قد يكون هذا المقال مهم للطلبة المقبلين على الدراسة الجامعية في جميع التخصصات، حيث سنحاول وضع الطالب المستجد في الصورة والإطار الجامعي قدر الامكان. وكما هو معروف فإن أول جامعة في العالم موجودة في المغرب العربي وتسمى بجامعة القرويين والتي أسستها فاطمة الفهرية عام 859م، وهي جامعة تقع في مدينة فاس بالمغرب، وتُعتبر وفقاً لليونسكو وبناءً على تصنيفات كتاب غينيس للأرقام القياسية أقدم مؤسسة تعليم عالٍ وأول جامعة تمنح إجازة في الطب في العالم وهي ما زالت تُدرَّس حتى الآن دون انقطاعٍ.
ومن أبرز الأشخاص الذين درسوا بجامعة القرويين، المؤرخ عبد الرحمن ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع الحديث، والطبيب والفيلسوف أبو الوليد أبن رشد المعروف بابن رشد، وأبو بكر محمد بن يحيى بن الصائغ بن باجة التجيبي الشهير باسم "أبن باجة"، الذي يُعد من أبرز الفلاسفة المسلمين، والطبيب الأندلسي موسى بن ميمون، ومحمد الطائي الإدريسي وغيرهم الكثير.

تعريف الجامعة: أصل مسمى "جامعة" هي كلمة مشتقة عربياً من كلمة "الاجتماع" أي الاجتماع حول هدف ألا وهو هدف التعليم والمعرفة، أي يمكننا القول إن الجامعة هي مؤسسة للتعليم العالي والبحث العلمي، وهي تمنح درجة علمية أو إجازات أكاديمية لخريجيها ممن أكمل المتطلبات الجامعية حسب لوائح وقوانين الجامعة من خلال المؤسسة أو الهيئة المنظمة لها.
مرتكزات الجامعة: وتُعَبِّر أغلب الجامعات الرصينة عن رؤيتها ورسالتها بنصوص واضحة، من خلال تحويل كلٍ من الرؤية والرسالة إلى قيم أساسية وأهداف إستراتيجية، حيث أنَّ النصوص المُعبِّرة عن رؤية ورسالة الجامعة التي ترتبط بالوظائف الأساسية الثلاث التي يُفترض أن تقوم بها أيّ مؤسسة متخصصة في التعليم العالي وهي: (التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع). أما على مستوى السياسة العامّة في مملكة البحرين، فإنَّ جودة الأداء المؤسسي وجودة البرامج الأكاديمية أصبحت الآن من المحاور التنافسية في قطاع التعليم الجامعي، وتعود على الاقتصاد الوطني بعوائد مالية تصب في الناتج المحلي الإجمالي (GDP). لذا فإنَّ بعض مؤسسات قطاع التعليم الجامعي تقوم بعملية اختبار للعلاقة بين إستراتيجيات التميّز وتحقق الوظائف الأساسية الثلاث لقطاع التعليم الجامعي. الجذر بالذكر فإن مملكة البحرين لديها منظومة متميز لمتابعة مخرجات التعليم العالي هي، أولاً: مجلس التعليم العالي، ويختص بالشئون الجامعية من مختلف جوانبها الإدارية والعلمية والبحثية والطلابية، بما في ذلك إعداد السياسة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي، كما تقوم بوضع الأسس العامة المتعلقة بقبول الطلبة في مؤسسات التعليم العالي، وكذلك بحث واقتراح تعديل قوانين وأنظمة التعليم العالي في ضوء تطور السياسات العامة في المملكة، بالإضافة إلى النظر فيما يواجه التعليم العالي من صعوبات واقتراح الوسائل الكفيلة بتذليلها، ووضع الشروط والمعايير للترخيص لمؤسسات التعليم العالي على مختلف أشكالها، وإصدار اللوائح والقرارات المنظمة للشؤون الأكاديمية والمالية والإداريـة المتعلقة بالتعليم العالي. 
ثانياً: هيئة جودة التعليم والتدريب (BQA) بموجب التفويض المخوَّل لها من الدولة، وهي الإدارة المسؤولة عن مراجعة أداء قطاع التعليم الجامعي وبرامجه الأكاديمية، حيث أنَّ الإدارة تقوم بكتابة التقارير التي تستهدف تحسين جودة التعليم الجامعي في البحرين، وتتم عملية مراجعة جودة هذا القطاع بشفافية تامة وفقاً للممارسات العالمية من خلال خبراء في مجال التعليم الجامعي، وكذلك عملية فحص وتقييم هذه الإجراءات بشكل مستمر لضمان جودة الخدمة المقدمة من المؤسسة التعليمية المُراد تقييم جودة أدائها، وذلك وفق مجموعة محددة من مؤشرات الجودة التي تعمل على تحديد مَواطن الضعف والقوة في هذه المؤسسة التعليمية. كما ويدمج الإطار الوطني للمؤهلات (NQF) وينسق الأنظمة الفرعية للمؤهلات الوطنية، ويُحسن الجودة، والشفافية، والقبول، والتقدم بين مسارات المؤهلات، حيث تخضع كل جامعة في البحرين إلى مراجعتين، مراجعة البرامج الأكاديمية والمراجعة المؤسسية، وتُبلغ الجامعة من خلال تقرير كتابي مكون من عدة بنود نختصرها في الأحكام الخاصة بكل مؤشر وهي: 
مستوفِ: استيفاء جميع متطلبات وتوقعات المؤشر التي تنطبق على البرنامج.
مستوفِ جزئياً: استيفاء معظم متطلبات وتوقعات المؤشر التي تنطبق على البرنامج، بما في ذلك التوقعات والمتطلبات التي لها أكبر الأثر على جودته وتقديمه والمعايير الأكاديمية.
غير مستوفِ: عدم استيفاء معظم متطلبات وتوقعات المؤشر التي تنطبق على البرنامج، بما في ذلك التوقعات والمتطلبات التي لها أكبر الأثر على جودته وتقديمه والمعايير الأكاديمية. ويمكنك عزيزي الطالب الرجوع إلى موقع www.bqa.gov.bh للمزيد من المعلومات.

هذا ولكل جامعة تخصصات أو مساقات تنفرد بها نوعاً ما عن باقي الجامعات كقيمة مضافه لها سواء كانت جامعات حكومية أو أهلية، في حين تتألف أغلب هذه المساقات التي سوف يدرسها الطالب إلى 3 مجموعات، المجوعة الأولى هي متطلبات جامعة وهي المقررات التي يجب أن يدرسها كل طلاب الجامعة مثل، (مقرر تاريخ البحرين، مقرر حقوق الانسان)، أما المجموعة الثانية فهي متطلبات الكلية وهي المقررات التي يجب أن تُدرسها جميع طلبة الكلية، مثل متطلبات كلية إدارة الأعمال وهي على سبيل المثال وليس الحصر (إدارة 1، الموارد البشرية، محاسبة1)، أما المجموعة الثالثة فهي متطلبات القسم وهي مقررات التخصص والتي سوف يدرسها الطالب في تخصصه الدقيق، مثل تخصص المحاسبة (المحاسبة الإدارية، محاسبة تكاليف) وفي الغالب تكون هذه المقرر للسنة الدراسية الثالثة والرابعة مع العلم بأن بعض هذه المقررات لها مقرر ما يسمى "بالمقرر سابق أو متطلب سابق" "Pre request" حيث لا يمكن مثلاً دراسة مقرر إدارة 2 إلا بعد اجتياز مقرر إدارة 1، هذا وتختلف شروط القبول من جامعة إلى أخرى حسب متطلبات الجامعة أو التخصص مثل: امتحان تحديد المستوى، أو المقابلة الشخصية، أو اللياقة البدنية وغيرها من أمور.

والآن سوف نستعرض العناصر أساسية التي يحتاجها الطالب للدراسة في الجامعة بشكل عام، وهذه العناصر هي: القدرة والرغبة والفرصة والاستشارة!
أولاً القدرة: وهي مقدرة الطالب على النجاح في التخصص، والقدرة هنا تشمل عدة جوانب منها (التحصيل الأكاديمي والجانب الشخصي وأيضاً الجوانب التي تحتاجها الوظيفة المتوقعة بعد التخصص).
ثانياً الرغبة: هي رغبة الطالب وشغفه لدخول تخصص ما دون أخر، وما هي نقاط القوة، الفرص المتاحة، نقاط الضعف، وتهديدات للتخصص. ومن الأفضل للطالب المستجد عدم الاصغاء أو التبعية للزملاء والجماعة أو ما يسمى بالشلة (ابتعد عن أي تخصص لا تحبه ولا يتوافق مع قدراتك العلمية والبدنية).
ثالثاً الفرصة: هل التخصص مطلوب في المستقبل وهل تتوفر له وظائف واعدة؟، أيضاً الانتباه إلى عملية الترقي للوظيفة (السلم الوظيفي).
رابعاً الاستشارة: هي عملية الرجوع إلى أصحاب الخبرة والمعرفة في المجال الأكاديمي والعملي، والتشاور معهم وطلب مساعدتهم للمفاضلة وذلك لاختيار التخصص المناسب، سواء كان من الأهل أو الأصدقاء أو المعارف، أو يمكن الاستعانة بمكاتب متخصصة في هذا المجال.

عزيزي الطالب، تأكد قبل التسجيل في أي مؤسسة تعليم عالِ بأن هذه الجامعة أو هذا البرنامج من ضمن البرامج المعترف بها من خلال موقع الحكومة الالكترونية (Bahrain.bh) أو من خلال مراجعة الجهة المختصة في وزارة التربية والتعليم (مجلس التعليم العالي)، كما يمكنك زيارة موقع كيو إس (QS) العالمي لتصنيف الجامعات لتتعرف على تصنيف الجامعة التي تود الدراسة فيها، فهذا يعطي قيمة أكاديمية ومعنوية على مستوى عالمي.

كما أود أن ألفت أنتباه الطالب لأمر في غاية الأهمية، إن مبنى المكتبة الجامعية في الحرم جامعي هو ليس من باب الترفيه والبهرجة المعمارية أو هو ليس بمكان للاجتماع وليس مكان لتضيع الوقت أو مكان للترفيه، يجب أن تضع في اعتبارك بأن المكتبة الجامعية تلعب دوراً مهماً وبارزاً في خدمة البحث العلمي وتقدمه، وأيضاً هي المكان الذي تقوم فيه أنت بزيادة التراكم العلمي والمعرفي لديك من خلال الاطلاع وشغف المعرفة الذاتية، فنلاحظ بأن إدارة المكتبة جامعية تسعى جاهدة لتوفير مجموعة من الكتب والمراجع النادرة والرسائل الجامعية والمخطوطات والمجلات العربية والأجنبية في عدة مجالات وترصد إدارة الجامعة للمكتبة الجامعية في كل عام ميزانية لتوفير الكتب والمراجع الحديثة في أغلب التخصصات، في نفس الوقت تضم المكتبة الجامعية عدداً كبيراً من المراجع التي لا يستطيع الباحث اقتناءها إما لارتفاع سعرها، أو لصدورها منذُ فترة طويلة مضت، كما وتقدم المكتبة الجامعية خدمة الاطلاع على الرسائل الجامعية التي نوقشت في كليتها أو اهديت لها من الباحثين أخرين من خارج الجامعة، ومن خلال ما سبق فإن الخدمات التي تقدمها المكتبة الجامعية له أهمية في دفع عجلة البحث العلمي، والعمل على تطوير الخدمات التي تقدمها مما يكون له أكبر الأثر في خدمة البحث العلمي ورفعة الوطن.

نصيحة أخيرة، كل إنسان لديه تجربته وتفضيلاته، وما يستطيع تحمله من أعباء ومهام، لذلك استمع جيداً للأخرين، وليكن اختيارك وقرارك حسب ما يناسبك، وعليه اختر التخصص الذي يجعلك دائماً شغوف تجاه ما تقوم به، وبذلك سوف تتمكن من اختيار التخصص الجامعي الأنسب لك.

والآن عزيزي الطالب، هل أنت مستعد لخوض أجمل تجربة دراسية؟

*أكاديمي بحريني