الأمازيغ قومية مائزة عمَّرت من قديم الزمان، غالبت تقلبات الدهر، وتدافعت مع غيرها عبر الزمن، انتشروا في بلاد امتدت في اثني عشر بلدا تمتد من غرب مصر الى أقصى الشمال الأفريقي، ومن البحر الأبيض المتوسط الى جنوب النيجر. هم كذلك كمجرى ماء يشكلون أقلية لها قيمة وأصالة بين اقرانهم في منطقة شمال افريقيا، تكاثرهم قرابة 25% بين ساكنة الجزائر وأكثر من 35% في المغرب.
اما أصول الأمازيغ يغلب عند المؤرخون رجوعهم لأصول مشرقية، وإنهم أتوا كقبائل إلى منطقة شمال افريقيا قبل 9 آلاف سنة شكلت قبائل وممالك عديدة. الأمازيغ تعرضوا فيما بعد للإحتلال الروماني، وعرفوا التمسيح ودخلوا تحت الهيمنة الوندالية، وهي احد القبائل الجرمانية التي اقتطعت جزءا من الامبراطورية الرومانية في القرن الخامس ميلادي، وأسسوا دولتهم وعاصمتها قرطاج، التي تعود تاريخيا الى الكنعانيين (الفينيقيين)، بعدها تعرض الأمازيغ لقوافل الفتح الاسلامي في العهد الاموي، قبل كثير منهم الإسلام في أقل من قرنين من الزمان.
أسم الأمازيغ هو ما يؤثروا أن يطلق عليهم كاسم، وكلمة مازيغ مفرد وَيُحمل في اللغة ألأمازيغية على معنى الإنسان الحر النبيل، او ابن البلد وصاحب الأرض ويُحتمل عند بعض المؤرخين ان اسمهم ينسب الى جدهم مازيغ.
اما أسم بربر هو تحريفا للصفة اللاتينية باباروس اي الأجنبي الذي لا ينتمي الى الثقافة الإغريقية، وكذلك فعل الرومان في إطلاق أسم البربر على ما لا ينتمي الى منظومة حضارتهم وظل هذا اللفظ لصيقا بهم حتى الفتح الاسلامي. هناك اختلاف في أصول البربر عند المؤرخون .
إلا أن ابن خلدون المُتوفى عام 1406م يدفع برأى في كتابه؛ تاريخ ابن خلدون المسمى(العبر وديوان المبتدأ والخبر في ايام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الاكبر) قائلا؛
"والحق الذي لا ينبغي التعويل على غيره في شأنهم (البربر) أنهم من ولد كنعان بن حام بن نوح كما تقدم في انساب الخليقة وان اسم ابيهم مازيغ".
اللغة الأمازيغية تدخل في أسرة اللغات المسماة الحامية السامية والتي تضم اللغة المصرية القديمة (والقبطية هي شكلها الحديث) والسامية لوجود عناصر تقربها لبعضها سواء بالتشابهات المعجمية او في بناء الأفعال والتصريف والهيأة الثلاثية في جذور الكلمات.
يتقسم الأمازيغ الى فروع في الشمال الأفريقي فالطوارق؛ هم البدو الأمازيغيون الأصليون في الصحراء الكبرى. والزنتان؛ قبائل امازيغية تقطن في شمال غرب ليبيا. والمور؛ هم أمازيغ السكان الأصليين لموريتانيا. والصحراويون؛ هم أمازيغ الصحراء الغربية.
حينما يُذكر الأمازيغ يبرز اسم من مشاهيرهم كطارق بن زياد المُتوفي عام 720م، وهو قائد الفتح الاسلامي لشبه جزيرة آيبرية (اسبانيا والبرتغال وجبل طارق حاليا) بأمر من موسى بن نصير والي افريقيا في عهد الوليد بن عبدالملك اثناء الخلافة الأموية. ويُنسب جبل طارق اليه الموضع الذي وطأه جيشه في فتح الأندلس. ومن البارزين منهم ايضا ابن بطوطة المُتوفى 1377م والمولود في طنجة، رحالة ومؤرخ وقاضي وفقيه، طاف في البلاد العربية وفارس وبلاد ما وراء النهر وبعض بلاد الهند والصين وجاوه واواسط افريقيا ودَوَّن رحلته بكتاب؛ "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار " التي ترجمت الى لغات عديده في العالم. وابن رشد من الأمازيغ والمتوفي عام 1198م ويُطلق عليه "Averroes" أي الشارح لان الغرب استطاع أن يفهم فلسفة "أرسطو" للعلم والطبيعة وما بعد الطبيعة عن طريقه. وهو مولود في ملقة الأندلس جمع ما بين علوم الطب والفقة والفلك والفلسفة وبين الفطنة السياسية. ويُنسب كذلك لهم ابن منظور المُتوفي سنة 1311م، وهو صاحب المعجم التحفة لسان العرب. وعالم النبات والصيدله والطب ابن البيطار أمازيغي مولود في ملقة بالاندلس وتوفي عام 1248م، وهو أميز عالم.
ومن الاحداث التي دَوَّنها التاريخ عنهم نصرة قبيلة كتامه الأمازيغية لعبيدالله المهدي مؤسس السلالة العُبيدية والدولة الفاطمية الإسماعيلية (909-1171)م، واتخاذ المهدية عاصمه وهي على الساحل الشرقي لتونس وبعدها أسسوا القاهرة عاصمتهم الجديدة. وكذلك تاسيس الأمازيغ دولة الموحدين(1121-1269)م وهم من قبيلة صنهاجة الامازيغية، حكمت الغرب والجزائر وليبيا وتونس والأندلس وعاصمتها مراكش.
التعريب للامازيغ حدث بعد الفتح الاسلامي ويُنسب معظمه لقبيلة بني هلال في القرن الحادي عشر ميلادي، وبني هلال هي قبيلة هوازنية قيسية مضرية عدنانية رحلوا عبر الزمن
من أواسط نجد ثم الشام فمصر واستقر بهم المطاف في بلاد الشمال الأفريقي. وكذلك موجات الهجرة اللاحقة لبني سليم وهم قبيلة قيسية مضرية عدنانية رحلوا من الحجاز ونجد. وبني معقل ويُرجَّح نسبهم الى مضر بن نزار القبيلة العدنانية رحلوا مع بني هلال واستقروا في جنوب المغرب.
يبقى الأمازيغ لهم جذور في أعماق التاريخ الإنساني بعاداتهم ولغتهم وثقافتهم، بل وأضافوا في حركة التاريخ والأحداث، واسهموا في لحمة الأمة الاسلامية. وامتدادهم في الحاضر عامر بنخبهم العلمية والفكرية والأدبية والاثراء الثقافي في الجامعات والمؤلفات، ويدفعون بهويتهم وتميزهم في الشعوب المعاصره.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |