اهتم العرب المسلمين بسياحة الأرض واكتشاف البلدان، وبرز فيهم رحالة ذكرهم امتد عبر تأليفهم. وابن بطوطة احدهم واشهرهم، وكتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" أيقونة المؤلفات في أدب الرحلات كثُرت تراجمه، وذكرته جامعة كامبريدج في اطالسها وخرائطها أنه امير الرحالة المسلمين. ابن بطوطة أسمه محمد بن عبدالله اللواتي الطنجي أمازيغي، وهو مؤرخ وقاضي ورحاله ولد في طنجة بالمغرب عام 1304م. قيل أخذ كنيته بابن بطوطة نسبة لأمه فطومة ليتحور الاسم بعدها بطوطة. بدأ رحلته الميمونة من طنجة قاصدا مكة لأداء فريضة الحج عام 1325م فطاف بلاد المغرب ومصر والحبشة والشام والحجاز وتهامه ونجد والعراق وبلاد فارس واليمن وعمان والبحرين وتركستان وما وراء النهر (نهر جيحون اسيا الوسطى)وبعض بلاد الهند وجاوة والصين ومنغوليا وأواسط أفريقيا. صرف من عمره في الترحال قرابة ثلاث عقود.
ابن بطوطة بزَّ اقرانه في زمنه متميزا على من قبله ومن أتى بعده، وأسدى البشرية تحفة فنية تصويرية بأدب الرحلات، ووصف البلدان ذاكرا طبيعة المناطق التي زارها مبينا عاداتها وتقاليدها السائدة شاملا بذلك عامة الناس الغني والفقير، وما تأتى له من مخالطة الحكام وأصحاب النفوذ. ولا غرو اذا قيل أن ابن بطوطة هو المسافر الاكبر في تاريخ البشرية نظر للعالم بعين ثاقبة وفلسفة نادرة هكذا وصفته مجلة الغارديان البريطانية.
مشاهير الرحالة منهم؛
المسعودي المولود في بغداد عام 896م وهو من نسل الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود صاحب المؤلف الشهير "مروج الذهب"وهو في التاريخ والجغرافيا والرحلات التي قام فيها. وابن فضلان واسمه احمد بن العباس بن راشد بن حماد البغدادي ولد في بغداد عام 877م دوَّن رحلته بتكليف الحاكم العباسي المقتدر بالله الى بلاد الترك والروس والصقالبة، التي تعتبر من اندر الرحلات العربية التفصيلية عن تلك الديار وهي مرجع أساسي للباحثين وألهمت هوليوود بفلم The 13th Worrier المحارب الثالث عشر. رسالة رحلته ظهرت في كتاب اسمه "رحلة ابن فضلان الى بلاد الترك والروس والصقالبة". وابن جبير ولد في بلنسية بلاد الأندلس عام 1145م واسمه محمد بن احمد بن كبير الكناني القبيلة المضرية العدنانية قام برحلات للمشرق العربي مكة والكوفة وبغداد والموصل ودمشق وحلب ومن ثمّ توجه نحو غرناطة والقاهرة وبيت المقدس والإسكندرية حيث توفي فيها واشتهر بالوثائق التي كتبها تمتاز بحسن الملاحظة وصراحة العبارة ضمها كتاب "رحلة بن جبير". المقدسي محمد بن احمد المقدسي ولد في القدس عام 947م صاحب كتاب "احسن التقاسيم في معرفة الأقاليم"سطر فيها رحلاته في البلدان. ونختم بابن حوقل الذي عاش في القرن العاشر ميلادي واسمه محمد بن حوقل الموصلي ولد في نصيبين تركيا حاليا ولم تُعرف سنة ميلاده تحديدا وألف كتاب قيم اسمه "المسالك والممالك".
ونرجع لابن بطوطة صاحب الترحال الطويل والمتنوع. إذ نأخذ اختصار ما قاله في رحالاته لمنطقة الخليج العربي حيث كانت مرّتين خلال عام 1330م وكذلك عام 1348م، والتي وصف فيها قريّات وشبا وهي السِّيْب الحاليّة وكذلك دبا وكلبا وخورفكّان وصحار اذ ذكر أنّها كلّها ذات حدائق وأشجار نخل، ووصفها بالحُسن ثمّ تكلم عن هرمز التي وصلت في زمنه إلى أقصى درجات القوّة والاتّساع واستطاعتْ فرض سلطانها على قيس(جزيرة بالخليج العربي استعمرتها ايران)، وأشار إلى الانقسام السياسي في هرمز بين السلطان قطب الدين وابن أخيه نظام الدّين، وأفاض الرحّالة بن بطوطة في مدح جزيرة قيس العربية وامتدح أسواقها ثمّ مرّ بسيراف ثم البحرين التي وصلها من سيراف، وذكر أنّها مدينة كبيرة حسنة ذات بساتين وأشجار وأنهار وماؤها قريب يُحفر له بالأيادي، وبها حدائق النخيل والرمّان والأترج ويزرع بها القطن، ثم اتّجه إلى القطيف، وقال هي مدينة كبيرة ذات نخل كثير يسكنها طوائف من العرب ومنها غادر إلى الأحساء أو هجر وأشار إلى كثرة نخيلها.
زار "ابن بطوطة" عام 1283م بلاد "الهوله" ومكث في قرى"خنج ولاور"، وكتب عن العلماء واحتفاظ أهلها بعروبتهم وتقاليدهم. حيث أهتم عرب فارس بالمدارس والعلوم الدينيه، وبرز منهم الكثير من العلماء والقضاة الذين يطول حصرهم بل لا زالت سلالتهم العلمية الآن منتشرة في دول الخليج العربي، ولها مكانة عند الحكام والناس. مثالا لا حصرا اشتهرت"كوهج" بمدارسها الدينية إذ يعد لها الفضل بنشر العلم والشافعية في بلاد فارس كلها.
ابن بطوطة
طوى في أسفاره لمن تأمل في كتابه مسافات تقارب 120,000كم ولبلدان تزيد عن 40، وهذا نادر في التاريخ المدَّون المعروف، بل تجاوز ما عُرف من أسفار في عصر توافر المكائن البخارية لذا خُلد صدى اسم ابن بطوطة للأجيال وهو القائل؛ "السفر يعطيك منزلا في آلاف الأماكن الغريبة ثم يتركك غريبا في أرضك ومن يعيش يرى ومن يسافر يرى أكثر"
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |