكمه وفطنة التنزيل والتوقيت والقنوات الصحيحه. والوطن دائما حاضن للصادقين ولكل من يريد الخير له.  

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .